يبدو أن المنطقة تتجه فعلاً لشرق أوسط جديد، لكن ليس ذاك الشرق الجديد الذي جاهد الصهاينة لصناعته، ودفع الأمريكان نحو تعميده، وساهم الروس أيضاً في المخطط، بل شرق أوسط جديد بقيادة عربية سعودية، يُؤمن مجتمعاتٍ مسالمةً وأمناً واستقراراً. اليوم يقف العرب على أعتاب مرحلة جديدة، مرحلة تحولوا فيها من حقل تجارب، إلى صُناع قرار وأصحاب سيادة، لهم السلطة والقرار على أرضهم، ولهم حق السيادة متبوعين لا تابعين. هو عهد سلمان، الذي صنع الفارق وأحدث تغييراً جوهرياً في المنطقة، لتوه اكتمل العام وقليلا، فأحدث هذا الفارق الزمني القليل زلزالاً سياسياً وعسكرياً في المنطقة، به سُحب البساط من تحت أقدام اللاعبين العابثين في المنطقة، لتُصبح بيدٍ أمينة وحريصة عليها. طوال سنوات مضت كانت السيادة العربية منتهكة، والأمن القومي العربي مخترق، وعوامل الجغرافيا والسكان يجري استقطاعها على قدمٍ ساق ل "أفرستها وصهينتها"؛ فيما كان العرب يقفون مكتوفي الأيدي فاقدين القوة، عاجزين عن الحماية، ينتظرون الدور واحداً تلو الآخر. فيما مضى سقطت فلسطين لتغدو محتلة في أيادي الصهاينة، ثم سقطت بغداد الرشيد في أيديٍ إيرانية حاقدة، ومثلها دمشق الأموية وبيروت وصنعاء العربية؛ سقطت كل هذه العواصم في لحظة تغافل فيها العرب وتجاهلوا سقوطها، إما متقصدين أو فاقدين للقوة التي تحول دون سقوطها؛ لكن الحال اليوم لم يعد كما كان قبل عام. استيقظ المارد العربي الإسلامي الكبير، بقيادة سلمان بن عبدالعزيز واضعاً نقاط الحل على كل عثرات العرب، وماداً يد العون للأشقاء في كل مكان. عامٌ واحدٌ منذُ تبوأ سلمان الحكم صنع فيه أحداثاً جمة، غيرت وجه المنطقة للأبد، فبعد أن قادت المملكة العربية السعودية تحالفاً عربياً لاسترداد الشرعية في اليمن وردع الانقلاب الحوثي وقطع أياديه الموالية والتابعة لإيران، تحققت في هذا أولى خطوات استعادة الحق المسلوب في عواصم العرب الأربع المنتهكة من قِبل دولة الولي الفقيه في إيران. كان حدثاً مزلزلاً تفاجأ به الصديق والعدو؛ فلم يكن في حسبان أيٍ منهم أن تأخذ المملكة زمام المبادرة وتعتلي صهوة جوادها ملبية نداء الأخوّة في اليمن، ولم يعهد العرب حدثاً مماثل في العراق كان أو سوريا. اليوم بوصلة القيادة السعودية تتجه نحو بلدٍ عربيٍ آخر، تخطّفه الإرهاب من كل جانب، وتقاطر إليه دُعاته من كل فجٍ عميق، فبات كبحر متلاطم بالإرهاب وغارقٍ فيه. تخطو المملكة بثبات وعزمٍ لا يلين نحو بلورة خطة المشاركة العسكرية في سوريا لاستئصال الإرهاب بكل صنوفه وأدواته، وهي لا تفرق عن بعضها تعددت أسماؤه واتحدت أهدافه في قتل الشعب السوري. وبقادتنا العظماء، نقول: نعم؛ سيتشكل شرق أوسط جديد، ولكن ليس كما أراد الغرب الأوروبي الأمريكي والشرق الروسي الصيني، بل كما أراد الوسط العربي، كما أراد ربان السفينة العربية الملك سلمان بن عبدالعزيز. محمد عبدالله الصلاحي