يافع نيوز – العربي الجديد ما سبق ورافق الدعوة التي وجهها الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، لزيارة واشنطن، يسمح بالتكهن بأن لقاء البيت الأبيض لن يخرج عن النهج الذي حكم دور واشنطن في "عملية السلام" منذ اتفاق أوسلو (1993)، والذي يتمثل في "وساطة" أميركية تقوم على ركيزتين: تخدير السلطة الفلسطينية بالوعود، وتسويق المراوغة الإسرائيلية لمواصلة إفساح المجال لدولة الاحتلال بفرض سياسة الأمر الواقع على الأرض. فالإدارة الجديدة لا تملك "خريطة طريق" ولا حتى تصورا خاصا بها للحل. وكل ما صدر عن الرئيس ترامب أثناء الحملة الانتخابية يتمثل في أنه يفضّل "البقاء على الحياد"، ليكون بمقدوره المساعدة في "عقد صفقة"، وفق تعبيره، بين الجانبين. وفي هذا السياق، ألمح إلى صيغة الدولتين كإطار لمثل هذه الصفقة المرغوبة. لكنه سرعان ما أسقط هذه الصيغة خلال لقائه الأول، الشهر الماضي، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو. وقال إنه يترك الأمر لتوافق الطرفين. عملياً، هو يترك الخيار لنتنياهو. وهذا الأخير كان واضحاً في طرحه وهو يقف في المؤتمر الصحافي إلى جانب ترامب، عندما ربط الحل بشرطين تعجيزيين: أولاً، ترك أمن الحدود مع الأردن بيد إسرائيل، ما يعني دولة فلسطينية بلا سيادة. وثانياً ضرورة اعتراف الجانب الفلسطيني بإسرائيل ك"دولة يهودية". لم يصدر عن الإدارة أي تعليق ولو غير مباشر على ما قاله نتنياهو. المسؤول عن الملف في البيت الأبيض، صهر الرئيس الأميركي، جاريد كوشنر، غائب تماماً عن الأضواء، أو بالأحرى مغيّب بحكم ضعف تجربته. ووزارة الخارجية لا أثر لحضورها حتى الآن، لا في هذا الملف ولا في غيره. كل ما حصل أن بعض المسؤولين ارتضوا اللقاء مع مدير الاستخبارات الفلسطينية، ماجد فرج، لوحده، أثناء زيارته مع مسؤولين فلسطينيين آخرين إلى واشنطن، في فبراير/شباط الماضي. وفي المقابل، التقى مدير "وكالة الاستخبارات الأميركية" (سي آي إيه)، مايك بومبايو، مع الرئيس عباس في رام الله، منتصف الشهر الماضي، أيضاً. وكان ترامب قد قرر تجميد- وليس إلغاء- نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدسالمحتلة. كما طلب من نتنياهو وقف الإعلان عن بناء استيطاني جديد، وسط معلومات بأنه توقف فعلاً. على هذه الخلفية والمقدمات جاءت المكالمة الأولى التي أجراها ترامب مع عباس. وترافقت مع موافقة لجنة العلاقات الخارجية على تعيين صديق ترامب، ديفيد فريدمان، سفيراً لواشنطن في إسرائيل. ومن المؤكد أنْ توافق أكثرية مجلس الشيوخ من الجمهوريين، الأسبوع المقبل، على هذا التعيين، ليتسلم فريدمان قريباً مهامه الرسمية. وهو غني عن التعريف لناحية عدائه لحل الدولتين وإصراره على نقل السفارة إلى القدس ودعم الاستيطان بلا حدود. مواقفه لم يتحملها حتى أعضاء مجلس الشيوخ من اليهود الديمقراطيين الذين اتهمهم، شأنهم شأن بقية اليهود الأميركيين المؤيدين لحل الدولتين، باعتبارهم "الحراس النازيين"، وفق تعبيره. Share this on WhatsApp