مازال الكثيرون يتساءلون عن مدى جدوى الحوار الوطني في الخروج باليمن من النفق المظلم والانتقال بها فعلياً إلى دولة مدنية ديمقراطية, وهل من الممكن بعد انتهاء الحوار الوطني أن نجد اليمن الجديد التي خرج اليمنيون إلى الساحات ينشدونها.. حقيقة إن كثيراً من المشككين في جدية الحوار أو الرافضين له الذين يعتقدون أن انتفاضاتنا ضد النظام السابق وما ارتكبه ذاك النظام ضد الثوار ما كان لها أن تنتهي بالجلوس على طاولة واحدة مع ذاك الخصم أو ممن يملكون مشاريع "غير وطنية".. هؤلاء الذين لديهم موقف من الحوار ربما لا يدركون أن الحوار ما هو إلا الحل الأمثل لليمنيين في الوقت الراهن، وعلينا جميعاً أن نعي بأن لأي ثورة محطات ولكل محطة أدواتها وآلياتها، ومرحلة الحماس الثوري والاستنفار في الساحات كانت محطة الانطلاق لثورة التغيير، والآن بعد أن تحقق أول هدف من أهداف الثورة وهو إسقاط النظام، لابد من تغيير الأدوات.. فقد أفرزت المرحلة فرقاء و شركاء و من المهم التعامل بهذا الناتج بواقعية وعقلانية وبإيمان أننا جميعاً أبناء لوطن واحد وعلى عاتقنا جميعاً الحفاظ على مكاسبنا الوطنية، ومحاولة تجاهل هذه الحقيقة ليس معناه إلا حرب أهلية ستأكل الأخضر واليابس والنموذج السوري ليس ببعيد عنا، فهاهم إخوتنا في سوريا يطلبون الحوار للخروج من أتون الحرب التي طالتهم جميعاً ولم تفرق بين الثوري والمجرم.. الحوار الوطني فرصة تاريخية والعالم بأجمعه يتطلع إلى التجربة اليمنية وإلى حكمة اليمنيين في قيادة بلدهم إلى بر الأمان.. صحيح أن الحوار لن يكون العصا السحرية التي ستحل مشاكل اليمن كلها ولكن مبدأ الحوار نفسه واتفاق اليمنيين على جميع مشاربهم واختلاف اتجاهاتهم على الالتقاء وحل مشاكلهم بالمناقشة وبطرح الرؤى سيكون بالتأكيد طوق نجاة سيخرج اليمن من عنق الزجاجة ..التحاور ولا التناحر والحوار بدلاً من الانفجار. أستاذ مساعد بجامعة تعز