حين تكون الأطراف السياسية المتحاربة هي التي ترتب أولويات الشارع و تجدول اهتماماته، فإن النتيجة البديهية حتما هي أن يصبح الشارع الشعبي منفلت تماما عن قضاياه الجوهرية و اهتماماته الوطنية التي يجب أن تكون أولى أولوياته و بالتالي يجد الشارع نفسه و في حالة لاوعي و انفعال متخندق ضمنا و علنا في سياقات أطراف الصراع التي تستهلك جهده و طاقاته و حماساته في انجاز مهامها الخاصة اللاوطني.. المجتمع اليمني يعيش اليوم حالة من التشتت و الضبابية و التشظي و يحرق طاقاته و جهوده في معطيات و محددات لا تمت إلى مصالحه العليا بصلة. صحيح ان ما نعيشه من حرب داخلية و انتهاكات بالجملة و عدوان خارجي يجعل كل المسائل الصراعية المتفرعة من ذلك، ذات أهمية، إلا أن ترتيب الأولويات و الاهتمامات التي يجب ان ينشغل بها الشارع و يوجه نحوها طاقاته يجب ان تجدول و تسلسل في وعي و ذهنية واهتمامات الناس ضمن اولويات و محددات يصوغها الشارع نفسه بعيدا عن تجاذبات اطراف الصراع. لكن الشارع اليمني للأسف اليوم لا يصيغ اولوياته و يرتب قضاياه من حيث توجيه طاقاته واهتماماته، و انما صار و في ظروف غير مسبوقة ملتحقا و متخندقا بكل طاقاته و فعالياته و حيويته ضمن اجندات اولويات و اهتمامات طرفي الصراع. هذا الالتحاق و التخندق المخيف و اللاوعي، أسفر الى انقسام مجتمعي حاد و خطير لم يسبق للمجتمع اليمني عبر مراحله التاريخية ان عاش مثل هكذا انقسام افقي كلي و حاد. علينا كمجتمع و نخب استحضار وعينا و قواسمنا المصيرية و جوامعنا و قضايانا الوطنية، و تحديد أولوياتنا و اهتماماتنا على ضوء طبيعة تلك المعطيات و الابتعاد ما امكننا عن ذلك عن الانجرار اللاواعي وراء طرفي الصراع. و مالم نعمل ذلك فان مزيدا من المتاعب تنتظرنا...!! من حائط الكاتب على الفيسبوك