هاني علي سالم البيض في مشهد لم يعد غريبًا على الساحة الإقليمية والدولية، وأكثر من مجرد صراع داخلي أو تدخل خارجي مؤقت، يتعرض اليمن جنوباً وشمالاً لمحاولات تدمير ممنهجة تطال كل مفاصل حياته الاقتصادية، والاجتماعية. نحن اليوم أمام مشروع معقد وطويل الأمد يُراد من خلاله إعادة تشكيل هذا البلد وفق رؤية لا تنبع من داخل الجغرافيا اليمنية ! بل من مصالح تتقاطع وتتنازع على ركامه. الحالة التي اصفها حول بلد كاليمن انه يُراد له أن يُدمَّر منهجيًا ليُعاد تشكيله وفق مصالح قوى خارجية مختلفة.. لأنه وبكل بساطة حين يُراد لوطن أن يُهدم لا تُرمى عليه القنابل فقط، بل تُغتال فيه القيم وتُجفف موارده ، ويغذي فيه خطاب الكراهية ، ثم تُغرس الفتنة بين أبنائه .. فلم يعد خافيًا أن ما يجري ويخطط لليمن تجاوز أهداف الحرب التقليدية التي دارت خلال السنوات الماضية، لتغدوا خطة إعادة هيكلة كاملة لبقايا الدولة السابقة بمؤسساتها السياسية والاقتصادية والعسكرية ومورثها الاجتماعي تبدأ من تفكيك الدولة وتفتيت المؤسسات، وتجفيف مصادر الحياة، وصولًا إلى خلق واقع يتيح فرض حلول "مصممة مسبقًا" تحت مسمى السلام أو إعادة الإعمار ومسارات أخرى مسيسة ومتعددة. إن التدمير المتعمد للمقدرات الوطنية، وتغذية الانقسامات المناطقية والطائفية، وتعطيل امكانيات ومقدرات الدولة، ليست سوى أدوات في سياق مشروع أكبر يُراد له أن ينتهي ب (يمن جديد) لا يشبه تاريخه وقد لايعبر عن إرادة شعبه اهمها فقط ان يتناسب مع خرائط مصالح اللاعبين الإقليميين والدوليين. إن ما يحدث ليس عجزًا عن إنقاذ اليمن، بل رغبة في إبقائه في حالة انهيار، ليُعاد ترتيبه لاحقًا وفق قواعد اللعبة الحديثة ومتطلبات الوضع الراهن ومخططات العصرنة وقضايا أخرى، ولكن الرهان اليوم هو على وعي هذا الشعب وقدرته على تجاوز محاولات التهميش والإلحاق ليكتب مستقبله بنفسه، لا أن يُفرض عليه من خارج حدوده. حين يُستهدف الوطن في اقتصاده، وتعليمه، وصحته، وهويته، فاعلم أن هناك من يريد أن يعيد كتابة صفحته الأولى ! فالتدمير الممنهج لليمن هو مقدمة لعرض مشروع بديل قد يُفرض بالقوة، ويُسوَّق على أنه خلاص وضرورة حتمية، في حين أنه ليس إلا غطاءً ناعماً لجزء من مشروع اعادة تشكيل المنطقة وفق مصالح الخارج، لا طموحات أهلها ،بمعنى وفق هوى الخارج لا وفق إرادة الداخل. ولكن نعود ونقول ان اليمنيون بكل تياراتهم وانتمآتهم السياسية والاجتماعية ومتاعبهم مسؤولون امام هذا الوضع الصعب والكارثي الذي آلت اليه البلاد واضحت فيه العباد ،، ولله الأمر من قبل ومن بعد ،،