صدور ثلاثة كتب جديدة للكاتب اليمني حميد عقبي عن دار دان للنشر والتوزيع بالقاهرة    عيد العمال العالمي في اليمن.. 10 سنوات من المعاناة بين البطالة وهدر الكرامة    العرادة والعليمي يلتقيان قيادة التكتل الوطني ويؤكدان على توحيد الصف لمواجهة الإرهاب الحوثي    حكومة صنعاء تمنع تدريس اللغة الانجليزية من الاول في المدارس الاهلية    فاضل وراجح يناقشان فعاليات أسبوع المرور العربي 2025    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    الهجرة الدولية: أكثر من 52 ألف شخص لقوا حتفهم أثناء محاولتهم الفرار من بلدان تعج بالأزمات منذ 2014    وزير الصناعة يؤكد على عضوية اليمن الكاملة في مركز الاعتماد الخليجي    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    رئيس الوزراء يوجه باتخاذ حلول اسعافية لمعالجة انقطاع الكهرباء وتخفيف معاناة المواطنين    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    عبدالله العليمي عضو مجلس القيادة يستقبل سفراء الاتحاد الأوروبي لدى بلادنا    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    عن الصور والناس    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    غريم الشعب اليمني    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليمن تختار التحاور لأنها تختار الحياة
نشر في الجمهورية يوم 12 - 04 - 2013

حين تتضارب المعلومات نحتاج إلى جلسة حوار لإزالة ذلك التعارض، وحين تتصادم المفهومات نحتاج إلى جلسة حوار أخرى لفك هذا التصادم، وحين تتضارب المصالح نحتاج إلى جلسة حوار ثالثة للتوفيق بينها، وحين تتباين الآراء نحتاج إلى جلسة حوار رابعة لإزالة هذا التباين، وحين تتجابه الرؤى نحتاج إلى جلسة حوار خامسة لتقريب المسافات، وحين تتجاذب المواقف أصحابها نحتاج إلى جلسة حوار سادسة للوصول إلى موقف وسط، وهكذا يظل الحوار ساري المفعول في الحياة.. وتظل آلة الحوار الحيوية تعمل طوال الوقت؛ لأن الله خلق الأرض للناس جميعا وخلقهم مختلفين, فكان لا بد من الحوار والتحاور, لذلك نقول: إن الكراهية لا تبني وطنا، وإن مشاريع الموت لا تخدم الحياة، وإنه لا بديل عن التحاور غير التناحر، واليمن تختار التحاور لأنها تختار الحياة هكذا كانت بداية طرح د. محمد عبد الله الحاوري في أمسية منارات المركز اليمني للدراسات التاريخية واستراتيجية المستقبل.
الحضور الأكبر لليمن
مفتتحاً ورقته المعنونة المصلحة العليا لليمن هي الإطار المرجعي للحوار الوطني الشامل بقولة: إن هنالك منهجين يقودان الحياة من أول الخليقة منهج هابيل المتمسك بالسلمية، ومنهج قابيل منهج لأقتلنك، فلا بديل عن الحوار إلا التناحر والاقتتال، مع الحوار تحقق المصلحة العليا لليمن، ومع التناحر تتشظى اليمن وتغرق في بحر من الدماء والعياذ بالله، ومن البداية فإن واجب الحوار أن ينحاز بصورة كاملة إلى المصلحة العليا للوطن، ويسمو على المصالح الصغيرة، لأن الحوار يعبر عن إرادة الأمة، ومن هنا فإن الحضور الأكبر يجب أن يكون لليمن، فتكون اليمن حاضرة في كل مجريات الحوار، ومن هنا ندعو أن يكون التنافس على أشده في إظهار الانحياز للوطن حاضره ومستقبله، كما أن مؤتمر الحوار يمثل رافعة عملاقة لطموحات اليمنيين وآمالهم كما يمثل بوتقة تجمع لصهر المشاريع الوطنية في مشروع وطني واحد قابل للحياة وقادر على البقاء ومتمكن من التجذر والنماء, وشدد د. الحاوري بقوله : إن المصلحة العليا لليمن حاضرا ومستقبلا هي الإطار المرجعي للحوار الوطني الشامل بما تمتلكه تلك المصلحة من تحقيق لمقاصد الدين والدينا، فعلى الصعيد الديني يتم من خلالها حفظ الكليات الخمس التي هي مقاصد الشريعة: الدين، والنفس، والعرض، والعقل، والمال, وعلى الصعيد الدنيوي تحفظ حقوق المواطنة التي أقرتها الشريعة، وحمتها القوانين، وتعمق من قيم التعايش المشترك الذي يقوم على احترام الحقوق، وأداء الواجبات، وعدم العدوان , وهي الإطار المرجعي للحوار الوطني الشامل.
الحوار قيمة جليلة
ويبين الدكتور محمد الحاوري في حديثه عن الحوار أنه يجري على الحوار أحكام الشريعة الخمسة الوجوب والندب والإباحة والكراهة والتحريم، وذلك بحسب موضوع الحوار فإذا كان الحوار لإقامة الواجبات من حفظٍ للدماء وصيانة للأعراض وحماية لمقاصد الشريعة وغيرها من الأمور الشرعية الواجبة كان واجباً وإن كان في أمور مندوبة أو مسنونة كان مندوباً ومسنوناً، وهكذا في بقية الأحكام، وإن كان حوارا على الإثم والعدوان فهو محرم قائلا: إن الحوار يكون واجبا حين يكون قائما على التعاون على البر والتقوى، عملا بقول الله تعالى: {وَتَعَاوَنُواْعَلَىالْبرِّوَالتَّقْوَىوَلاَتَعَاوَنُواْعَلَىالإِثْم ِوَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}.
لهذا فالحوار قيمة جليلة يأمر به العقل السليم، ويدعو إليه الشرع الحكيم، وتفرضه ضرورات الحياة، وندرك أهمية الحوار وضرورته حين ندرك مخاطر البديل عن الحوار فالحوار حياة تقابل الموت والدمار، وحتى حين يقتتل الناس ينتهون إلى الحوار في نهاية المطاف، فالحوار هو المرسى والشاطئ الذي تقف عنده حياة البشر لمناقشة همومهم واتخاذ القرارات المناسبة تجاهها، وهذا ما يجعل من دعم مؤتمر الحوار الوطني الشامل خطوة من أهم خطوات حل كل المشكلات، ومعالجة كل القضايا، ومواجهة كل التحديات, والحوار هو عنوان الحكمة، وصوت العقل، وراية انتصار السلام والحب بين الفرقاء، ومن جهة أخرى فإن الحوار منارة هادية، ونافذة مبصرة، وهو سفينة نجاة للوطن من دوامة العنف، وهو مخرج حكيم لكل الأطراف.
حوار الوطنية الحقة
ويضيف: إن علينا جميعا أن نعي أن الوطنية الحقة التي تمثلت في القرآن الكريم الذي قدم الصورة الحقيقية للوطنية في أرقى صورها، وأبهى مظاهرها، وما قصة يوسف عليه السلام خير دليل يؤكد ذلك.
وقال الدكتور الحاوري: كم تخسر أمتنا من نفسها وقوتها، حين تجعل الحزبية معيارا للإقصاء، وليس للاستفادة من إمكاناتها، تعالوا نلاحظ الدولة الأولى في العالم اليوم، الولايات المتحدة الأمريكية، تنتهي انتخابات الرئاسة، ويشارك الحزب المنافس في إدارة الرئاسة الجديدة، فغينس هو وزير الدفاع الأمريكي في إدارة أوباما من الحزب المنافس، يأخذ حقيبة وزارة الدفاع لدولة في حالة حرب، وهيلاري كلينتون التي نافست أوباما، وكادت تخطف منه الترشح للرئاسة عن الحزب الديمقراطي، لم تصبح عدوا، وحدنا فقط في بلاد المسلمين نعيش في نطاق الضيق.
إن الإقصاء شمل الحياة بصور مختلفة، وتركنا الحوار والتحاور بين أطراف الحياة في كافة مستوياتها وليس على المستوى السياسي ، وأصبحت أزمة الحوار في حياتنا متأصلة لهذا نأمل أن يتم تجاوز هذه المعضلة من خلال مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي يؤسس لزمن جديد في حياة أمتنا هو زمن الجماهير والتعايش المشترك والشراكة في الثروة والسلطة.
بناء يمن جديد
وقال: تمر بلادنا بمرحلة فاصلة وتاريخية ومهمة ولها ما بعدها، وهو ما يعني أن المهمة والوطنية الجسيمة تجاه الوطن لا تقف عند حدود النخبة أو المؤسسة العسكرية والأمنية أو الجهاز الإداري للدولة أو السلطة القضائية أو القوة الإعلامية، بل يصل مداه إلى المواطن العادي الذي هو الرقم الفاعل في الحفاظ على اليمن، فهو العنصر الأساس في المعادلة الوطنية اليوم، فلا حياة للحوار بدون إرادة شعبية تحمي الحوار وتدافع عنه، تحميه لكي يستمر حتى ينتهي إلى إخراج اليمن من المأزق التاريخي الذي يمر فيه , إن بلادنا اليوم تحتاج إلى الحكمة اليمنية المشهود لها من رسول الله صلى الله عليه وآلة وسلم .. إن اليمن تعيش بداخلنا أكثر مما نعيش بداخلها, اليمن الجديد بحاجة إلى جهود أبنائه جميعا.
فرصة تاريخية لليمن
وأكد الدكتور الحاوري على أن الحوار الوطني الشامل يعتبر فرصة تاريخية كبيرة لبناء اليمن الجديد يمن النضال السلمي والعمل الوطني والجهد اليمني لأجل اليمن ومستقبل اليمنيين يحتضنهم أمل واحد، ويحدوهم نداء واحد إنه حب اليمن، وحب الخير لليمن، فتتوحد الجهود لصناعة حاضر اليمن ومستقبله بنداء الحياة لا بصرخات الموت التي لم تقتل إلا اليمنيين ولم تسفك إلا الدم اليمني ولم تسطر الموت إلا على قرى اليمن ومديرياته، وقال المصلحة العليا لليمن هي محور ارتكاز الفرصة التاريخية في الحوار الوطني الشامل الذي يأتي ليعطي للجميع مساحة حقيقية وكافية ليعرض كل أحد رأيه وقضيته بدون مزايدات أو مكايدات وبكل صدق وشفافية, فقد سئمت اليمن الكذب الذي جثم ردحاً من الزمن على صدر اليمن واليمنيين، بينما يعمل مؤتمر الحوار لجعل اليمنيين خلية نحل واحدة .. فقد جاء مؤتمر الحوار الوطني الشامل ليكون محتواه اليمن، وأجندته مصلحة اليمن وهموم المشاركين فيه هي هموم اليمن واليمنيين, وهو بوابة عملاقة تعبر من خلالها جماهير الشعب اليمني لعهد جديد يكون فيه الاستقطاب لأجل اليمن لا لتمجيد شخص، فقد كبرت اليمن وشبت عن الطوق، فيمن ثورة فبراير ثورة الشباب هو يمن جديد هتفت حناجر ملايين اليمنيين له في الساحات والمسيرات وكان هدير الملايين بعد صلاة الجمعة يبلغ عنان السماء بالهتاف الثوري المجيد: الشعب يريد بناء يمن جديد، فالحوار اليوم لأجل اليمن الجديد، يمن يسع الجميع والكل مسئولون عنه، فالثورة الشبابية السلمية ناضلت وما زالت تناضل لأجل هذا اليمن الحبيب ليكون له مكان تحت الشمس يليق به، وأظهرت حكمة اليمنيين من خلال توجههم للحوار من كل الأطراف والقوى السياسية أن اليمنيين حكماء، وأن الحكمة اليمنية تتغلب في نهاية المطاف.
تحقيق التغيير المنشود
وأشار إلى أن حياة الأمم والشعوب تمر في مراحل مهمة ومن أهم مراحل الحياة [التغيير] ومن المهم جداً إدراك متطلبات التغيير، وقال إن التغيير ليس شعاراً يرفعه التلفزيون في أسفل الشاشة أو أعلاها، ولكنه حياة أمة وروح تسري تضم كل مكونات الوطن في جسد واحد يسير نحو المستقبل ، فالتغيير سنة الله في الحياة، فعندما تغير اليمن من التشطير إلى الوحدة، غفل اليمنيون عن تحصين الوحدة، فكانت كارثة حرب صيف 94م وآثارها المدمرة تم التعامل مع الجنوب بقانون الفيد، ونفسية المنتصر الذي يفرض شروطه على الأرض، واليوم تتغير اليمن بثورة شبابها السلمية، وتم الاستفتاء الشعبي على التغيير حين اندفع اليمنيون بالملايين في سيل جارف نحو صناديق الاقتراع ليستخرج شهادة ميلاد يمن جديد، ورئيس جديد، وعهد جديد ينتخبون فخامة الرئيس المشير الركن عبد ربه منصور هادي.
الخروج من الارتهان الخارجي
وأضاف: الحوار الوطني الشامل يعد مهمة وطنية كبيرة، على المستوى الديني والمستوى الدنيوي، وفي منظور المستقبل وفي أحداث التغيير الإيجابي في الواقع المعاش، ويبدو أن الحوار يعتبر حلا وحيدا للخروج من الارتهان للخارج والتي ورثتها اليمن من النظام السابق ومن مخاطر جماعات العنف والتخريب , ومؤتمر الحوار الوطني الشامل يعد تجلياً بارزاً للحكمة اليمنية في العصر الحديث، وسيقف التاريخ شاهداً فيه بالصوت والصورة على كل صاحب رأي وموقف .
مواجهة المشكلات وعلاجها
كما أشار إلى المشاكل الكثيرة التي ابتليت بها اليمن وقال يعد الحوار محاكمة لإرث خلفه النظام السابق فظهر للجميع أن الجميع مظلمون وتبين للكل أن الكل مظاليم، فالجنوب يشكو وصعدة تئن وتهامة تعاني والمطالب الحقوقية ترفع بمظلوميتها كل يوم ومن كل مؤسسات الدولة، وفي خضم هذه البلايا كلها جاءت فرصة الحوار الوطني الشامل ليعود اليمن لليمنيين، يتحاورون ويتناقشون لمواجهة مشكلاتهم، فتحل قضية الجنوب حلا عادلا، وتعالج قضية صعدة وبخاصة في انتهاكات حقوق الإنسان، وتعالج قضية تهامة والأراضي التي نهبت من المواطنين التهاميين، وكذلك تعالج كل قضايا الوطن على جميع الأصعدة في حوار شفاف لا يستثني أحدا.
الخروج من دوامة العنف
وقال الدكتور الحاوري إن الخروج من دوامة العنف هو إنجاز كبير لليمن ومستقبل اليمن والحمد لله، وبهذا استطاعت اليمن أن تتجه إلى الحوار وهي متوهجة بالأمل، ومشبعة بروح التفاؤل، وإذا كان هنالك بعض الأخطاء في الإعداد للحوار ، فإننا نقول إن السيل لا يَنْجُس، فالحوار بحر وليس سيلاً وبالتالي فهو قادر بإذن الله على معالجة القصور ذاتياً، وإذا كان المشي يصنع الطريق فإن السير في الحوار سيوضح الأمور أكثر وأكثر، وستتجه البلاد نحو صوت العقل، فالجيش لن يظل منقسماً لأنه جيش وطني وليس ملكاً لأحد، الجيش لا يورث فهو حامي اليمن بإذن الله ولن يكون غير ذلك، ورجال المال والأعمال والتجار هم جزء من اليمن وسيعملون على رد الجميل للشعب الذي جعل منهم أغنياء، والسياسيون سيتقون الله في اليمنيين الذين قدموهم وجعلوهم طرفاً أساسياً على طاولة الحوار، ووجهاء المجتمع ومشايخ القبائل سيتعلمون من شباب الثورة الالتزام بالنظام والانضباط في الأداء، وسيعملون على أن يكون لهم دور مشهود في الحوار ودعم مسيرة الحوار والعلماء برؤيتهم الشرعية سيكونون الرديف الحقيقي والأساسي وبوصلة الحياة في السير وسيقدمون النصيحة، والأكاديميون سيدرسون المشكلات ويقدمون لها الحلول، وهكذا كل اليمن ستكون موجودة على طاولة الحوار إن شاء الله تعالى، حتى تصل بلادنا إلى مرحلة الخير وتواصل مسيرة التطور والنمو بإذن الله تعالى.
توحيد المؤسسات
وتطرق إلى ما تمثله المؤسسة العسكرية لب النضال الوطني وتاج البطولات والمفاخر لكل شعب، وتمثل الرجولة والقامة الكبيرة لكل أمة، وقال يعد الجيش القوة الأهم داخل الوطن لحماية أمنه ولسلامة أراضيه، ولفرض هيبة النظام والقانون، وللذود عن حمى الوطن الغالي من كل مؤامرات المعتدين، ولكن الجيش اليمني لم يحظ بالاهتمام اللائق به، فمؤسسته العسكرية وكذا المؤسسة الأمنية تفتقر للمرتبات التي تكفل العيش الكريم ، والعلاوات والحوافز لا تكافئ الجهد الكبير الذي يبذله أفراد وعناصر هذه المؤسسة العملاقة والمهمة، فهم يقدمون الأرواح فداء للوطن، وينفردون على رؤوس الجبال وفي ميادين القتال وفي مجالات الحياة المختلفة لأجل اليمن، يواجهون الخوف لأجل يأمن المواطن، ويعانقون الموت لينعم الوطن بالحياة، هذه المؤسسة المهمة تحتاج أن يرد لها اعتبارها بعد أن جعلها النظام السابق هدايا يوزعها على الأبناء والأقارب، يأتي الحوار الوطني ليعيد للمؤسسة العسكرية والأمنية مكانتها واحترامها، حيث يكون فيها تولي المناصب للكفاءة لا للقرابة، وحيث يكون الترقي داخل المؤسسة بحسب الأقدمية وليس بمقدار التزلف لفلان أو علان؛ لأن المؤسسة العسكرية هي الحصن الذي يأوي إليه اليمنيون في مدلهمات حياتهم، وهي الدرع الذي تنكسر عليه كل محاولات اختراق اليمن من الخارج.. وأضاف قائلاً : إن الحوار الوطني الشامل هو جسر العبور بهذه المؤسسة الوطنية الكبرى من التهميش والتوزيع كهدايا للأولاد إلى مؤسسة وطنية مهنية لها كينونتها الوطنية، ولها نظامها الوطني الذي يحمي الشرعية الدستورية، ويحترم حقوق الإنسان، ويقدس الدم اليمني وبحيث يكون لمنتسبي هذه المؤسسة المزايا التي تليق بتضحياتهم الجسيمة لأجل اليمن، وأعني هنا من يعملون فعلا لا من يسرحون ويمرحون في القرى يؤذون الناس أو في شوارع المدن بلا عمل سوى أذية الخلق، وتجدهم في نهاية الشهر يزاحمون على استلام الراتب.
التنازل وترك الأنانية
ويختتم الحاوري ورقته بالقول : إن المتحاورين بكل فئاتهم مهما تنازلوا لأجل اليمن لن تكون تنازلاتهم شيئاً يذكر بجوار تضحيات الشهداء الكرام، ومن المهم جداً أن ندع الأنانية جانبا، فبسبب من الأنانية يتصور بعض الناس أنه يمثل الطرف هذا أو الطرف ذاك، حتى لا يتصور بعض المعتدين أنهم يمثلون محافظات اعتدوا عليها، واليمن اليوم تحتاج أن ننصفها من أنانياتنا تلك الأنانية التي تؤدي إلى التناحر، وتوصل إلى الصراع, وان الحوار اليمني اليمني مجال مهم جدا لظهور معاني الإخاء الذي تربع على قمته آباؤنا الأنصار حين كانوا يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، ومن هذا المنطلق نقول بكل أمانة وصدق: إن التعويضات مهما كان حجمها هي أقل بكثير جداً من مرارات المظالم التي تجرعها أهلنا في الجنوب، ولكنها بلسم جراح ومهما كانت فهي تقدم باعتبارها حقاً إلى أناس يمنيين، وستعود خيراً على اليمن، فهي ستنفق ضمن الاقتصاد اليمني في نهاية المطاف، وبالمقابل فإن اليمن تكسب نفسها إلى نفسها حين تدرك كل الأطراف بل كل فرد يمني أن الوطن هو بيته الحقيقي، وأن المجتمع اليمني هم أهله وناسه وعشيرته، وأخيراً أقول الحوار موضوع مرافق للحياة البشرية من أو ل الخلق ابتدأ الحوار في شأن هذا المخلوق الإنساني قبل وجوده في الحوار الذي جرى بين الله تبارك وتعالى والملائكة، قال الله تعالى: {وَإِذ ْقَالَ رَبُّك َلِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِل ٌفِي الأَرْض ِخَلِيفَةً قَالُوا ْأَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِك ُالدِّمَاء وَنَحْن ُنُسَبِّح ُبِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَال َإِنِّي أَعْلَم ُمَالاَ تَعْلَمُونَ }. وكأن هذا الكائن البشري يرتبط بالحوار بصورة أو بأخرى .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.