لا تزال حالة الترقب والقلق في مدينة القدسالمحتلة مستمرة، بعد أن شهدت الساعات القليلة الماضية أحداثا كبيرة من أبرزها اغتيال أحد الأسرى الفلسطينيين المحررين وإغلاق المسجد الأقصى أمام المسلمين. وأعلنت سلطات الاحتلال الإسرائيلية رسميا الليلة الماضية، عن منع الرجال دون الخمسين عاماً من الوصول الى المسجد الأقصى المبارك لأداء صلاة الجمعة في رحابه اليوم ، فيما لن تفرض أية قيود على دخول النساء. وتنشر شرطة الاحتلال، قواتها المعززة منذ ساعات الصباح الباكر في أنحاء مدينة القدس وتحديداً في البلدة القديمة ومحيط الحرم القدسي وحائط البراق. من جانب آخر اعتقلت قوات الاحتلال ، فجر اليوم الجمعة، 4 مواطنين فلسطينيين من حي وادي حلوة في بلدة سلوان جنوبي المسجد الأقصى المبارك. وقالت مصادر فلسطينية في مركز معلومات وادي حلوة الحقوقي إن وحدة إسرائيلية ضمت اكثر من 100 جندي داهمت الحي عند الساعة الثانية فجراً واقتحمت عدداً من المنازل قبل أن تعتقل مدير مركز معلومات وادي حلوة جواد صيام، وابن شقيقه يزن صيام، ومحمود غيث، ومنتصر فرج. وأشارت المصادر إلى أنه جرى تحويل المعتقلين للتحقيق في مركز شرطة "المسكوبية" في القدس الغربية وأنه من المفترض عرضهم على المحكمة الإسرائيلية. والخميس شهدت العديد من أحياء وبلدات وشوارع المدينة مواجهات عنيفة بين المواطنين وقوات الاحتلال الإسرائيلي رافقها اعتقال وإصابة العديد من الشبان والفتيان. كما انتظمت الشخصيات الفلسطينية في مسيرة حاشدة يوم أمس بشارع الواد المُفضي لبوابات المسجد الاقصى بالقدس القديمة احتجاجاً على اغلاق المسجد الاقصى أمام المصلين، ووصلت باب العمود (أحد أشهر بوابات القدس القديمة). واستنكرت شخصيات مقدسية اعتبارية مشاركة في المسيرة إغلاق الاقصى المبارك أمام المسلمين لأول مرة منذ عام 1967 وطالبت بفتحه، مؤكدة على حق المسلمين الخالص بالمسجد. وفي سياق ذي صلة، اشترطت مخابرات الاحتلال على عائلة الشهيد المقدسي معتز حجازي دفنه وتشييع جثمانه بالقدسالمحتلة عند منتصف الليلة الماضية بحضور 45 من أقاربه من الدرجة الأولى دون الصلاة عليه برحاب المسجد الاقصى، ويمنع نقله الى منزله في سلوان لتوديع عائلته. وكانت قوات الاحتلال أجبرت طاقم إسعاف جمعية الهلال الأحمر الفلسطينيبالقدس صباح اليوم الخميس على نقل جثمان الشهيد معتز إبراهيم حجازي من سيارة الاسعاف الفلسطينية إلى سيارة إسعاف 'إسرائيلية' عند مركز توقيف وتحقيق المسكوبية غربي المدينة. وكان الاحتلال الإسرائيلي أغلق بالكامل المسجد الاقصى المبارك يوم أمس أمام المصلين، وهو الأول من نوعه منذ بدء احتلال الاقصى والقدس، ومنع الاحتلال دخول المصلين وحتى قيادات الاوقاف الاسلامية للمسجد الاقصى الذي كان خالياً إلا من مدير المسجد الشيخ عمر الكسواني وعدد من الحُرّاس. وموازاة مع ذلك بذلت بعثة المراقبة الدائمة لدولة فلسطين لدى الأممالمتحدة في نيويورك جهودا حثيثة لدفع المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته في وضع حد للاعتداءات الإسرائيلية المتصاعدة في الأرض الفلسطينيةالمحتلة وتحديدا في مدينة القدس. وأفاد بيان صادر عن البعثة بأن مجلس الأمن عقد جلسة طارئة الليلة الماضية تلبية لطلب من بعثة فلسطين تنفيذا لتعليمات الرئيس محمود عباس، حيث أدلى السفير رياض منصور بيانا عرض من خلاله تفاصيل الاعتداءات الأخيرة التي تقوم بها قوات الاحتلال الاسرائيلي ومجموعات المستوطنين ضد المدنيين الفلسطينيين في مدينة القدس وتحديدا في داخل ومحيط المسجد الأقصى. وذكر البيان أن منصور تطرق أيضا إلى اعلان الاحتلال نيته بناء وحدات استيطانية جديدة بهدف تغيير الطابع السكاني والجغرافي لمدينة القدس، مضيفا: أن المدينة تشكل المركز الديني والسياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي للشعب الفلسطيني، وقد حافظت دوما على الهوية العربية الإسلامية والمسيحية، وسوف تظل كذلك. وطالب منصور مجلس الأمن بالتدخل فورا لردع إسرائيل التي تعمل على تدمير جميع المساعي الهادفة لإنجاز سلام عادل وشامل قائم على حل الدولتين وذلك بالامتثال الى القانون الدولي وقرارات مجلس الامن فورا. كما طالب مجلس الأمن باعتماد قرار يعيد تأكيد الثوابت الأساسية لحل الدولتين وتحديد إطار زمني لانهاء الاحتلال الإسرائيلي وتحقيق استقلال دولة فلسطين. وقال البيان: وأدلى أعضاء مجلس الأمن الخمسة عشر ببيانات قوية طالبت إسرائيل بوقف ممارساتها فورا، مؤكدين أن الاستيطان غير شرعي وغير قانوني ويشكل العقبة الرئيسية امام السلام. وأضاف: لقد عبّر غالبية الاعضاء عن قلق كبير ازاء التصعيد الاسرائيلي في القدس وبالأخص الاعتداءات على المصلين واماكن العبادة مما يؤجج الصراع ويحوله الى صراع ديني. وتابع: واستكملت بعثة دولة فلسطين تحركها اليوم الخميس حيث خاطب السفير منصور كل من رئيس مجلس الامن والامين العام للأمم المتحدة ورئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة من خلال رسائل متطابقة مطالبا المجتمع الدولي بالتدخل السريع وتحمل مسؤوليته بوقف الجرائم والاعتداءات الاسرائيلية المستمرة ضد المواطنين والمقدسات الاسلامية والمسيحية الفلسطينية في القدسالمحتلة وكان اخرها اغلاق المسجد الأقصى أمام المصلين وقتل المواطن الفلسطيني معتز حجازي بدم بارد. وقال البيان: وأكد منصور ضرورة التحرك الفوري، مشددا على أن إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال لا تزال تضرب بعرض الحائط الموقف الدولي الواضح والذي تم تكراره وتأكيده أمس، من قبل جميع أعضاء مجلس الامن والذي يطالب اسرائيل بوقف ممارساتها غير القانونية في الأرض الفلسطينيةالمحتلة. وفي سياق ذي صلة دعا وزير الخارجية الأمريكي جون كيري سلطات الاحتلال الإسرائيلي إلى إعادة فتح المسجد الأقصى الذي أغلق بشكل كامل لأول مرة منذ 14 عاما. وقال كيري في بيان الليلة الماضية "من الضروري للغاية أن تتحلى كل الأطراف بضبط النفس وأن تمتنع عن الأعمال الاستفزازية وتحافظ على الوضع التاريخي القائم في الحرم المقدس بالقول والفعل". وجاءت تصريحات كيري في الوقت الذي أعلنت فيه السلطات الإسرائيلية إعادة فتح المسجد الأقصى أمام المصلين الجمعة وذلك عقب إغلاقه طوال الخميس. وكانت السلطة الفلسطينية قد وصفت إغلاق المسجد بأنه بمثابة "إعلان حرب". وشهدت مدينة القدس توترا كبيرا بعد يوم من الاشتباكات بين قوات الأمن الإسرائيلية ومتظاهرين فلسطينيين. وأطلقت الشرطة الإسرائيلية قذائف الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين الذين أضرموا النار في إطارات سيارات وألقوا الحجارة على الجنود الإسرائيليين. وقد حمل نبيل أبو ردينة، المتحدث باسم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الحكومة الإسرائيلية "المسؤولية عن التصعيد الخطير في القدس".