نددت منظمات حقوقية في اليمن بما سمتها الهجمة التي تشنها أجهزة الأمن ضد الصحفيين والمراسلين الأجانب, وعدتها مؤشرا خطيرا لقمع حرية التعبير ونقل ما يفعلونه في المحافظات اليمنية للرأي العام الخارجي بشفافية. وعبر عضو مجلس الأمناء بالمرصد اليمني لحقوق الإنسان محمد المخلافي عن قلقه البالغ إزاء التهديدات والملاحقات التي يتعرض لها الصحفيون، وعد ذلك مؤشرا واضحا لافتقاد النظام اليمني لأي وسيلة بقاء غير التفكير في استخدام العنف. وأكد لمراسل الجزيرة نت إبراهيم القديمي أن هذه الاعتداءات دليل على وجود نوايا مبيتة من قبل السلطة لاستخدام المزيد من العنف ضد المعتصمين بالقوة المفرطة في العتمة وبعيدا عن أعين الصحفيين والمراسلين. اعتداءات بالجملة وكانت السلطات اليمنية قد صعدت اعتداءاتها ضد الصحفيين اليمنيين والأجانب -منذ اندلاع ثورة الشباب- بوسائل عدة شملت التعدي عليهم بالضرب بالهراوات الكهربائية والاختطاف والتهديد بالقتل والترحيل والشتائم. ففي صنعاء تعرض مراسل قناة بي بي سي عبدالله غراب ومصوره للضرب المبرح ومصادرة كاميرا القناة من قبل "بلطجية", كما اختطف رئيس تحرير أسبوعية القضية عبد السلام جابر وأفرج عنه بعد مرور 12 ساعة, واختفى أمس صحفيان أجنبيان في ظروف غامضة. وتعرض رئيس اللجنة الإعلامية لشباب الثورة الإعلامي أحمد المسيبلي للتهديد وصودرت كاميراه، وحذر من الإدلاء بأي تصريحات, بعد إجرائه مقابلة تلفزيونية مع قناة سهيل "فضح فيها سياسة الإعلام الرسمي ومطالبته برحيل النظام". وفي وقت سابق تلقى المعاملون في مؤسسة الصحوة اتصالا من مجهول هددهم فيه بالتصفية الجسدية -كل صحفي على حدة- طالبا منهم التعامل بأسلوب حضاري مع أسيادهم، على حد قوله. كما تعرض ثمانية صحفيين لاختناق بغاز سام أثناء هجوم نفذته قوات الأمن على ساحة التغيير بصنعاء. الجزيرة ونالت قناة الجزيرة ومراسلوها قسطا وافرا من التهديدات، حيث حاصر 20 شخصا يحملون أسلحة خفيفة المبنى الكائن فيه مكتب القناة بصنعاء ورددوا شعارات معادية للقناة والعاملين فيها. وفي وقت متأخر من مساء أمس حاصرت قوة أمنية منزل مراسل القناة أحمد الشلفي والمداخل المؤدية إليه بهدف إلقاء القبض عليه, وحذرت نقابة الصحفيين اليمنيين السلطات من أي مساس بسلامة الشلفي داعية للتظاهر أمام القصر الجمهوري في حال لم يرفع هذا الحصار. من جهته شجب رئيس لجنة الحريات بنقابة الصحفيين جمال أنعم ممارسات السلطة ضد الصحفيين قائلا للجزيرة نت "نشعر أن هناك حالة من الانفلات والجنون والهستيريا في التعامل مع الصحفيين وشاهدنا زملاء كثرا ضربوا بالهراوات وسالت دماؤهم ورأينا مراسلين أجانب هددوا بالطرد". ووصفت رئيسة منتدى الشقائق لحقوق الإنسان أمل الباشا اعتداءات السلطات على الصحفيين بالأساليب الجبانة التي تتنافى مع التزام اليمن بالمواثيق الدولية المؤكدة على احترام حرية نقل المعلومات بالصورة والكتابة. وبينت للجزيرة نت أن التضييق على الصحفيين دليل على أن مقاومة الطغيان ليست بالأمر الهين ولن تتساهل الأنظمة القمعية -وإن تجملت بخطب لا تمت إلى الواقع بصلة- في السماح بممارسة وسائل الإعلام لمهامها بحرية تامة. انتهاكات جسيمة من جهة أخرى يتابع التحالف الدولي للدفاع عن الحقوق والحريات والمركز الأوروبي لحقوق الإنسان والقانون الدولي بقلق بالغ الانتهاكات الجسيمة في اليمن منذ قررت السلطة استعمال كل الوسائل العسكرية وبشكل منهجي لقمع الاحتجاجات الشعبية. وانتقد التحالف "استعمال السلطة لما يسمى بالبلطجية بشكل واسع لمواجهة الاعتصامات والتظاهرات السلمية التي يتم استخدام الرصاص الحي وآخرها الغازات المحرمة دوليا" من قبل قوات الأمن المركزي والقوات الخاصة والحرس الجمهوري. وأوضح التحالف أن التقدير الأولي لضحايا هذه الاعتصامات جاوز 30 قتيلا و1000 جريح معظمهم مصاب في القسم العلوي من الجسم ويمكن أن يحمل عاهات مدى الحياة. وناشد بتشكيل لجنة تحقيق دولية في هذه الجرائم، ومطالبة مجلس الأمن دعوة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لفتح التحقيق في هذه الجرائم فورا عملا بالمادة 13 الفقرة (ب) من ميثاق روما. المصدر:الجزيرة