في الأوقات العصيبة يتشبث الإنسان بالأمل ويرضى بالقليل، ومع ذلك تتكالب عليه الدنيا ويكشر في وجهه الجميع.. وهذا ما تعرض له الشاب أيمن عبدالتواب العبسي، فهو مثل غيره من الشباب الذين وقعوا ضحايا لغياب فرص العمل، وتنصل الحكومة عن مسئوليتها في رعايتهم ودعمهم وتوفير فرص العمل التي تناسبهم.. ضاق الحال بأيمن فهو يحمل مسئولية كبيرة ولا يريد أن يستسلم للضياع، أراد أن يفعل المستحيل ليوفر احتياجاته واحتياجات أسرته.. غادر محافظة تعز متجهاً إلى العاصمة صنعاء، بحثاً عن فرصة عمل تعيد إليه الأمل وتحفظ كرامته أمام مجتمع تسود فيه القسوة بفعل الظروف المعيشية الصعبة.. رضي بالقليل غير أن القليل لم يرض به، بل ساقه إلى بين جدران السجن وخلف قضبانه الحديدية، وعن كيفية وصول الأمر به إلى هذا المصير، تحدث أيمن ل “المستقلة” بقوله: “طلعت من تعز إلى العاصمة صنعاء لكي “أطلب الله” وأبحث عن فرصة عمل، لكن للأسف عند وصولي إلى صنعاء لم أجد أي عمل مناسب، وبعد جهد وعناء اضطريت أن أعمل سائقاً لموتور “دراجة نارية” مقابل سبعمائة ريال أدفعها نهاية كل يوم لصاحب الموتور.. ورغم صعوبة هذا العمل وقلة العائد ارتضيت به وشكرت الله عليه، وقبلت بالأمر الواقع والحمد لله على كل حال.. وقد كنت يوم أحصل زيادة ويوم لا أجد إلا حق صاحب الموتور فقط، واستمريت على هذا الحال، وفي أحد الأيام تعرضت لحادث مروري- حيث صدمني صاحب تاكسي (أجرة)، وقد أعترف بخطئه وقال أنه سوف يصلح الضرر الكبير الذي تعرض له الموتور غير أن صاحب التاكس أخلف وعده بعد ذلك، وذهبنا إلى المرور، ودخلت معه في مشاكل.. واضطريت للاتصال بصاحب الموتور وأخبرته بالمشكلة، لكنه بادر إلى تحميلي المسئولية وطلب مني إصلاح الموتور حقه بأي طريقة ولو على حسابي، وهذا ما حدث حيث وضعته في محل الإصلاح وتحملت كامل التكلفة، ثم جاء العيد قبل أن أباشر العمل على الموتور فسافرت لقضاء العيد في تعز، وبعد العيد طلعت إلى صنعاء لكي أواصل العمل على هذا الموتور، رغم أن العمل به غير مجدي، ولكن كما قال المثل: “أيش الذي أجبرك على المر قال: الذي أمرَّ منه”، لكني عندما وصلت صنعاء تفاجأت بصاحب الموتور يطالبني بإيجار المدة التي قضيتها في إصلاح هذا الموتور وفترة العيد التي قضيتها في تعز، فحاولت التفاهم معه، وتذكيره بأنني اتصلت له وأخبرته بتوقفي عن العمل وقيامي بإصلاح الموتور ثم جاء العيد وأنني لم أعمل حتى يوم واحد خلال هذه المدة، لكنه لم يبالي بكلامي، وأصر على أن أدفع الإيجار دون أي رحمة أو تفهم أو تقدير لظروفي.. بعد ذلك وصلنا إلى المحكمة، والمؤسف أن القاضي أول ما شاف الأوراق قلبها وقال بعد أن أشار نحوي: “هذا دخلوه الحبس، وهذا صاحب الموتور يرفع دعوى”.. وحتى الآن أنا مسجون وفي حالة لا يعلم بها إلا الله، بسبب قبولي العمل البائس، الذي حاولت أن استفيد منه لكنه أدخلني السجن.. ولا حول ولا قوة إلا بالله..