ذكرت مصادر وثيقة الاطلاع أن الرئيس اليمني علي عبد الله صالح يعيش حالة حرجة غير مسبوقة جراء ارتفاع عدد استقالات أتباعه من الوظائف ومن الحزب الحاكم وبالذات كبار المسؤولين من أركان نظامه، الذين قدموا استقالاتهم بشكل جماعي من مختلف المواقع القيادية احتجاجا على استخدام الرصاص الحي ضد المتظاهرين الجمعة الماضي بصنعاء وفي العديد من المدن اليمنية الأخرى. وأوضحت ل « القدس العربي » أن الرئيس صالح شوهد في عدة مواقف منذ الجمعة وهو في وضع عصيب وحالة عصبية غير معهودة، يفرض رأيه على الآخرين دون أن يجرؤ أحد على أن يطرح عليه الحل الحاسم لأزمة اليمن المحصور ب(تنحيه عن السلطة). « مشيرة إلى أن صالح يفقد كل يوم العديد من العقلاء من أتباعه ومن مسؤولي نظامه، وفي ظل الارتفاع الدراماتيكي للمستقيلين من المسؤولين اليمنيين يزداد الوضع حرجا ويزداد صالح تأزما » قد تفقده صوابه في حال ازداد تدهور الوضع على هذا النحو الذي يتم تجاهل أسبابه والواقفين وراءه، على حد تعبير هذه المصادر. وارتفع عدد الوزراء المستقيلين من الحكومة الحالية إلى 3 وزراء، بإعلان استقالة وزيرة حقوق الإنسان في اليمن الدكتورة هدى البان عن منصبها، والتي كان سبقها وزير الأوقاف والارشاد القاضي حمود الهتار ووزير السياحة نبيل حسن الفقيه، اللذان استقالا من منصبهما في وقت سابق. وباستقالة عضو مجلس النواب علي شايع من الحزب الحاكم أمس ارتفع عدد البرلمانيين المستقيلين من حزب المؤتمر الحاكم إلى 24 برلمانيا، وتزامن مع ارتفاع عدد وكلاء الوزارات المستقيلين من مناصبهم، وكذا مسؤولي المؤسسات الإعلامية. كما استقال العديد من السفراء اليمنيين البارزين وفي مقدمتهم السفير عبد الله الصايدي، مندوب اليمن الدائم لدى الأممالمتحدة، الذي قدم استقالته امس، فيما كان قد سبقه في تقديم الاستقالة من منصبه السفير اليمني في لبنان فيصل امين أبوراس والسفير اليمني في بعثة الأممالمتحدةبجنيف عبد الله النعمان. ووجه أهم تسعة سفراء يمنيين رسالة للرئيس اليمني علي عبد الله صالح يستوضحونه عن أسباب ارتكاب مجزرة دموية ضد المحتجين السلميين بصنعاء الجمعة ومن يقف وراءها وطالبوا بتشكيل لجنة محايدة للتحقيق في هذه القضية وتقديم من يقف وراءها للمحاكمة. « وضمت الرسالة التي كانت بلغة شديدة وصريحة توقيع تسعة سفراء هم خالد بحاح السفير اليمني في أوتاوا بكندا، ونجيب عبيد سفير اليمن في لاهاي، ومحمد لطف الإرياني سفير اليمن في برلينوخالد إسماعيل الأكوع سفير اليمن في باريس ومحمد الهلالي سفير اليمن في موسكو وعبد الحكيم الإرياني في فيينا وجمال عوض في الجزائر وإبراهيم العدوفي في جنيف وحسين عطيفه القنصل العام في فرانكفورت. » وقالوا في رسالتهم المشتركة « نعبر عن استنكارنا للجريمة النكراء التي حدثت يوم الجمعة وأودت بحياة أكثر من خمسين مواطناً من المعتصمين ممن كانوا يمارسون حقهم الدستوري في التعبير عن الرأي بالوسائل السلمية أمام جامعة صنعاء. » واضافوا « » إن هذه الجريمة المروعة أثقلت ضمائرنا مما حدا بنا لتوجيه هذه الرسالة لفخامتكم لنطالب بإجراء تحقيق مستقل ومحايد لكشف ملابساتها وسرعة إلقاء القبض على مرتكبيها ومحرضيها وتقديمهم للعدالة. « وقال » إننا يا فخامة الرئيس نواجه صعوبة بالغة في استيعاب ما حدث يوم الجمعة والذي جاء في أعقاب حوادث مماثلة في عدن وتعز والمكلا والبيضاء وغيرها من مدن الجمهورية بالرغم من توجيهاتكم الصريحة بحماية المتظاهرين وعدم الاعتداء عليهم، كما أن التفسير الرسمي لما حدث الجمعة لن يستقيم ويصبح مقبولاً أخلاقياً أمام العالم إلا بتقديم الجناة والمحرضين لينالوا جزاءهم الرادع. في غضون ذلك شهد اليومان الماضيان تقديم استقالات عديدة لقيادات المؤسسات الإعلامية الحكومية وفي مقدمتهم رئيس مجلس إدارة وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) الرسمية نصر طه مصطفى، ورئيس مجلس إدارة صحيفة الجمهورية الحكومية سمير رشاد اليوسفي ومدير تحرير صحيفة الثورة الحكومية عبد الرحمن بجاش. وكان جميع الذين قدموا استقالاتهم من مناصبهم ومن الحزب الحاكم قاموا بذلك احتجاجا على استخدام السلطة للرصاص الحي ضد المتظاهرين بصنعاء وفي العديد من المدن اليمنية الأخرى والتي أدت إلى مجازر دموية غير مسبوقة وغير مقبولة قانونا وشرعا والتي أحدثت ردود أفعال شديدة لدى الأوساط المحلية والخارجية والتي صعدت مطالب المتظاهرين ضد النظام في اليمن إلى المطالبة بمحاكمته بدلا من رحيله كما كانت مطالبهم السابقة. القدس العربي - خالد الحمادي