قال الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي إن القضية الجنوبية هي المحور الأساسي للحوار الوطني الشامل الذي بدأ أعماله صباح اليوم الاثنين. وامتدح تضحيات الشباب خلال العامين الماضيين، كما اعترف بفشل القيادة السياسية المتعاقبة على اليمن خلال العقود الماضية في بناء دولة حديثة. وقال هادي في كلمة ألقاها في اختتام الجلسة الافتتاحية للحوار في صنعاء مخاطباً أعضاء الحوار «قضيتكم المحورية والأساسية هي القضية الجنوبية وهي المفتتح لمعالجة كافة القضايا». وستستمر أعمال الحوار الوطني عدة أشهر بمشاركة 565 مندوباً يمثلون قوى سياسية واجتماعية يمنية مختلفة. ودعا هادي المتحاورين الذين يمثلون مختلف الأطياف اليمنية إلى البحث بجدية عن حلول لمشاكل البلد، محذراً في الوقت ذاته من فرض أي تصورات بالقوة. وقال هادي «أي تفكير لفرض أي تصور (…) بالقوة المسلحة لن يقود إلا إلى فشل ذريع وأخطاء كارثية ودمار كبير». وأضاف ان القواسم المشتركة التي تجمع الأطراف اليمنية أكثر مما يفرقها، مضيفاً ان المعاناة في شمال اليمن هي ذاتها فيه الجنوب وشرق. وقال هادي، وهو رئيس مؤتمر الحوار الوطني، إن حل القضية الجنوبية سيقود إلى صياغة عقد اجتماعي جديد. وخاطب أعضاء الحوار «نريد منكم دستوراً يخرجنا من كل ذلك، ويكفل لأبنائنا وأحفادنا أسس المعيشة الإنسانية الراقية». وذكّر بمذبحة جمعة الكرامة التي وقعت قبل عامين حين قتل قناصة ومسلحون موالون للرئيس السابق علي عبدالله صالح نحو خمسين شاباً في ساحة التغيير بصنعاء، والتي تحل ذكراها الثانية اليوم الاثنين. وقال هادي «تشاء الأقدار (…) كان قبل عامين يوماً فارقاً في ملحمة التغيير اليمانية، باستشهاد ذلك العدد الكبير من شباب اليمن الطاهر، ذلك الحدث الذي زلزل ضمير اليمنيين جميعاً، والعالم كله، فكانت البذرة الأولى للحل السياسي» المعروف بالمبادرة الخليجية، ناتجاً بذلك اليوم الدامي. وأضاف: «اليوم سيكون هو الآخر لحظة مفصلية خالدة» في تاريخ اليمن. وتابع «فأما أن يمضي اليمانيون نحو فجر جديد ومستقبل مشرق، أو العودة -لا سمح الله- إلى نفق مظلم لا تقوم لليمنيين بعده قائمة». ودعا هادي المشاركين في مؤتمر الحوار الوطني إلى فتح صفحة جديدة والتخلص من موروثات الصراع الماضية، طالباً منهم ألا يستحضروها إلا لأخذ الدروس والعبر والعظات، وأضاف «عليكم فتح صفحة بيضاء بقلوب مخلصة، وترك مكايد السياسة خارج قاعات الحوار، وتتمسكوا بنبل شباب اليمن الأطهار الذين انطلقوا في مختلف الساحات في البلاد ليعبروا عن نيتهم الصادقة في بناء دولة مدنية». واعترف بفشل القادة السياسيين خلال العقود الماضية، منذ ثورتي سبتمبر وأكتوبر مطلع الستينات، في بناء دولة مدنية حديثة، معبراً عن أمله في المتحاورين بأن يخرجوا ببناء أسس دولة مدنية حديثة تقوم على الشورى والعدالة الاجتماعية وسيادة القانون، وتستمد قوانينها «من شريعتنا الإسلامية الغراء التي تتصف بالمرونة والعدالة وترفض الغلو والتطرف وتلتزم حقوق الإنسان وتكفل الاجتهاد وتحترم العقل وتشجع التفكير وتكرس قيم العدل والمساواة». وقال متحدثاً عن أعضاء مؤتمر الحوار الوطني الشامل: «تم اخيتاركم بعناية كبيرة، لا لتكونوا فرقاء متخاصمين، بل فريقاً واحداً يعمل بكل صدق وإخلاص لإخراج اليمن من أزماته الأمنية والسياسية والاقتصادية»، داعياً إياهم إلى تجنب الانجرار إلى أي نوع من أنواع الصراعات الداخلية. وأضاف ان ما يزيد عن ثلثي أعضاء مؤتمر الحوار يحملون شهادات عليا، (بكالوريوس وماجستير ودكتوره)، وهذا يبعث على الافتخار. وكان الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي وصل في اللحظات الأخيرة للجلسة الافتتاحية، وقال في كلمة موجزة فور وصوله إن خللاً فنياً في الطائرة التي أقلته أجبرها على العودة إلى الرياض مرة أخرى لإصلاحه، قبل أن تقلع مرة أخرى باتجاه صنعاء، مؤكداً حرصه على حضور الجلسة الافتتاحية. وأضاف: «المثل اليمني يقول (المليح يبطي)»، وهو ما استجاب معه الحاضرون بالضحك والتصفيق.