أثارت مسودة لآلية المشاركة في الحوار الوطني خلافات عاصفة في اليوم الثاني من جلسات أعمال المؤتمر الجنوبي المنعقد في عدن. وقوبلت تصريحات القيادي الجنوبي، محمد علي أحمد، بضرورة المشاركة في الحوار الوطني، برفض شريحة من المشاركين في المؤتمر الجنوبي، ما لم يكن الحوار قائما على أساس الحوار بين «الشمال والجنوب».
ورفض عدد من المشاركين في المؤتمر، أمس الاثنين، مناقشة مسودة آلية المشاركة في الحوار الوطني، التي وُسمت ب«رؤية إستراتيجية التفاوض»، وردد الممانعون هتافات: «لا تفاوض.. لا حوار»، غير أن رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر الجنوبي، محمد علي أحمد، تدخل محاولا إقناع الممانعين بضرورة المشاركة في الحوار الوطني.
حمل رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر الجنوبي محمد علي أحمد على القادة الجنوبيين الرافضين للمشاركة في الحوار الوطني.
وقال أحمد لمندوبي المؤتمر في ثاني أيام انعقاده: «يجب ان تعرفوا أن خمسين بخمسين هي اعتراف بثورة الجنوب وثورة الشمال»، في إشارة منه إلى مقاعد مؤتمر الحوار الوطني التي خصصت اللجنة التحضيرية للحوار 50 في المائة منها لأبناء المحافظات الجنوبية.
وأضاف ان الحوار ضروري لحل المشاكل العالقة سواءً الشخصية أو الوطنية، منتقداً رفع شعارات ترفض الحوار، وقال ان الحديث مع الجماهير وتحميسهم بشعارات قديمة ترفض الإصلاحات، والآن ترفض الحوار تأتي من أناس لا يريدون المستقبل، و«هذا جنون». حسب تعبيره.
وتابع القيادي التنفيذي في الدولة الجنوبية السابقة: «يا إخواني فكروا بعقولكم لا تفكروا بعواطفكم، والناس اللي يدفعوا بكم للغلط قد ضيعوكم من أول، نحن اليوم نشتي نعيد دولة، ما نريد كلام، ولا نريد شعارات من برع، نريد من يريد أن يناضل من داخل البلد».
وهذا هو أول رد صريح من أحمد، يقصد به -فيما يبدو- الرئيس الجنوبي السابق علي سالم البيض، الذي يتزعم الاتجاه الجنوبي الرافض للاشتراك في مؤتمر الحوار الوطني. وتظاهر أنصاره خارج القاعة التي ينعقد فيها المؤتمر الجنوبي لدى افتتاحه، الأحد الماضي.
واستدرك أحمد في حديثه عن المعارضين الجنوبيين في الخارج بالقول: «سنستقبلهم في المطارات وسنحميهم إلا إذا أرادوا أن يفرضوا علينا آراءهم من الخارج. أنا كنت متأثراً مثلهم لما كنت في الخارج؛ لأننا نتأثر بما حولنا، نحن في بلدان ديمقراطية وأمن واستقرار، وأيضاً مجاملات، لكن لما دخلت إلى هنا وأخذت شهرين أتحاور مع الآخرين وجدت صعوبات عديدة».
واستطرد: «وجدت أن الداخل فيه خطوط عريضة؛ فيه اتجاهات وعواطف ومنطقية، وفيه تشدد، ولكن تعاملنا مع الواقع بما يتطلبه هذا الواقع. والحمد لله وصلنا إلى منتهى القرار السياسي الدولي، وهذا بإرادتكم أنتم، أنتم من وصلتم قضيتكم إلى هذا المستوى، وجاء الناس يتعاملوا معكم: مجلس الأمن الدولي، الدول الإقليمية، وإخواننا في الداخل من الدولة والأحزاب».
وتعهد أحمد ب«خارطة جديدة» يُسفر عنها المؤتمر الجنوبي مخاطباً مندوبي المؤتمر بالقول: «سترون الفارق (..) كبيراً أكثر من أي وقت مضى، ولا يمكن عودة ما تعود عليه وطننا وأحزابنا».
وأضاف: «نحن جعلنا التمثيل والقيادة وطنية من كل المحافظات مختارة بإرادة شعبية على أساس التوافق، وكل محافظة يأتوا بمن يريدوا، كما يشاءوا، ولكن في المستقبل عندما نشكل هيكلية جديدة، ونعيد الجسم، بالتالي سيكون هناك انتخاب من الأدنى إلى الأعلى. أما الآن الخيارات بالتوافق».وحاول أحمد بهذا الخطاب إقناع مندوبي المؤتمر الذين رفضوا فكرة المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني وهتفوا مرددين «لا تفاوض لا حوار».
وكانت الوثيقة المقدمة للمؤتمر بعنوان «رؤية استراتيجية التفاوض» وتوضح آلية الاشتراك في مؤتمر الحوار قد قسمت المؤتمر إلى مؤيدين لها ورافضين.
ومن المقرر، أن يختتم المؤتمر أعماله اليوم الثلاثاء بإقرار الوثائق السياسية واختيار أعضاء هيئاته القيادية وذلك بعد أن ناقشت جلسات الاثنين مشروعي ميثاق الشرف الجنوبي والرؤية السياسية الجنوبية برئاسة محمد علي أحمد والدكتور علي عبد الكريم ورضية شمشير.
كما ناقش مندوبو المؤتمر في يومه الثاني وثيقة مبادئ التدوير القيادي للهيئات القيادية الجنوبية وهي المجلس الوطني الجنوبي واللجنة التنفيذية وهيئة الرئاسة.
وأبرز الوثائق المقدمة إلى المؤتمر هما: «مشروع الرؤية السياسية» و«مشروع ميثاق الشرف الوطني لشعب الجنوب».
يتضمن مشروع الرؤية السياسية خلفية تاريخية للجنوب منذ الاحتلال البريطاني له في القرن التاسع عشر، ويتعرض للقضية الجنوبية وطبيعتها مع سرد حجج سياسية وقانونية لفصل الجنوب في دولة مستقلة.
كما يتضمّن المشروع تعريفاً بالمؤتمر الوطني الجنوبي وأهدافه وهيئاته، ويعطي في أحد محاوره الهامة تصوراً افتراضياً شاملاً ل«دولة الجنوب المستقلة».
فوفقاً للمشروع الذي حصل «المصدر أونلاين» على نسخة منه، فإن أبرز أهداف المؤتمر الوطني لشعب الجنوب هو النضال «بمبدئية ومنهجية فاعلة لتحقيق أهداف شعب الجنوب المتمثلة في الحرية وتقرير المصير واستعادة دولته المستقلة».
وهيئات المؤتمر هي المجلس الوطني الذي يمثل محافظات الجنوب الست، ويتألف من 351 عضواً، يتم اختيارهم بالتوافق، واللجنة التنفيذية وعدد أعضائها 101 عضو يختارون بالتوافق، إضافة إلى هيئة الرئاسة والتي تتشكل من أعضاء اللجنة التنفيذية بالتوافق لتمثل محافظات الجنوب الست، وتتألف من 15 هم: رئيس الهيئة وخمسة نواب، يمثلون المحافظات الجنوبية الخمس الأخرى، والبقية أعضاء.
وفي تعريفه للدولة الجنوبية التي يفترض المشروع السياسي قيامها، ورد فيه أنها دولة «تستند على أسس ومبادئ وطنية جنوبية، وفكر إنساني متحرر، يضع الولاء الوطني للجنوب فوق كل مصلحة أو اعتبار. وهي دولة موحّدة تبنى على تعميق التسامح والمصالحة الوطنية؛ دولة ذات مشروع وطني ديمقراطي حداثي وشامل لبناء الدولة الجنوبية المستقلة، دولة النظام والقانون والمؤسسات الدستورية».
أما مشروع ميثاق الشرف الجنوبي، فيشتمل على 23 مبدأ، توضح حدود القضية الجنوبية التي سيتعهد الموقِّعون على الميثاق بالكفاح من أجلها. وتتضمّن هذه القضية استعادة الدولة الجنوبية. كما تنظم مبادئ الميثاق آليات العمل من أجل القضية الجنوبية.