جندرمة أمن وزارة الداخلية في أبين مساجين أبرياء وأطفال رهائن!! أبين التي عشت فيها وعرفتها قبل عشرين عاماً خضراء ندية عابقة برائحة الطين والمطر والأزهار والأشجار وكدح الناس الطيبين. أجدها اليوم مثقلة بهم لا ينتهي. بجندرمة وزارة الداخلية. الذين نقلوا إليها كل بائد وغابر أقلها اغتيال براءة الطفولة ونسمات الحياة. نظام الرهائن الذي صار يطال حتى الأطفال لم تكن تعرفه أبين أو تسمع به قبل عشرين عاماً ولكنه اليوم نظام يمارس سلطاته بجبروت يخلع القلوب ويلطخ بالعار الثورة والجمهورية والوحدة بل والحكمة والإيمان اللذين ندعي بالاستئثار بهم دون سائر الناس أجمعين. جمعت اشلائي وخرجت منها اليوم غريباً ومصعوقاً من أولئك الذين لا يجيدون غير صنع الظلم والطغيان والإحزان للناس. في سجن جعار وجدت نظام الرهائن تمارس في السلطات هناك بأمتياز. وجدت أطفال أبرياء بعمر الزهور يفترسهم الحزن وقسوة جندرمة منفلتة من إيقاع العصر والحضارة والإنسانية. وجدت جندرمة لا يحملون في رؤوسهم عقولاً بل يحملون كهوفاً ومدافن ومقابر لكل جميل. نعم ما شهدته في أبين قليلاً من كثير. ولكن ماذا أقول لأولئك الذين ابتلانا الله بهم والوطن وهذا الشعب البائس واليائس والمغلوب على أمره. أنظروا كم هي العدالة غائبة في يمن أزعجنا أعلامه الثرثار بالوحدة وبالمنجزات التنموية والديمقراطية التي لم نجدها إلا في مقابر وكهوف ترهاتهم. وجدت جندرمة وزارة الداخلية في أبين ولعين ومدمنين في ممارسة ساديتهم على المواطن الكادح والضابح والمشبع بالغلب والقهر والوجع. نعم أنهم أوجاع قاتلة في خاصرة الوطن وصداع قاس للرأس والظهر والفؤاد. أوجاع لا تشفق على طاعن في السن أو طفل في عمر الزهور. أنهم يدعسون القانون والدستور وحقوق وحريات المواطن بأحذيتهم المثقلة بالتخلف والجهل. والأكثر حزناً أن ما يمارس في أبين يتم على مسمع ومشهد رؤساءهم دون مأخذ أو عتب أو لوم. بل يتواطئون معهم ويختلقون لهم الأعذار والمبررات. وإذا زل مواطن غلبان زلة بحجم رأس الدبوس أقاموا الدنيا ولم يقعدوها وفتحوا أفواههم باسم القانون كالديناصورات والتماسيح. ولكن في أبين وجدنا جندرمه ولم نجد قانوناً قط المواطن محسن سالم أحمد البالغ من العمر 70عاماً من منطقة المخزن في محافظة أبين قُتل أبنه ثم حدثت واقعة قتل أخرى نسبت إلى أحد أولاده لا زال فاراً. وبدلا من أن يقوم الأمن بمتابعة المتهم أخذ والده المريض والطاعن في السن رهينة وعندما تهالكت صحة الأب في السجن وسدت المنافذ أمام ولده القاصر بشار تقدم بطلب إلى مدير الأمن جاء في نصه: أنا بشار محسن سالم التزم بأن أدخل السجن بدلا عن والدي لكون حالته الصحية متدهورة إضافة إلى أصابته بالأمراض. آمل بدخول السجن بدلا عن والدي. مقدم الطلب بشار محسن سالم أحمد تاريخ 11/5/2005م وقد وجه مدير أمن م/أبين على الطلب بالقول : لا مانع من إدخال الأخ بشار بدلا عن والده حتى وصول أخيه وشكراً. توقيع المدير وممهور بختم أمن المحافظة معروض أعلاه تقديم طلب بشار كان بعد متابعة مضنية منه للإفراج عن والده الرهينة وعندما سدت في وجه كل الأبواب أراد أن يعلم القائمين على أمن المواطن درساً بالمجان. نعم أراد أن يفهمهم كم هو محب وكم هو مضح في وجه من لا يعرف للحب طريقاً أو مكاناً إلا حب ذواتهم وأنفسهم المريضة. أقدم بشار على دفع حرية حياته رهينة لإنقاذ حياة والده المريض الذي يؤكد المستشفى “المخزن” أنه يعاني من تضخم في غدة البروستات ويتطلب تركيب قسطرة بولية بشكل دوري لفترات طويلة بالإضافة إلى كبره وإصابته بأمراض أخرى. أما الطفل علي يسلم أحمد عمره أربعة عشر سنة فهو رهينة في نفس السجن منذ أكثر من سبعة أشهر. لقد كان يحلم بمستقبل جميل ومشرق ولكن جندرمة أمن وزارة الداخلية في محافظة أبين أجهزت على أحلامه وربما مستقبله وأودعته السجن دون أن يقترف أي جريمة أو جنحه وكل ذلك تم بلا أمر قضائي. بل أن العذر لديهم أقبح من الذنب. الرهينة حتى عودة أخيه المفرج عنه بغرض العلاج قبل أن يمضي كامل عقوبته أنه ضحية لجندرمة أمن خارب وضمائر ميتة وعقول معطلة. جندرمة أمن محافظة أبين عاجزون عن متابعة المجرمين والقتلة فيلجأون إلى نظام الرهائن الذي كان معمولا به أيام العثمانيين والإمامة في اليمن ولم يعد يعمل به حتى في أكثر البلدان المتخلفة غير اليمن. بل أنه لا زال في اليمن فارساً له صولةً وجولة. جندرمة أمن وزارة الداخلية في أبين لا تكتفي بأنها لم تنفذ ما أنيط بها من مهام بحسب الدستور أو القانون وإنما تتطفل على مهام غيرها طالما كان في ذلك مصلحة أو مآرب أو غاية. نورد هنا مثالا واحداً شاهداً لمن لا يعرف أبجدية القانون. خلافاً بين مستأجر ومؤجر حول عقد إيجار وتجديد عقد. خلاف مدني محض لا تعتريه شائبة أو شبهة جنائية من قريب أو بعيد. الجهة المختصة للنظر فيه هي المحكمة. مدير الأمن في المحافظة يسجن المستأجر ومدير امن المديرية يسجن المستأجر ومدير المديرية يسجن المستأجر. النيابة تفهم المتنازعين بأن النزاع مدني وطريقه المحكمة لا الأمن. إلا أن أمن المحافظة والمديرية يقامرون ويعاندون ويغلقون المحل بالقفل والرفض. المستأجر لديه بأكثر ثلاثمائة ألف ريال حلويات مهددة وعرضة للتلف. الإغلاق غير قانوني.. مدير أمن المديرية لا يفرق بين قانون الإجراءات الجزائية وقانون العقوبات بل لا يدري بحلول سلطاته واختصاصاته. ولا يفرق بين الكبش والمعزة. نعم. لقد ابتلينا بمن يحمل أكوام النجوم ولا يميز بين البعوضة والجمل. إنهم مأساة هذا الوطن.