منذ القرن التاسع عشر وحتى وقت لاحق كان هناك الكثيرون ممن يتوقون إلى رؤية إزالة اللفافات عن مومياء مصرية. ففي مانشستر عام 1908، تجمع نحو 500 شخص في إحدى القاعات لرؤية عالمة المصريات البارزة مارغريت موراي وهي تشرف على إزالة اللفافات عن جسد إحدى المومياوات بمتحف المدينة. لكن التطورات التي طرأت على علمي الآثار والمصريات وضعت نهاية لهذه الممارسات المدمرة التي تلحق أضرارا بالغة بأجساد المومياوات، غير أنها لم تضع حدا لرغبة الباحثين والجماهير في التعرف على المزيد من أسرارها. والآن، تمكن الباحثون في العصر الحديث من استخدام تكنولوجيا القرن الواحد والعشرين في إزالة اللفافات بطريقة افتراضية عن أجساد المومياوات دون إلحاق أي أضرار بها أو باللفافات نفسها. وترسل المتاحف حول العالم حاليا، بما في ذلك متحف مدينة مانسشتر، مومياواتها إلى المستشفيات لفحصها بالتصوير المقطعي باستخدام أجهزة الكمبيوتر، لوضع خرائط مفصلة لأجساد المومياوات، وإخضاعها لفحص الباحثين ودراساتهم. والآن، يمكن لزوار المتاحف بأنفسهم إزالة تلك الضمادات بطريقة رقمية حديثة. تشريح رقمي ويعمل متحفا فاسا ميوسيت، وآثار البحر المتوسط والشرق الأدني في استوكهولم مع مجموعة باحثين من المعهد التفاعلي السويدي لفحص مومياواتها رقميا في إطار الاستعدادات لعرضها الجديد والدائم أمام الزائرين. عملية المسح تقدم مزيدًا من البيانات والمعلومات عن عملية التحنيط التي جرت للمومياء وتُعرض الآن نتائج فحص إحدى المومياوات ، وهي لكاهن مصري قديم، على منصة تشريح رقمية في غرقة للتحنيط، وبجانبها بقاياها الحقيقية المحنطة، والتابوتان الخاصان بها. ويستطيع الزوار فتح التابوتين افتراضيا باستخدام هذه المنصة، وكذلك فحص كل طبقة من طبقات المومياء بداية من غطاء الكارتونغ (وهو الغطاء الرقيق الذي يلف المومياء من الخارج) حتى هيكل المومياء العظمي. وبإمكانهم أيضًا مشاهدة الطبقات المتعددة للتابوتين وجسم المومياء. وقالت صوفيا هاغمان، أمينة إحدى المتاحف، لبي بي سي، إنها ترغب في أن يتمكن الزائرين من رؤية هذه البيانات رؤية مباشرة دون الاعتماد على الباحثين لشرح ما يوجد داخل المومياء. وتعمل منصة التشريح الإلكتروني ببرنامج يطلق عليه المتصفح الداخلي، وهو البرنامج الذي طوره المعهد التفاعلي السويدي. وقال توماس ريدل، من المعهد السويسري، لبي بي سي: "يوفر المسح المقطعي الإلكتروني لجسد المومياء بيانات الجزء الداخلي لها، لكنه لا يعطي أي بيانات عن اللون أو سطح المومياء." وتقدم عملية المسح كذلك مزيدًا من البيانات والمعلومات عن عملية التحنيط التي جرت للمومياء. ويوضح المعهد السويسري أن مشروع الكاهن المصري القديم يقدم أحدث ما توصل إليه المعهد حتى الآن. وأضاف: " يجمع البرنامج البيانات من عمليات والمسح، والتي عن طريقها يتم التقاط صور ثنائية الأبعاد للتابوت وجسد المومياء من زوايا مختلفة لتقديم نموذج مسطح ودقيق ثلاثي الأبعاد، وذلك باستخدام برنامج متخصص في التقاط الصور الواقعية." وأضافت هاغمان: "تستطيع أن ترى آثار استئصال بعض الأعضاء الداخلية، وكذلك رؤية الأمعاء التي جرى تغليفها، مثل الرئتان والكبد، التي أعيدت مرة أخرى إلى مكانها." ومن الأعضاء التي لم تُحنط لجسد الكاهن المصري هي الدماغ، إذ يعتقد المصريون القدماء أن مركز التفكير لدى الإنسان هو القلب وليس الرأس.