ولفتت المجلة في الإطار ذاته إلى أن معظم الحركات الإسلامية -بدءًا من الجماعة الإسلامية في مصر والجهاد الإسلامي في فلسطين وحزب الله في لبنان- تحظى بسجل مؤسف وغير مثمر. ثم أوضحت المجلة أن الغنوشي تسنح أمامه الفرصة اليوم لكي يثبت وجهة نظره، خاصة بعد تفوق حزبه الشهر الماضي على 100 حزب تونسي آخر في الانتخابات التي جرت مؤخراً في البلاد وفوزه ب 40 % من الأصوات، وبالتالي فوزه بالحق في قيادة الحكومة التونسية خلال المرحلة المقبلة. ومضت المجلة الأميركية تقول إن الإسلام بدأ يظهر باعتباره قوة كامنة مكافئة للديمقراطية في تحديد النظام الجديد في منطقة الشرق الأوسط. وفي هذا السياق، نوهت المجلة بالتوقعات التي تتحدث عن قرب تحقيق جماعة الإخوان لنتائج جيدة في انتخابات مجلس الشعب المصري المقررة هذا الشهر. وكذلك الدعوة التي أطلقها مؤخراً رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي للاستعانة بقوانين متوافقة مع الشريعة الإسلامية، بما في ذلك رفع القيود المفروضة على مسألة تعدد الزوجات. ثم لفتت فورين بوليسي إلى أن المتلازمة الجديدة التي باتت واضحة للعيان في العواصم الغربية الآن هي " الإسلاميون قادمون، الإسلاميون قادمون". وفي بعض الأوساط، أطلقت الآفاق الانتخابية للإسلاميين العنان لجزء قليل من الأسى بالنسبة إلى الديكتاتوريين العلمانيين القدامى. وباتت الأحزاب الإسلامية اليوم، دون أدنى شك، أكثر تأكيداً وطموحاً من ذي قبل. وسيكون العقد المقبل أكثر إثارة للصدمات بالنسبة للغرباء والدخلاء مقارنةً بالعقد الماضي، رغم أن ذلك يعود غالباً بشكل أكبر للتحديات الاقتصادية أكثر من السياسة الإسلامية. وقد تطور الإحياء الإسلامي بشكل ملحوظ منذ سبعينات القرن الماضي حيث بات للسياسة الإسلامية تواجد على الساحة بعد حرب العرب مع إسرائيل عام 1973 والثورة الإسلامية في إيران عام 1979. كما شهد عقد ثمانينات القرن الماضي نهوض التيار المتطرف وتزايد وتيرة العنف، أولاً بين الشيعة ثم بين السنة. لكن في التسعينات، بدأ يتحول الاتجاه من الرصاص إلى صناديق الاقتراع - أو الاندماج - مع أحزاب سياسية تعمل ضمن أنظمة إسلامية، وليس مجرد الاكتفاء بمحاولة تخريبها من الخارج. وفي مطلع القرن الحادي والعشرين، بدأت تتحدى شعوب الشرق الأوسط الأنظمة المستبدة والتطرف بطرق خلاقة. ثم جاءت الانتفاضات العربية التي وقعت مؤخراً لتشكل المرحلة الخامسة. ثم أشارت المجلة إلى أن هناك تعريفات كثيرة للإسلام السياسي، في وقت لا تهيمن فيه رؤية واحدة على متغيرات الأحداث. وقسَّمت الأحزاب السلمية إلى ثلاثة محاور رئيسة في هذا الطيف، وقالت إن أول هذا الطيف يضم تلك الأحزاب التي تأتي في مقدمتها أحزاب العدالة والتنمية في كل من تركيا والمغرب وكذلك حزب النهضة في تونس، وفي المنتصف، هناك جماعة الإخوان المسلمين في مصر، التي بات لديها 86 فرعاً في جميع أنحاء العالم الإسلامي منذ عشرينات القرن الماضي ونبذت العنف في سبعينات القرن الماضي. كما سبق لها أن حصلت على 88 مقعداً في مجلس الشعب خلال فترة حكم الرئيس مبارك. غير أن المجلة انتقدت مواقفها بشأن المرأة والأقباط في العملية السياسية وكذلك إسرائيل باعتبارها دولة جوار، واصفةً تلك المواقف بأنها مواقف عفا عليها الزمن. وأعقبت فورين بوليسي بقولها إن العوامل التي أدت إلى حدوث الانتفاضات - مثل بروز دور الشباب ومحو الأمية وأدوات التكنولوجيا - قد ولدت طرقاً متنوعةً من التفكير بين الإسلاميين الشبان أيضاً. وختمت المجلة بقولها إن المحور الثالث والأخير لهذا الطيف هو ذلك المتعلق بالمناقشة الأكثر حيوية المنتظر أن تثار على مدار العقد المقبل بين الإسلاميين المتنوعين وليس بين الإسلاميين والأحزاب العلمانية. وسوف تتضح تلك التوترات السياسية في الوقت الذي ستحدث فيه منافسة لتحديد دور الإسلام في الدساتير الجديدة - ومن ثم تطبيقه في شؤون الحياة اليومية. وختمت فورين بوليسي بنقلها عن ضياء رشوان، الخبير في شؤون الإسلام السياسي في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، قوله :" لن نحرز أي تقدم حقيقي بدون الإسلام. فحين بنت البلدان الغربية تقدمها، فإنها لم تخرج عن تاريخها الثقافي أو المعرفي. فاليابان لا تزال تعيش في ثقافة الساموراي، لكن بطريقة حديثة. وما زال يعيش الصينيون على التقاليد التي أنشأتها الكونفوشية. فلم يتعين علينا إذن أن نخرج من تاريخنا". المصدر : إيلاف - أشرف أبوجلالة