منذ بداية ثورة الشباب الشعبية في مطلع فبراير 2011 وبالذات بعد جمعة الكرامة التي راح ضحيتها أكثر من 56 شهيدا في يوم أهتز له وجدان الشعب اليمني على تلك الجريمة البشعة بحق المصليين في ساحة التغيير ، كان يوما مهولا لا احد يصدق أن نهاية النظام ستكون بتلك الوحشية التي لم يراعي فيها القتلة الشرع والدين والعادات والتقاليد اليمنية الأصيلة. بعد مجزرة الكرامة تيقن للكثيرين من أبناء الشعب عسكريين وقبائل وشباب وشيوخ ونساء وأطفال أن اى نظام يقتل شعبة لا يستحق البقاء ، فخرج الملايين في شتى الساحات مطالبين بسقوط النظام ومحاكمة القتلة أمر لا مناط منه أبدا . ولقد أدرك صالح ونظامه أن الثورة الشبابية ستعمل على الإطاحة بنظام ظل يحكم 33 عاما بسياسة الولاءات ، عندها وقف في السبعين مخاطبا دول الخليج للتوسط بينه وبين ثوار الشعب ، وقام بإرسال وفود إلى الخليج ومعهم مبادرته التي عدلت مرارا لكنه لم يدرك تماما أن المبادرة ستقوم بسحب البساط من تحته ، كان صالح يظن المبادرة الخليجية مجرد مراوغة ومكر لإجهاض الثورة ، ومحاولة منه لإحراج اللقاء المشترك وشركاه أمام ثورة الشباب في الساحات ،بل كان يعتقد جازما أن اللقاء المشترك لا يمكن موافقتهم للمبادرة الخليجية . وعندما تفاجأ صالح بموافقتهم عليها وتوقيعها جن جنونه ماذا يعمل ما هي الحيل التي ينبغي أن يقوم بها لإجهاضها ، لذلك استخدم الكثير والكثير من المواقف الطريفة لسبب عدم توقيعه فتارة يتهم الزيانى بأنه لن يعامله معاملة رئيس دولة ، وتارة يتهم باسندوة بأنه ليس من اللقاء المشترك ،وغيرها من العصي والحبال التي وضعها ولم تجدي شيئا . وكم استطاع السياسيون في اللقاء المشترك التعمق فى فهم صالح ونظامه وتلاعبه خلال الفترة الماضية ،فأرادو أن يعطوه درسا في كشف المستور عبر سياستهم المتعمقة له ولنظامه ، وما كان يريد أن يعمله من إضاعة للوقت فقط أمام ثورة الشباب ، حيث قام قادة المشترك بالوافقة على المبادرة والياتها التنفيذية بمباركة بإشراف دول الخليج والعالم ، وبذلك استطاعوا حشر النظام في زاوية ضيقة ، جعلته يوافق على المبادرة الخليجية التي كان في بداية الأمر يستصغرها ويستخدمها كشجرة منقذة له يتسلق فيها من ثورة الشباب وينزل منها متى شاء وكأنها مسرحية فقط ضد خصومة السياسيين ومحاولة للالتفاف على قرار مجلس الأمن 2014 والذي يدعوا صالح إلى توقيع المبادرة الخليجية فورا وخلال المدة الزمنية المحددة . والوقع أن الثورة الشبابية في الساحات استفادة من توقيع صالح وخروجه من المشهد يعتبر تحقيق لأحد أهدافها ، بأقل التكاليف الممكنة ، فتطبيق المبادرة الخليجية رغم نظر البعض إنها لا تلبي رغبات الشباب ، لكن الكثير من المحللين السياسيين يعتبرها يعتبرها انتصار لمطالب الشباب في التغيير المنشود لليمن ، فإعادة الإعلام الرسمي المرئي والمسموع إلى الحيادية في وزرة الإعلام يعتبر إنجاز لثورة الشباب ، بالإضافة إلى اللجنة العسكرية المحايدة والوزارات السيادية المشكلة ضمن حكومة الوفاق كلها أدت إلى تصدع وتحلل الفساد في المؤسسات ، كل هذه التغييرات والثورة الشبابية مستمرة تراقب وتتابع تحقيق أهدافها سواء عن طريق الحل السياسي أو عن طريق التصعيد الثوري إذا لم تنفذ المبادرة الخليجية مطالبهم المشروعة . والآن وقد مضى على تطبيق المبادرة قرابة شهر ونصف واللجنة العسكرية بعملها على أكمل وجهة والحكومة تعمل بشكل يومي لتلبية مطالب الشارع اليمني من خدمات أساسية وغيرها، تظهر الخلافات التي كان يخشاها الكثيرون داخل أروقة المؤتمر بين جناح الصقور البركاني وجناح الحمائم الارياني ،حيث استطاع جناح الدكتور الارياني المعتدل والملتزم بالمواثيق لجم البركاني وتلقينه درسا في كيفية مخاطبة الكبار عند ذلك أدرك صالح انه وضع السم لنفسه في المبادرة الخليجية حزبه بدأ يتحلل من الداخل وان نائب الرئيس يبلغ الوسطاء الدوليين والخليجيين بسفره إلى عدن إذا استمر صالح التدخل في شئون إدارة الدولة التي منحت إياها المبادرة الخليجية وقرار مجلس الأمن والمعارضة اليمنية عند ذلك أيقن صالح أن المبادرة كانت القشة التي قصمت ظهر الرئيس .