تصاعدت, أمس, ردود الفعل, في أوساط كوادر وقيادات الحزب الاشتراكي اليمني, حول موافقة الأمين العام المساعد للحزب, أبو بكر باذيب, على أن تكون "الشريعة الإسلامية المصدر الوحيد لجميع التشريعات", متماشياً, في ذلك, مع موقف التجمع اليمني للإصلاح والجماعات السلفية, التي أصدرت قيادات دينية فيها فتاوى تكفيرية في حق ممثلي الحزب وبقية أعضاء فريق بناء الدولة في مؤتمر الحوار الوطني على خلفية تبني موقف يقضي بأن "الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع". وقبل أيام, تسربت معلومات حول موافقة "باذيب" الذي ينوب الدكتور ياسين سعيد نعمان, أمين عام الحزب, في عضوية لجنة التوفيق في مؤتمر الحوار, على أن "الشريعة الإسلامية المصدر الوحيد لجميع التشريعات". وأمس, عقد عدد من ممثلي الحزب الاشتراكي اليمني في مؤتمر الحوار الوطني اجتماعاً أدانوا فيه ما أسموه الموقف الانفرادي" الذي اتخذه "باذيب" وتراجع فيه عن التصويت الذي كان قد تم قبل أسبوع بخصوص المادة الثالثة من الدستور, التي تنص على أن الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع". وطالب المجتمعون, في اجتماعهم الذي عقدوه, أمس, على هامش مؤتمر الحوار, "بمعالجة هذا الأمر, كي يعيد موقف الحزب الى مساره الصحيح", مؤكدين ضرورة بناء تحالفات مدنية مع القوى التي تؤمن بالدولة المدنية الحديثة انطلاقاً من التطلعات الشعبية والثورية التي تهدف الى تحقيق ذلك. وحصلت "الشارع" على أسماء ممثلي الاشتراكي في مؤتمرا لحوار, الذين شاركوا, أمس, في الاجتماع, وهم: عيبان السامعي, وفاء السيد, وهبية صبرة, طيبة بركات, سامية الأغبري, علياء فيصل عبد اللطيف, مراد الحالمي, مطلق الأكحلي, وعبد الخالق عبد المجيد. وقال ل"الشارع" مصدر من قائمة الحزب الاشتراكي في مؤتمر الحوار إن ما قام به "باذيب هو تصرف فردي, لا يمثل الحزب الاشتراكي اليمني ولا ممثليه في مؤتمر الحوار". ونفى المصدر أن يكون الحزب الاشتراكي "قد تراجع عن موقفه حيال هذه المادة من الدستور" والتي أثارت جدلاً واسعاً في مداولات فريق بناء الدولة, وشن على إثرها رجال دين حملة تكفير واسعة ضد اعضاء الفريق. وأكد المصدر أن موقف ممثلي الحزب الاشتراكي في مؤتمر الحوار لم يتغير, وأنهم مع المادة بصيغتها الأولى "الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع" والتي كانت قد تم التصويت عليها وحصدت نسبة مرتفعة وصلت الى 84%. وأفاد المصدر بأن اللغط الذي دار حول موقف الحزب حيال هذه المادة عائد الى اتخاذ موقف انفرادي لممثل من الاشتراكي دون الرجوع الى مكون الحزب في الحوار أو إقرارها, ما يعد تجاوزاً مرفوضاً, حسب تعبيره. وفيما اعتبر المصدر أن مثل هذه المواقف الانفرادية تسيء الى الحزب الاشتراكي وحضوره في المعادلة الوطنية؛ أوضح أن المادة الثالثة من الدستور, التي تنص على أن "الشريعة المصدر الرئيسي للتشريع" أتت كخيار جماعي مع مكونات أخرى داخل مؤتمر الحوار. وقال المصدر إن الحزب الاشتراكي لديه موقف واضح بخصوص الكوتا النسائية, والتي تمنح النساء 30% في مختلف مواقع صنع القرار والهيئات المنتخبة. وأضاف أن "الحزب إذ يساند الكتلة النسوية في نيلها حقوقها الإنسانية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية؛ فإنه يجسد ذلك بشكل عملي من خلال التبني الكامل والواضح الذي لا لبس فيه لهذه المادة". وشدد المصدر على أن مواقف الحزب الاشتراكي اليمني ستظل واضحة وثابتة حيال مجمل القضايا الوطنية, ومنحازة للتطلعات الشعبية في إرساء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة. من جانبه, أعلن القطاع الطلابي للحزب الاشتراكي اليمني بجامعة صنعاء, في بيانه الصادر أمس, تأييده المطلق للخطوات التي خرج بها فريق بناء الدولة في مؤتمر الحوار الوطني فيما يخص المواد الدستورية الثلاث الأولى للدستور. وأهاب البيان, الذي حصلت "الشارع" على نسخة منه, بجميع أعضاء الحزب الاشتراكي, وكافة القوى الثورية والسياسية والقوى الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني, التصدي لأي محاولات تريد ثني فريق بناء الدولة عن هذه المواقف. وفيما حذر البيان قيادات الحزب من أن تكون هي كبش فداء للقوى التي تقف عائقاً أمام إرادة القوى المدنية؛ طالبها بالتحلي بالمسؤولية الكاملة في التعاطي مع موضوع كهذا. والالتزام بما خرجت به الأمانة العامة والمكتب السياسي من قرار بهذا الخصوص. وأضاف: "وأي فرد من قيادة الحزب يخالف النظام الداخلي للحزب وبرنامجه السياسي وقرارات هيئاته القيادية سيتحمل المسؤولية الكاملة عن أي أضرار تلحق بالحزب وبتاريخه النضالي المشرف والعريق ولا يعبر سعن إدارة حزبنا". وقال البيان: "إن أي مساع تريد تعطيل الحوار الوطني عبر ممارسة الإرهاب الفكري بحق أعضاء الحوار سنتصدى لها مجتمعيا, ولن نسمح لأي قوى أن تعيد عجلة التاريخ الى الوراء, ونحذر هذه القوى من مغبه الإصرار والتمادي في ابتزاز المتحاورين أو ترهيبهم أو الضغط على إرادتهم تحت أي ذريعة كانت, باعتبارهم يرسمون طريق المستقبل لكل اليمنيين". وكان فريق بناء الدولة في مؤتمر الحوار الوطني قد أحال, السبت الماضي, المادة الثالثة من الدستور, الى لجنة التوافق؛ كونها لم تحصل على نسبة التصويت التي تسمح بإقرارها داخل الفريق. وطبقاً للمعلومات التي حصلت عليها الصحيفة, فإن مساومات حدثت, قبل ثلاثة أيام, داخل لجنة التوافق بين ممثل مكون الحزب الاشتراكي, أبو بكر باذيب, وممثل التنظيم الناصري, سلطان العتواني وممثل التجمع اليمني للإصلاح, محمد قحطان. وخرجت هذه المساومات باتفاق أن يتم التصويت على أن "الشريعة الإسلامية هي مصدر جميع التشريعات" وليس "المصدر الرئيسي" الذي تم التصويت عليه داخل فريق بناء الدولة في مؤتمر الحوار الوطني. وهذا الأمر, بحسب كثيرين من أعضاء مؤتمر الحوار, يخالف اللائحة الداخلية للمؤتمر, والتي تنص على أن التصويت على المواد يكون بشكل فردي وليس عن طريق المكونات.