بخطى متسارعة تتجه جهود وزارتي الدفاع والداخلية نحو إعادة عملية هيكلة القوات المسلحة والأمن في ظل تواجد لبعثات عسكرية أمريكية وأردنية وأوروبية جاءت للمساعدة في تلك العملية التي ينظر إليها على أنها «العمود الفقري» للمرحلة الانتقالية وتعد الهدف الأول للثورة الشعبية التي نجحت في إسقاط صالح وإبعاد عدد غير قليل من أقاربه ورموز نظامه من مناصب عسكرية وأمنية ومدنية هامة. ومقابل التغير العميق في موقف المجتمع الدولي إزاء صالح وعائلته والإفصاح عن اتهام الأخير بعرقلة العملية الانتقالية والتمرد على القرارات الرئاسية، أظهر الرئيس هادي اهتماما بإتمام الهيكلة واتخذ قرار حاسم -على ما يبدو- لإنجاحها. وبعد عودته من زيارته الخارجية التي شملت الولاياتالمتحدةالأمريكية وبريطانيا ودولا أوروبية واختتمت بزيارة قصيرة للمملكة العربية السعودية التقى خلالها بالملك السعودي عبدالله بن عبدالعزيز، أفصح هادي للمرة الأولى عن موقفه المتطور إزاء عملية الهيكلة وهو يتحدث عنها كجزء «لا يتجزأ من المبادرة الخليجية» ويعتبرها واحدة من أبجديات «الإصلاحات العميقة» ومتطلبات المرحلة الانتقالية. وتؤكد تصريحات هادي الأخيرة حول عملية الهيكلة حسمه قرار إتمامها مسنودا بالتأييد الدولي الذي حظي به. ويمكن استخلاص ذلك من تصريحه الذي أطلقه من صفحته الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» وأكد فيه أن الشعب سيلتمس ثمار زيارته «عما قريب». وكان هادي أكد خلال استقباله الثلاثاء الماضي الوفد العسكري الأمريكي والبعثة العسكرية الأردنية وبعثة الاتحاد الأوروبي التي ستساهم في عملية الهيكلة أن إعادة هيكلة قوات المسلحة والأمن «جزء لا يتجزأ من المبادرة الخليجية في إطار الإصلاحات العميقة التي تعتبر من متطلبات المرحلة الانتقالية».. وقال يخاطبهم: «نحن نريد أن تكون المؤسسة الأمنية والعسكرية مبنية على أسس حديثة ومتطورة من حيث كل ما هو مطلوب لهذا التوصيف وفي كل بلد من المعروف أن الجيش مهمته الأساسية حماية السيادة وليس حماية السلطة ووفقا لعقيدة عسكرية علمية متعارف عليها». وعقب هادي تصريحه الآنف بتأكيده خلال لقائه سفراء الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية السبت الماضي أن عملية الهيكلة تمضي بصورة «إيجابية بحسب ما نصت عليه المبادرة الخليجية»، مشددا على ضرورة أن يمضي الحوار الوطني وخطوات إعادة الهيكلة وتشكيل اللجنة العليا للانتخابات والسجل الانتخابي الجديد في وقت واحد «حتى لا تتوقف عند بعض الاشتراطات التي قد تولد فيها بعد مشاكل أكبر». وتزامن اللقاء مع تسريبات إعلامية عن طلب أمريكي تم تقديمه إلى هادي للإبقاء على نجل الرئيس السابق أحمد علي صالح قائدا لقوات الحرس الجمهوري «وذلك للاستفادة من تماسك قواته وجاهزيتها في الحرب على تنظيم القاعدة»، إلا أن تلك الأخبار قالت إن هادي اعتبر في رده على الطلب إن بقاء قيادات عسكرية ذات نفوذ في الجيش «إعاقة لأي عملية إصلاح للمؤسسة العسكرية»، وأشارت إلى أنه «وعد الجانب الأمريكي ببحث الموضوع من جوانب عديدة واتخاذ ما يلزم في مصلحة الوطن ونجاح عملية هيكلة القوات المسلحة والأمن». وفي خطابه بمناسبة العيد ال 49 لثورة ال 14 من أكتوبر حث هادي لجنة الشؤون العسكرية وتحقيق الأمن والاستقرار على مواصلة «بتفان وإخلاص وبما يعيد الثقة واللحمة في أوساط القوات المسلحة والأمن وصولاً إلى إعادة توحيد وهيكلة القوات المسلحة والأمن بصورة كاملة». داعيا جميع الأطراف إلى «التعاون الصادق مع هذه اللجنة حتى إنجاز كامل مهامها وأهدافها المرسومة». وتحدث عن الخطوات والقرارات التي يتخذها لإنهاء الانقسام «الحاد» في القوات المسلحة والأمن وإعادة هيكلة المؤسسة الوطنية الدفاعية والأمنية «ليكون ولاؤها لله والوطن والشعب وليس لأي فرد أو أسرة أو حزب والعمل على تحقيق تكامل هذه المؤسسة الوطنية تحت قيادة وطنية مهنية واحدة موحدة في إطار النظام والقانون، ووفقاً لروح دستور الجمهورية اليمنية ومضامين المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المتفق عليها من جميع الأطراف السياسية». لجان ميدانية وفرق فنية وعلى الأرض تسارع اللجان الميدانية المشكلة من وزارة الدفاع في عملية حصر القوى البشرية العاملة في الجيش في مختلف المناطق والقوى والمحاور والوحدات العسكرية لإعداد قاعدة بيانات دقيقة للقوات المسلحة، ويفترض أن تشمل عملية الحصر كل القوات البرية والبحرية والجوية. فيما بدأ فريق فني من الجيش الأردني وآخر من الجيش الأمريكي بوضع تصورات لتوحيد الجيش في مؤسسة واحدة تخضع مباشرة لوزير الدفاع والقائد الأعلى للقوات المسلحة. وترأس زير الدفاع اللواء الركن محمد ناصر أحمد الأربعاء الماضي اجتماعا للوفد والبعثات العسكرية وأكد على ضرورة إعادة بناء المؤسسة العسكرية والأمنية على أسس حديثة ومتطورة ووفقا لعقيدة عسكرية علمية صحيحة. مقابل ذلك، ترأس وزير الداخلية اللواء الدكتور عبدالقادر قحطان في اليوم ذاته اجتماعا للجنة إعادة تنظيم وهيكلة وزارة الداخلية، وأشار إلى أن الفترة المتبقية من عام 2012 وعام 2013 ستشهد تحقيق المزيد من النجاحات من أجل إعادة هيكلة وزارة الداخلية وأجهزتها الأمنية المختلفة. الحلقتين الأخيرة في عقد العائلة وفقا لتصريحات متطابقة لمصادر عسكرية وأمنية تحدثت ل»الأهالي نت» يتوقع أن تفضي تلك التحركات السريعة إلى صدور قرارات رئاسية هامة ومفصلية على الصعيد العسكري والأمني خلال الأيام القليلة القادمة من شأنها الإسهام في هيكلة الجيش والأمن ودفع العملية السياسية إلى الأمام. ويتوقع أن تطيح تلك القرارات بمن تبقى من أقارب صالح في مناصب عسكرية وأمنية خصوصا نجله الأكبر أحمد علي عبدالله صالح الذي يقود قوات الحرس الجمهوري والقوات الخاصة ونجل أخيه يحيى محمد عبدالله صالح رئيس أركان قوات الأمن المركزي، ويمثل الرجلان الحلقتين الأخيرة في عقد العائلة. النحت في الجسد وتأخير الرأس يعد أحمد علي العقبة الكؤود أمام العملية الانتقالية والقلعة الأعتى للعائلة التي تهدد نجاح عملية التغيير ونجاح هادي في بسط سيطرته العسكرية والمدنية كرئيس للجمهورية وقائد أعلى للقوات المسلحة. وفيما سبق وأصدر هادي في 6 أغسطس الماضي قرارات تقضي بسحب (7) من ألوية الحرس الجمهوري من تحت سيطرة أحمد وضم (3) منها إلى قوات الحماية الرئاسية وضم (4) من ألوية على المناطق العسكرية ومنحها استقلالية مالية وإدارية، نقلت «المدينة» السعودية السبت عن مصادر عسكرية وصفتها بالرفيعة في اللجنة العسكرية كشفها عن قرارات رئاسة مرتقبة يتم اتخاذها بمشاركة أمريكية وأممية تقضي بفصل القوات الخاصة المكونة من 11 لواءً عسكريًا عن قيادة الحرس وتحريرها من تحت سيطرة أحمد علي. الصحيفة نقلت عن مصدر عسكري تأكيده أن هذا القرار تم مناقشته مع هادي في الولاياتالمتحدةالأمريكية خلال زيارته الأخيرة لواشنطن. ومن شأن تلك القرارات فكفكة قبضة نجل صالح بقوات الحرس ورفع يده عن القوات الخاصة التي تم إنشاؤها محاكاة للتجربة الأردنية وإضعاف أحمد علي وتقليل فرص تمرده على أية قرارات تقضي بإبعاده والحيلولة دون نجاحه في عرقلة العملية الانتقالية أو إفشال عملية الهيكلة. ما يفعله هادي مع أحمد قد يفسر على أنه كالنحت في الجسد وتأخير الرأس لحين سقوطه طوعيا بعد تآكل الجسد الحامل له.
تصاعد الخلافات بين الدفاع وأحمد علي كان السفير الأمريكي بصنعاء جيرالد فايرستاين أبلغ قائد الحرس بأن الأيام القادمة ستشهد تغييراً له من قيادة الحرس الجمهوري -بحسب ما ذكرت صحيفة الهوية الأسبوعية. فيما سبق وكشفت مصادر عسكرية يمنية مطلعة عن تراجع في الموقف الأمريكي إزاء التوصية بالإبقاء على قيادات عسكرية وأمنية بارزة مقربة من صالح في مناصبها القائمة لاعتبارات تتعلق بدواعي مكافحة الإرهاب وتنظيم القاعدة في البلاد. وذكرت صحيفة «المدينة» السعودية أن الولاياتالمتحدة أبدت عبر سفيرها بصنعاء تأييدها لأي قرارات رئاسية جديدة سيتخذها هادي للتهيئة لعملية إعادة هيكلة الجيش «بما في ذلك إعادة تسوية الأوضاع الوظيفية للقيادات العسكرية والأمنية التي كانت واشنطن توصي بعدم استهدافها بقرارات إقصاءً أو تغييرا من مناصبها الحالية على رأس الوحدات العسكرية والأمنية المكلفة بمكافحة الإرهاب». وشهدت معسكرات الحرس الجمهوري الأسبوع الماضي احتجاجات واسعة في عدد من المناطق العسكرية ضد أحمد علي. وبحسب المعلومات التي نقلتها صحيفة الشرق الأوسط اللندنية عن مصادر يمنية متطابقة فإن عددا من معسكرات الحرس تشهد اضطرابات واحتجاجات من قبل ضباط وجنود في عدد من المناطق العسكرية ضد أحمد وإن تلك الاحتجاجات تطالب بإعادة هيكلة الجيش.. وشملت الاحتجاجات مطالبات بتسوية أوضاع مالية وإدارية كما حدث من إضراب في «معسكر طارق» بمحافظة تعز. وأصدر قائد الحرس مؤخرا قرارا انفراديا قضى بتعيين العميد علي الحمزي قائداً للواء 63 مشاه جبلي حرس جمهوري المتمركز في بيت بمنطقة أرحب شمال العاصمة خلفاً للعقيد أحمد الجاكي الذي طرده ضباط وأفراد اللواء الأسبوع الفائت وأغلقوا بوابة اللواء ورفعوا شعارات تطالب بإقالة قائد الحرس. وبحسب موقع «أنصار الثورة» الذي أورد الخبر فإن أحمد علي لم يرجع إلى اللجنة العسكرية أو وزارة الدفاع في قرار التعيين. وهذا القرار من شأنه تصعيد الخلافات الحادة بين وزارة الدفاع وأحمد علي التي خرجت مؤخرا للعلن بعد اتهام الأخير لقائد الحرس بنهب (90%) من أسلحة اللواء الأول حرس خاص الذي تم ضمه بقرار جمهوري إلى قوات الحماية الرئاسية ويتمركز بدار الرئاسة بمنطقة السبعين، ووعد بأنه سيوجه قائد الحرس بإعادة الأسلحة والقوة البشرية التي تم نهبها من اللواء، وقال إنه لم يعد يوجد من أسلحة وعتاد اللواء غير (10%) التسليم بالأمر الواقع على الجانب الآخر، من المفترض أن تفضي عملية هيكلة وزارة الداخلية إلى الإطاحة برئيس أركان حرب الأمن المركزي يحيى صالح الذي يقضى في العاصمة اللبنانية في بيروت منذ تاريخ 25 أغسطس إجازة يصفها البعض بأنها إجبارية تحسبا لصدور قرار بإقالته من منصبه في ظل حديث معلومات عن إبلاغ صالح له بعدم العودة. ومع أن قائد القوات الخاصة سابقا طارق صالح قال بأن سفر نجله يحيى تم بإذن من الرئيس هادي وقائد الأمن المركزي، فبقاء يحيى خارج البلاد يؤكد تسليمه بدنو إقالته كأمر واقع. وسبق وتحدث هادي في تفسيره لحادثة اقتحام السفارة الأمريكية بصنعاء عن «ظروف الانقسامات في صفوف الأمن ». عن الأهالي.