ونقلت صحيفة "الشرق" السعودية أن وزارة الداخلية السعودية نشرت دراسة تكشف فيها عن وجود 204 آلاف مدمن ومدمنة في السعودية، ما يعادل أكثر من 1.1% من السعوديين، 20% منهم نساء. معاناة المدمنات وأكدت (م . ع) التي تعافت من الإدمان مؤخراً، أنها بدأت رحلة التعاطي عن طريق شم رائحة المناكير، والصمغ، وتطورت بعد أن تعرفت على شاب في إحدى الحفلات الماجنة وأقنعها بتعاطي الإبر، وكشفت أنها، وفي سبيل الحصول على المخدرات اضطرت إلى تهريبها عبر المنافذ الحدودية مستغلة جسدها وحشو المخدرات في جوفها و"الأجزاء الحساسة" من جسدها للتمويه على الجهات الأمنية. وتطرقت (م . ع) إلى المعاناة التي عاشتها مع الإدمان، قائلة "عانيت لمدة ثلاث سنوات في حياة لا قيمة لها ولا معنى خسرت خلالها أهلي وصديقاتي وكل من كان حولي، وكان همي الوحيد هو إشباع رغباتي، حتى تعرفت على صديقة انتشلتني من هذه الحفرة، والآن أعاني من بعض الأمراض بسبب ما كنت أتعاطاه". أما (ح. ن) فقالت: "تعاطيت المخدرات وأنا في المدرسة، وكنت أهربها داخل جسدي ودخلت عالم الإدمان عن طريق صديقتي وتم ضبطي في المدرسة عندما قامت المعلمة بتفتيش طالبات الفصل، وفي أثناء التفتيش، أخذت شنطتي بسرعة فانهلت عليها أدفعها بقوة لكي أحصل على الشنطة فاجتمعت عليّ سبع مدرسات وفُتحت الشنطة التي كنت أحمل بها "البودرة" وأخذت عينة منها اتضحت أنها من أنواع المخدرات، وتم فصلي من المدرسة، وأنا نادمة وأحس بالحسرة على ماكنت أفعله فقد خسرت أهلي ودراستي وكل صديقاتي". وأكد مساعد مدير عام مكافحة المخدرات للشؤون الوقائية عبدالإله الشريف أن التقارير أثبتت استخدام الزوجة أو البنت في ترويج وتهريب المخدرات، إلا أن نسبة تلك التصرفات تبقى قليلة. ومن جهته قال مساعد المدير العام للجمارك للشؤون الفنية والمعلومات حمد بن سليمان القسومي إن الجمارك السعودية تتوافر لديها كافة الوسائل للإطاحة بمهربي المخدرات قبل دخولهم السعودية، ومن أبرزها استخدام أنظمة الفحص بالأشعة وأجهزة قياس الكثافة وقياس الأبعاد والمناظير للأماكن المغلقة واستخدام "الكلاب البوليسية". أسباب إدمان الفتيات وتطرق المعالج النفسي لمرضى الإدمان فيصل آل عجيان إلى مجموعة العوامل التي تساعد على التعاطي، وقال: "للبيئة والتنشئة الاجتماعية دور كبير في توجه الفتاة إلى التعاطي، كما أن لكل شخص عوامل بيولوجية، تساعده في توجه السلوك، هذا بالإضافة إلى عوامل أخرى مثل الرغبة والاتجاه وتكوين الهوية، مثل فشل الفتاة في حياتها المهنية أو الدراسية فتكون غير راضية عن حياتها وهويتها الاجتماعية فتلجأ إلى لعب دور سلبي تجاه نفسها". وأكدت الباحثة التربوية استقلال الحليو على هذا الكلام عن العوامل التي تدفع الفتاة للتعاطي وقالت: "إن الاحتياج العاطفي من أهم الأسباب المؤدية للتعاطي فغالباً ما تقيم الفتاة علاقة عاطفية مع شاب يجرها إلى الإدمان، وأيضا المشكلات الأسرية التي تجبر الفتاة إلى اللجوء للمخدر للهروب منها، وكذلك رفقاء السوء والرغبة في التجربة والاطلاع على الجديد، بالإضافة إلى الرفاهية المادية في ظل غياب الرقابة الأسرية وضعف الوازع الديني". وأضافت الحليو أن فترة المراهقة تعتبر من أهم المراحل في حياة الفتاة، وأن للأسرة دوراً كبيراً في الرقابة والتوجيه وإشباع الرغبات وكذلك المشاركة في اختيار الصديقات. لا شفاء وشرح آل عجيان "لا يوجد شفاء من التعاطي بل يسمى تعافياً، والتعافي هو ترك المادة المخدرة لفترة من الزمان والابتعاد عن العوامل المؤدية إليها، مثل رفقاء السوء، فقد كنت أعالج مريضاً توقف عن الإدمان لمدة عشرين سنة وبسبب بعض الظروف المحيطة رجع للمخدرات وانتكس مرة أخرى". وكشف أن نسبة المتعافين والمتعافيات لا تزيد عن 2% في أفضل الحالات وهي مرتبطة بنوع المخدر والمدة الزمنية للتعاطي. وأوضح آل عجيان أن علاج المدمنين في المستشفى يتم بسرية تامة، ولكنه قد يكون محرجاً للفتاة بحكم ثقافة المجتمع والحواجز النفسية، وفي الأغلب لا تستطيع أن تحضر إلا مع ولي أمرها. ومن جهته كشف مدير مجمع الأمل للصحة النفسية بالدمام محمد الزهراني، أن نسبة المتعافيات من إدمان المخدرات في المجمع تتراوح بين 40 إلى 45% وتعتبر هذه النسبة مرتفعة جداً. خصائص إدمان الفتيات وبين الزهراني أن أنواع المواد المخدرة المنتشرة بين النساء غالباً هي الحشيش والهيروين والكحول والفيتامينات المنبهة، كاشفاً أن أكثر المدمنات تتراوح أعمارهن بين عشرين إلى أربعين سنة. أما آل عجيان فأكد أن تعاطي المخدرات يقود للإجرام، مضيفاً أن غالبا ما تلجأ المرأة المدمنة لبيع شرفها للحصول على المخدر. وأخيراً الدكتورة نورة الغامدي المتخصصة في علاج حالات الإدمان: "حتى وقت قريب كانت البنت السعودية المتعاطية للمخدرات تشعر بالخجل والخوف من الفضيحة، وهذا ما دفع بعض الأسر إلى إنكار وجود مدمنة بينهم، ولكن بعد المساهمة الإعلامية وحملات التوعية التي تبذلها الإدارة العامة في مكافحة المخدرات خرجت أصوات قليلة تشير إلى وجود مدمنة في السكن أو في المنطقة المجاورة تحتاج إلى علاج".