بالتزامن مع إعلان الهدنة، دشن الليلة اغتيال سياسي للتربوي محمد السراجي بصنعاء، و عبد الرزاق المؤيد لازال محلك سر مدير امن الأمانة، يومياً يتم الإعلان عن إلقاء القبض على متطرفين قبل تنفيذهم لعمليات انتحارية. أخرهم اليوم و هم مرتدين لزي نسائي وبراقع، السؤال لماذا لم يقدم حتى متهم واحد للمحاكمة أمام المحكمة الجزائية المتخصصة، محكمة امن الدولة المتخصصة بقضايا الإرهاب؟ المحكمة بها رئيس محكمة جيد و قضاة شباب محترمون، فلماذا لا تؤدي دورها في محاكمة المتهمين بقضايا الإرهاب والاغتيالات؟ و من يقف وراء تعطيل القضاء، و إبقاء المتهمين فترات طويلة بدون محاكمات، من له مصلحة في ذلك؟ أين قتلة الشهيد المناضل عبد الكريم الخيواني؟ لماذا لم يقدموا للمحاكمة؟ المعركة مع العدو و أدواته بالداخل ليست عسكرية فقط، بل هي متعددة الأوجه، عسكرية أمنية مخابراتية إعلامية قانونية حقوقية قضائية، خدماتية. اليمنيون يخوضون معركة مصيرية مع آل سعود و أدواتهم الإرهابية بالداخل، و يجب أن تتكامل الجبهات، الجبهة العسكرية مع الأمنية مع الإعلامية مع القضائية والعدلية، مع جبهة تشكيل الدولة والحكومة، لتوفير الخدمات الضرورية للمواطنين بأسعار معقولة ومناسبة، و أي قصور أو تقصير في إحدى الجبهات، سيؤثر حتماً على بقية الجبهات وتكون نتيجته الهزيمة في المحصلة النهائية. الكويت قدمت خلية تفجير جامع الصادق للمحاكمات، و كذلك فعلت تونس أعلنت حالة الطوارئ، و ألقت الدولة التونسية القبض على عدد كبير من المتطرفين المشتبه فيهم، و ستقدمهم للمحاكمات قريباً، و قررت تونس إغلاق ثمانين مسجد. كذلك تفعل مصر مع كل المتهمين بقضايا الإرهاب، لأن الدول تدرك إن الإرهاب خطر يهدد وجودها و أمنها القومي. الإرهاب آفة مدمرة تدمر المجتمعات و الدول و ليس وجهة نظر حتى تتسامح مع قياداته و تعبيراته السياسية و الفكرية ومموليه، أما لدينا فنسمع جعجة و لا نرى طحين. نسمع كل يوم عن القبض على مشتبه بهم، و السجون تعج بقيادات وقواعد الإرهاب، و لم يقدم أنصار الله متهم واحد للمحاكمة، و فترة و يفرجوا عنهم بعد أن يقرأوا و يسمعوا بحملة تضامنات و ضخ إعلامي من وسائل إعلام و حقوقيين و ناشطين و صحفيين، يقبضوا الأموال من آل سعود، و المتضامنين و المزوبعين هم التعبير السياسي للقتلة و منفذي الاغتيالات والعمليات الإرهابية. ويتم الإفراج عن من تم القبض عليهم، و عفى الله عما سلف، و من قتل الله يرحمه، و القاتل عفا الله عنه! كل ذلك لان أنصار الله لا زالوا مليشيا، تنظر لنفسها و ينظر إليها الداخل و الخارج أنها متمردة على شرعية الرئيس و الحكومة الموجودة بالرياض، و لو كانوا استولوا على سلطة الدولة و كانوا انقلابيين حقيقيين يملكوا مشروع وطني نهضوي يستهدف الخير العام، كان يفترض أنهم شكلوا مجلس قيادة ثورة و حكومة ثورة، و شكلوا كل مؤسسات الدولة من الكفاءات المهنية الشريفة والوطنية داخل الدولة نفسها. و لكنهم كحاطب ليل، يتخبطوا خبط عشواء. كنا في السابق ننتقد نظام هادي ومشترك الإصلاح، لتسترهم علي الإرهابيين و التغطية عليهم و عدم تتبعهم و تقديمهم للمحاكمات، لأنهم كانوا متواطئين مع منفذي الاغتيالات والتفجيرات. و كنا نستبشر خير بأنصار الله، و بحزمهم و شبطهم و ضبطهم و ردعهم للإرهاب و أدواته. لكن اتضح لنا أنهم غوغاء، يتصرفوا بطيش وخفة إزاء امن اليمن القومي، هربوا من الدولة و شكوا في أجهزتها و قضائها و أمنها و جيشها، بدلاً من نزع سلطتها و إجراء إصلاحات جذرية ثورية في جهازها البيروقواطي الضخم، و إعادة الاعتبار للكفاءات الوطنية التي كانت مهمشة و مقصية من قبل النظام السابق، و تفعيل أدوات الدولة في الحياة العامة، و قمع أعداء الوطن والثورة الطبقة السائد الحاكمة الفاسدة العميلة المستبدة بأدوات الدولة. لكنهم قوضوا الدولة و عطلوا جهازها البيرقراطي الضخم وحولوها إلى جمعية خيرية تدفع مرتبات أخر الشهر من دون أن تؤدي أي عمل و أي دور. إنهم مصابون بفوبيا من الدولة و إذا استمر رهابكم من الدولة و هروبهم منها و إدارتها من خارجها جبناً عن تحمل المسئولية، سيسقطوا سقوط مدوي. الشعوب لا ترحم و من يتخلى عن واجباته نحوها تمكر به و تنقلب عليه. لا بد أن تدركوا أنكم تستمدوا شرعيتكم من خدمة الشعب، و توفير الاحتياجات الضرورية التي لا تستقيم الحياة الا بها للمواطن الضعيف الفقير. و لأجل ذلك وجدتم حاضنة اجتماعية التفت حولكم، و أيدتكم و سلمت لكم قيادة الثورة و الدولة، و إذا تخليتم عن التزاماتكم تلك ستسقطوا سقوط مدوي. لا يكفي أبداً الاستبسال في جبهات القتال، و أنت مقصر في بقية الجبهات.