يعيش الوطن اليمني الحبيب أياما تاريخية حافلة بالنفس الوطني الوسيع حيث تعتمل المجالات الحياتية والهموم الوطنية والقضايا المجتمعة في ميدان واحد هو ميدان الحوار الوطني الشامل بحثا عن الحلول لكل الهموم والقضايا والمشكلات، في تظاهرة وطنية كبرى، هذه التظاهرة تعطي الحوار بعدا وجدانيا مهما في الذات الوطنية اليمنية حيث توحد الوجدان والمصلحة العليا للوطن في قالب واحد هو مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وهو ما يجعل الحوار ابنا شرعيا للثورة الشبابية الشعبية السلمية بعد أن تخطت اليمن زمن التيه وتحررت من زمن الكذب والتضليل، وتجاوزت العبث بقيمة الحوار التي تعمدها النظام البائد الذي شوه قيمة الحوار، وهو ما يجعل اليمن أمام مهمة حضارية لرد الاعتبار للذات اليمنية المؤمنة بدور قيمة الحوار في حياة اليمنيين، وأنه حوار حقيقي مثله جدية الرئيس في أول جلسات الحوار في جلسة الافتتاح والتي أظهرت المشير هادي رجل دولة من الطراز الأول، رجل يحسم المواقف بكل كفاءة واقتدار. إن الوجدان اليمني المتوقد ذكاء والمتوشح بالحكمة والمتحلي بالوعي الحضاري قد أعطى الحوار الوطني الشامل مساحة ولاء كبيرة باعتبار الحوار هو المخرج الأكثر أمانا لليمن فالمصلحة العليا ترى الحوار محققا لها، ووحدة اليمن ترى الحوار محافظا عليها، والحقوق والواجبات ترى في الحوار سبيلا قويا للوصول إليها، وقضايا اليمن ومشكلات الوطن تنتظر أن يقوم الحوار بواجباته في حلها وهو ما يعني أن الحوار والمصلحة العليا يكونا روحا واحدة تعيش في الذات اليمنية.
إن المصلحة العليا لليمن حاضرا ومستقبلا هي الإطار المرجعي للحوار الوطني الشامل بما تمتلكه تلك المصلحة من تحقيق لمقاصد الدين والدينا، فعلى الصعيد الديني يتم من خلالها حفظ الكليات الخمس التي هي مقاصد الشريعة: الدين، والنفس، والعرض، والعقل، والمال. وعلى الصعيد الدنيوي تحفظ حقوق المواطنة التي أقرتها الشريعة، وحمتها القوانين، وتعي من قيم التعايش المشترك الذي يقوم على احترام الحقوق، وأداء الواجبات، وعدم العدوان، وهو ما يعني أن التعايش يؤتي ثماره حين يرتفع الناس إلى مستوى مسؤولياتهم تجاه أنفسهم وأوطانهم، فاليمن تطالب كل أبنائها أن يكونوا على قدر الواجب الديني والوطني في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ يمننا الحبيب، وكلي ثقة أن اليمنيين قادرون بإذن الله على القيام بواجباتهم الدينية والوطنية بصدق وإخلاص وأمانة وحب تناظر ما قدمه الشباب في ثورتهم السلمية؛ حيث صنع شباب الثورة بعزيمتهم الصلبة معالم الطريق التي رسمت بالدم الغالي معنى الحب لليمن ومعنى التطلع لليمن الجديد.
وإن الوجدان اليمني اليوم يتطلع بكل قوة نحو مستقبل زاهر ليمن جديد صنعته ثورة الشباب وهو المستقبل الذي تراه الجماهير اليمنية استحقاقا ثوريا قدم الشباب لأجل وصول اليمن إليه أرواحهم الزكية مما يحمل الشرفاء داخل مؤتمر الحوار وخارجه مسؤولية جسيمة في سبيل إنجاح مؤتمر الحوار ليضع اليمن على طريق العدالة الاجتماعية والدولة المدنية الحديثة وهو ما يجعل دعم مؤتمر الحوار فعلا وطنيا وثوريا من الطراز الأول والدعم هنا بشقيه التأييد والتصويب، فتتداعى الجماهير اليمنية لتأييد الصواب وتلتزم الجماهير اليمنية بتصويب أي انحراف قد يقع فيه أعضاء مؤتمر الحوار.
إن المصلحة العليا لليمن حاضرا ومستقبلا هي الإطار المرجعي للحوار الوطني الشامل لأنها تكون الفلك الأكبر الذي تدور فيه كل الأفلاك الوطنية، وهي الفضاء الأوسع الذي تتشكل فيه كل الفضاءات الأصيلة داخل الوطن؛ وهي السلك الذي ينتظم حبات المشاريع الوطنية فتشكل أثمن عقد يمني كل جوهرة فيه تحمل مشروعا يمنيا وطنيا يحمي الدين، ويخدم الدنيا، ويحفظ اليمن، ويرفع من شأن اليمنيين، في نسق يسير باليمن واليمنيين في مدار جديد تدور فيه كل المكونات السياسية والاجتماعية والنقابية ومنظمات المجتمع المدني والشخصيات الوطنية والاعتبارية.
إن الوجدان اليمني في أفضل حالاته في مواكبة الحوار الوطني الشامل، مما يوفر فرصة كبيرة وحقيقية للمتحاورين لمناقشة الأوضاع بشفافية وصدق، وهو الأمر الوحيد الذي يتقبله الوجدان اليمني من المتحاورين، فالحوار اليوم حوار مصارحة ومصالحة، وهو حوار لا صنمية فيه، فقد تجاوز اليمن الصنم الذي كان يهيمن وأسرته على القرار اليمني، فاليمن اليوم تتنفس أجواء الحرية، وتتناقش مع كل فئاتها، في حين يغادر الصنم أرض الوطن، وهكذا يعيش الوجدان اليمني حالة مفعمة من الأمل والترقب، توحدت مع الحوار لأنها تراه حوارا حقيقيا لا يقصي أحدا، ويصنعون غدهم بأيديهم.
إن المصلحة الوطنية العليا لليمن حاضرا ومستقبلا هي الجدارية الكبرى التي ترسم عليها القوى الوطنية في مؤتمر الحوار أداءاتها أمام شاشات التلفاز وتوثيق الكاميرا في تاريخ مصور بالصوت والصورة لمواقف كل فرد داخل مؤتمر الحوار، وهو ما يعني أن يتم رسم تلك الأداءات بما يراعي اللحظة الفارقة في تاريخنا المعاصر، والمرحلة الدقيقة التي تمر بها بلادنا، وهو ما يعني أن تتظافر الجهود لرسم تلك اللوحة الوطنية عشقا لليمن وحبا لأهلها في أطروحات أعضاء مؤتمر الحوار ونقاشاتهم، لتبرز صورة الوطن وتغيب صورة الشخصنة الحزبية والسلالية والمناطقية.
إن الوجدان اليمني يدرك أهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه المواقف الداعمة للحوار والأدوار الضارة التي يمكن أن تسببها القوى المعيقة للحوار، ومن هنا فالوجدان اليمني يعيش أجواء مؤتمر الحوار في حياته الفكرية والثقافية وقد رأيت بنفسي كيف يتابع سائق الباص الحوار الوطني وهو في عمله، ورأيت الرجل الطاعن في السن وهو يتابع مجريات الحوار، وهي ما يعني أن الوجدان اليمني في حالة توحد مع اللحظة التاريخية التي يصنعها الحوار وهي لحظة فارقة ومفصلية.
إن تحقيق المصلحة العليا لليمن هي البصمة التاريخية التي يجب أن يخرج بها مؤتمر الحوار الوطني الشامل؛ حيث يكون كل رأي مطروح، وكل مشروع مقدم، وكل فكرة نقاش دور في تشكيل دائرة أو حرف من دائرة في تلك البصمة التاريخية الكبرى التي تمثل بصمة جيل بأكمله، فعلى الجميع داخل مؤتمر الحوار الوطني الشامل أن يراعوا المخرج النهائي لبصمة الحوار الوطني الشامل والتي يجب أن تكون هي تحقيق المصلحة العليا لليمن، لتظهر بصمة الحكمة اليمانية في الواقع المشاهد.
ويأتي الوجدان اليمني ليعقد العزم على جعل تلك البصمة منجزا حيويا متجددا يمنح اليمن من خلاله القدرة على تجاوز المشكلات من خلال اتباع بوصلة الحكمة اليمانية التي تمثل الدليل الهادي ومنطقة الجذب التي تجذب نحوها كل الأطروحات في لحظة اندماج مع مقتضيات الحوار الوطني، فالحوار ليس ترفا، وبصمة المصلحة العامة ليست شيئا هامشيا الحوار ضرورة بقاء والمصلحة العليا مركز الاهتمام والجانب الحيوي في الحوارات داخل مؤتمر الحوار.
إن المصلحة الوطنية العليا هي مضمار السباق الذي يتنافس فيه كل المشاركين في مؤتمر الحوار ومعهم كل القوى الوطنية والمكونات الاجتماعية، فاللحظة التاريخية الفارقة والمفصلية التي تعيشها بلادنا تثبت عمليا وبالدليل الملموس مقدار وطنية المشاركين في مؤتمر الحوار فاليمن غالي على الجميع وهذا يعني أن يكون حضوره في مشوار الحياة أساسيا وأن يظهر جليا على التصرفات والأداءات، وأن يكون الحوار الوطني لأجل المصلحة العليا باعتبار أن الوجدان اليمني هو المحرك الفعلي لكل القوى المتنافسة داخل مؤتمر الحوار، بمعنى أن يكون التنافس لإرضاء الله تعالى من خلال تحقيق المصلحة العليا للوطن والمواطن، فالوجدان اليمني في حالة توهج تصنع أرضا تقل الحوار الوطني وسماء تظله ومعينا لا ينضب في تحريك كل النشاطات نحو يمن جديد تسوده قيم الحرية والعدالة والإنصاف.
إن الوجدان اليمني يدرك معاني القيم الوطنية الكبرى التي تزهو بها صدور اليمنيين، وتشتاق نحوها قلوب اليمنيين، وهذا الوجدان يجعل من المصلحة العليا والحوار سقفا واحدا يظلل جميع اليمنيين، فاليمن بلد الجميع والحوار لمصلحة اليمن وهي مصلحة كل اليمنيين، مصلحة يعنى بها كل فرد في اليمن، وتصل بتأثيراتها إلى كل شخص وهذا يعني أن الاهتمام بنجاح الحوار يعد جزءا أصيلا من المصلحة العليا لليمن، وأن المصلحة العليا لليمن هي الهم الوحيد داخل مؤتمر الحوار، وأن أي إخلال بها سيقابل بالرفض من داخل مؤتمر الحوار ومن خارجه.
إن المصلحة العليا لليمن هي ميدان الاختبار الكبير الذي تقف فيه كل أعضاء وعضوات مؤتمر الحوار لتكون هي النموذج الفكري والتطبيقي ومحور الارتكاز في كل المداخلات والمشاركات فيخرج اليمنيون من المؤتمر بحلول لمشكلاتهم ويصلوا إلى اتفاق حولها في إطار من إعمال العقل وعمل بالشرع وتغليب لتطلعات المستقبل واستحقاقاته على مصاعب الحاضر وآلامه، وهذا الاختبار المهم يتطلب من جميع اليمنيين أن يدعموا الحوار في إطار من الولاء الوطني الكبير، فاليمن اليوم على مفترق طرق، والتاريخ يسجل درجات الاختبار في تاريخ موثق ومشهود على شاشات التلفاز وعبر الأثير، فحقيق باليمنيين وخاصة المشاركين في مؤتمر الحوار أن يدركوا واجبهم نحو اليمن ونحو أنفسهم وأن يضعوا مصلحة اليمن نصب أعينهم طوال الوقت.
إن المصلحة العليا لليمن والحوار الوطني الشامل يمثلان حالة توحد للوجدان اليمني وهو ما يعني أن الحوار والمصلحة العليا وجهان لعملة واحدة، وأن الوجدان اليمني الذي يتمسك بالحوار هو نفسه الذي يحتضن المصلحة العليا ويعلي من شأنها، وهذا التوحد الرائع الذي نلمسه للوجدان اليمني نحو المصلحة العليا لليمن والحوار الوطني هو إشارة البدء لتفاعلات كبيرة وصادقة إن شاء الله داخل أروقة مؤتمر الحوار وضمن لجانه المتعددة.
إن الفرص لا تتسكع في الشوارع بحسب تعبير المثل الإنجليزي، ومن هنا نقول إن اليمن تعيش فرصة حقيقية فنحن من نتحاور وأقصد بنحن هنا كل اليمنيين داخل مؤتمر الحوار وخارجه، واليمنيون هم من يناقشون قضاياهم وهم وحدهم من يضع الحروف على النقاط، وإن كانت بقايا النظام والمتربحون من الفساد يحاولون أن يقللوا من نجاح مؤتمر الحوار، أو أن يشككوا في مقدرة اليمنيين في صناعة تاريخهم، وهؤلاء هم من كانوا يقفون موقف الريب والشك من ثورة الشباب، وهم من كان يتهمهما بالتهم الزائفة، ولكن السيل لا ينجس والحقيقة لا يمكن أن تغيب، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.