صحفي: احتجاز وزير سابق في حكومة صنعاء بمطار عدن الدولي    انتقالي العاصمة عدن يقف أمام مستجدات الوضع العام في المديريات    وكيل العاصمة عدن ومدير دار سعد يناقشان مستوى إنجاز المشاريع بالمديرية    الدولار في عدن يقفز الى 2805 ريال    في تسجيلات مسربة.. ترامب يهدد بقصف موسكو وبكين    الهجرة الدولية تعلن ارتفاع عدد النازحين داخليًا في اليمن    الرئيس الزُبيدي يُعزّي بوفاة الشيخ هادي بن ناصر الحارثي    اجتماع بصنعاء يناقش آليات التنسيق بين هيئتي المواصفات والأدوية    قاع البون في عمران مهدد بكارثة بيئية وزراعية    لقاء في الحديدة يؤكد انسحاب المنظمات قرار سياسي لا علاقة له بالعمل الإنساني    السقاف يزور التربوي القدير زكي مسعد ويشيد بعطائه الريادي    صحيفة اسرائيلية: تل أبيب تبحث عن مخرج لصواريخ اليمن عبر تفاهمات إقليمية    كم جنى تشيلسي بعد تأهله إلى نهائي كأس العالم للأندية؟    "حيا بكم يا عيال البرتقالة"    الحرب على الجنوب.. من الخطاب إلى الاجتياح    المرة الأولى.. فريتز يبلغ نصف نهائي ويمبلدون    التجربة الأولى.. نجل أنشيلوتي يقود بوتافوجو    الإثنين.. الاتحاد يغادر.. وشراحيلي يدخل برنامجا خاصا    مظاهرات أمام البيت الأبيض رفضًا لزيارة نتنياهو ومطالبات باعتقاله    فتّش عن البلاستيك في طعامك ومنزلك.. جزيئات خفية وراء 356 ألف وفاة بأمراض القلب سنويًا    مبيعات قياسية للسيارات في الصين بدعم من الحوافز الحكومية    ديمبيلي أمام فرصة لتتويج موسم استثنائي يقوده للكرة الذهبية    ماذا نتوقع من مؤتمر صيف 2025 لهواتف "غالاكسي"؟    علماء يحلون لغز جمجمة "الطفل الغريب"    حارس ميسي يوقع عقدا ب15 مليون دولار لمواجهة لوغان بول    إنريكي يستقر على توليفة باريس لقهر الريال    خبير: البشرية على وشك إنتاج دم صناعي    هل للصوص الأراضي علاقة باشعال الحرائق في محمية الحسوة (صور)    استنكار واسع لاختطاف الشيخ الزايدي بالمهرة    العلاج بالحجامة.. ما بين العلم والطب والدين    لحج.. النيابة تُصدر قرارًا بعدم إقامة دعوى ضد الصحفية هند العمودي    ضابط استخبارات بريطاني سابق يكشف صناعة الغرب ل"داعش"    جنوبية حضرموت قبل الاستقلال في30 نوفمبر1967 (3 وثائق)    هم شهود زور على انهيار وطن    تغاريد حرة .. سيحدث ولو بعد حين    صنعاء .. الاعلام الحربي ينشر تسجيل مرئي للسفينة "ماجيك سير" من الاستهداف إلى الغرق    (دليل السراة) توثيق جديد للفن والأدب اليمني    ولادة على خط النار    لندوة علمية بعدن حول (حوكمة الجامعات)    التعرفة بالريال السعودي.. كهرباء المخا من منحة إماراتية إلى مشروع استثماري    مايضير أوينفع الشاة بعد ذبحها    ذمار تحصد 17مركزا ضمن أوائل الجمهورية    استقرار أسعار الذهب عالميا مع تزايد القلق من الرسوم الجمركية الأمريكية    - وفاة عميد المخترعين اليمنيين المهندس محمد العفيفي صاحب الأوتوكيو ومخترع ال 31 ابتكارا    الرصاص يتفقد سير العملية التعليمية والتربوية في البيضاء    شرطة تعز تمهل الجهات المختصة 24 ساعة لحل أزمة مياه الشرب وتؤكد أنها لن تقف عاجزة    اكتشاف مدينة مفقودة في بيرو عاصرت حضارات مصر القديمة وبلاد الرافدين    الخبير المعالج الصلوي: الطب الشعبي مكملاً للطب العام ، في عدة مجالات    الفصل الخامس    بعد ليزا نيلسون.. فنان فرنسي يتهم مها الصغير ب"سرقة" لوحاته    الامارات تنجز 90% من مشروع محطة الطاقة الشمسية لكهرباء عتق    صنعاء .. التأمينات الاجتماعية تعلن صرف مرتبات المتقاعدين وتستعد للانتقال للمحفظة الإلكترونية    مدرب الناشئين:سنتيح الفرصة لاستكشاف المواهب على امتداد خارطة الوطن    أين علماؤنا وفقهاؤنا مع فقه الواقع..؟    العام الهجري الجديد آفاق وتطلعات    (نص + فيديو) كلمة قائد الثورة بذكرى استشهاد الإمام الحسين 1447ه    لا يحق لإمام المسجد رفض أمر ولي أمر المسلمين بعزله من الامامة    عاشوراء.. يوم التضحية والفداء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إيران خرجت بأقل الخسائر من نفق الاحتجاجات.. وهل منحة آلاف ريال "الاستباقية" ستمتص الاحتقان بالسعودية؟
نشر في يمنات يوم 10 - 01 - 2018


عبد الباري عطوان
تَوقّفت الاحتجاجات الشعبيّة الإيرانيّة التي انفجرتْ في 70 مدينة وبَلدة بسبب ارتفاع الأسعار وغلاء المَعيشة، لتَبدأ في العَديد من الدّول العَربيّة التي تُواجِه شُعوبها المُعاناة نَفسها، مُضافًا إليها غِياب الحُريّات وارتفاع وَتيرة القَمع واستفحال الفَساد، وتَفاقم مُعدّلات البِطالة في أوساط الشّباب خاصّة.
حُكومات عَربيّة عديدة احتفتْ بالمُظاهرات الإيرانيّة وهَلّلت لها، وأوعزت لأجهزة إعلامها الرسميّة وغير الرسميّة لتَسليط الأضواء عليها، ليس تَعاطُفًا مع الشّعب الإيراني، وإنّما كُرهًا بالنّظام الحاكِم في طهران، ونَسيت هذهِ الحُكومات أن شُعوبِها، أو مُعظمِها تُعاني من الأعراض نَفسها، وأن انفجار احتقانها يَنتظر عُود الثّقاب فقط في مُعظم الحالات.
تونس التي دَخلت التّاريخ الحديث كحاضِنة للشّرارة الأولى لثَورات "الرّبيع العربي"، كانت السبّاقة في التقاطِ شرارة "الرّبيع الإيراني"، وأفادتْ تقارير إخباريّة عن اتّساع دائرة الاحتجاجات في طبربة غَرب العاصِمة، ومَدينتيّ القصرين وسيدي بوزيد، وسُقوط "شهيد" برصاص رِجال الأمن، يُمكن أن يَتحوّل إلى "بوعزيزي" آخر، رَغم نَفي السّلطات رواية مَقتله هذه، والتّأكيد على أنّها كانت بسبب الاختناق.
المُتظاهِرون التّوانسة كانوا مِثل أشقائِهم السّودانيين الذين نَزلوا إلى الشّوارع في مُظاهرات غاضِبة في مَدينة نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور احتجاجًا على اختفاء الخُبز من المَخابز، وارتفاع أسعاره، وتَوقّف المَخابز لعَدم وجود الدّقيق أساسًا، قوّات الشّرطة تَصدّت للمُتظاهرين، وحاولت تَفريقهم بالقُوّة، أُسوةً بنَظيرتها التونسيّة.
***
إذا كان العاهل السعوديّ قرّر إنفاق 56 مِليار رِيال لشِراء صَمت مُوظّفي الدّولة والقِطاعات العَسكريّة، ودَفع ألف رِيال لكُل مُوظّف كتَعويض عن غَلاء المَعيشة، ورَفع الدّعم عن المَحروقات والمِياه والكهرباء، وفَرضْ ضَريبة القيمة المُضافة، في خُطوةٍ استباقيّةٍ لامتصاص حالة الغَضب المُتضخّمة، ومَنع انفجارِها في مُظاهرات غير مَسبوقة، فإنّ دُولاً مِثل الأردن ومِصر وتونس والسّودان لا تَملُك مِثل هذا "التّرف"، مِثلما لا تَملُك نِفطًا أو غازًا، ولا احتياطات نِفطيّة، وإنّما تَملُك جِبالاً من الدّيون المُتراكِمة على شَكل عَشرات المِليارات مِن الدّولارات.
دَولتان تَعيشان حالةً من الغَليان الشّعبي بَسبب ارتفاع الأسعار وغَلاء المَعيشة هُما الأُردن ومِصر، وبَدرجةٍ أقل المَغرب، ولعَلّ وَضع الأُولى، أي الأُردن، هو الأخطر، حيث رَفعت حُكومة الرئيس هاني الملقي الدّعم عن جَميع السّلع الأساسيّة، و"حَرّرت" سِعر رغيف الخُبز في السّوق، في مُحاولة لتَوفير الموارِد الماليّة لسَدْ العَجز في الميزانيّة الذي وَصل إلى مِلياري دولار بسبب عُقوق الدّول الخليجيّة وعَدم تَنفيذ وعودِها باستثناء دَفع مِليار دولار كمَنحة سَنويّة على الأقل، علاوةً على استفحال الفساد، وفَشل نِظام الجَلب الضّريبي، واتّساع الهُوّة بين الفُقراء والأغنياء بشَكلٍ مُرعِب.
البَرلمان الأُردني وافق على تَقديم بَدل نَقدي مُباشِر للأُردنيين الذين يَستحقّون الدّعم، ولكن لا تُوجِد آليّة كَفؤة سَواء لتَحديد هذا البَدلْ، أو كيفيّة تَحديد الجِهات التي تَستحقّه بدِقّة، مِثلما يُؤكّد الكَثير من المُراقبين.
الحُلول الأُردنيّة المُتوقّعة لا تتمثّل في التّراجع عن الضّرائِب التي فَرضتها الحُكومة على أكثر من مِئة سِلعة، إلى جانِب الكَهرباء والمِياه، وأخيرًا الخُبز، فهذا خَيار "انتحاري"، وإنّما ربّما بالإطاحة بالحُكومة التي فَرضتها على الأرجَح، وتَحويلها إلى كَبش فِداء، وتَحميلها المَسؤوليّة، والإتيان بحُكومةٍ جَديدة بصَفحةٍ ناصِعةِ البَياض، ولكن إلى حين، وقَد يَتم اللّجوء إلى حَلْ وَسط، أي إجراء تَعديل وزراء مُوسّع يُطيح بالوزراء المَسؤولين عن زيادَة الأسعار، لامتصاص حالة الغَضب، ولكن خُبراء اتّصلت بِهم "رأي اليوم" رجّحوا الخَيار الأوّل وهو الإطاحة بالحُكومة الحاليّة التي تَفتقد للشعبيّة في أوساطِ المُواطنين الأُردنيين والنُّخبة مَعًا.
الحال في مِصر أكثر سُوءًا من نَظيره الأُردني، لأن الإعلام في الأُردن يَملُك مَساحةً أوسعْ للتّعبير عن مُعاناة الشّارع، وانتقاد إجراءات التقشّف الحُكوميّة، مُضافًا إلى ذلك أن هُناك بَرلمانًا يَضمْ بَعض النوّاب "المُشاغِبين" أو "المُناكِفين"، للحُكومة، ويَنتقِدون سياساتِها، ويُطالبون بِرحيلها، أمّا الإعلام في مِصر فيَرسُم في مُعظَمِه صُورةً ورديّةً للأوضاع المَعيشيّة بطَريقَةٍ أو بأُخرى، أمّا مجلس الشّعب، أو بَرلمان الحُكومة، فشِبه مُغيّب، ويُردّد ما تُريد قَوله السّلطات العُليا، ومِن غير المُستبعد أن تنتقل "عَدوى" الاحتجاجات الإيرانيّة إلى الشّارع المِصريّ، رغم أنّه، أي الشّارع، يُعاني من الإنهاك من سنواتِ الاحتجاج والاعتصام في الميادين العامّة، فالغَلاء باتَ أصعب مِن أن يَحتمل، والأسعار وَصلتْ إلى مُعدّلات فَلكيّة مَع تدهور الخَدمات العامّة، وانخفاض الأُجور، وتَفاقُم مُعدّلات البِطالة.
***
السيد حسن روحاني الرئيس الإيراني الإصلاحي يَختلف مع جَناح المُحافظين الذي يُريد حَصر "العِلّة" في ارتفاعِ الأسعار، ويُؤكّد على ضَرورة الالتفاف إلى مَطالب المُحتجّين الأُخرى في تَوسيع دائِرة الحُريّات، والإقدام على إصلاحاتٍ سياسيّة واجتماعيّة، ويُوجّه اللّوم الشّديد للمَسؤولين "الذين ابتعدوا عن جيل الشّباب الذي يُمثّل أكثر من 60 بالمِئة من تِعداد الشّعب الإيراني"، ويَقول "المُشكلة أنّنا نُريد من جيل أحفادنا أن يعيش مِثلنا".
إيران قَد تكون خَرجت من نَفقْ الاحتجاجات المُظلِم بأقل الخَسائِر، ولا نَستبعد أن تَدخّله دُول عَربيّة عَديدة في المُستقبل المَنظور، وقَد يكون نَفقها في هذهِ الحالة طَويلاً، وأكثر ظَلامًا، لغِياب الحُريّات واستفحالِ القَمع والفَساد.
فإذا كان الأُمراء تَمرّدوا في دَولة غَنيّة مِثل السعوديّة، واعتصموا في قَصر الحُكم احتجاجًا على خَفضْ الدّعم عَنهم، حسب الرواية الرسميّة، فكَيف سَيكون حال الشّعوب في السعوديّة (المِنحة الشهريّة لم تَشملْ مُوظّفي القِطاع الخاص وهم الأغلبيّة ولا الوافِدين)، وجِوارِها العَربيّ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.