كشفت وثيقة صادرة عن الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد بعدن، عن أكثر من 200 جهة حكومية تودِع إيراداتها خارج البنك المركزي. احالة وطالبت الوثيقة، وهي عبارة عن إرسالية موجَّهة من الهيئة بتاريخ 12 فبراير/شباط 2025 إلى النائب العام بعدن، بإحالة القضية إلى النيابة المختصة لاستكمال التحقيق واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة. خرق قانوني وتكشف الوثيقة عن خرق واضح للقانون المالي، كون تلك الجهات تدير مواردها بعيداً عن الخزينة العامة، ما يعكس جانباً من الفساد الرسمي المتكامل الأركان في الحكومة المعترف بها دولياً. مخالفة صريحة وتشير الوثائق المرفقة بالإرسالية إلى أن تلك الجهات — بينها وزارات وهيئات وشركات عامة ذات طابع سيادي وتملك إيرادات ضخمة — فتحت حسابات جانبية في بنوك تجارية، دون موافقة وزارة المالية أو البنك المركزي بعدن، في مخالفة صريحة للإجراءات القانونية المعمول بها في البلاد. وتكشف الوثيقة والمرفقات معها عن مخالفة صريحة للقانون المالي اليمني رقم (8) لسنة 1990م ولائحته التنفيذية، اللذين ينصان على: "إلزام جميع الجهات الحكومية والمؤسسات العامة بتوريد مواردها فوراً إلى حساباتها لدى البنك المركزي اليمني، وعدم فتح أي حسابات في البنوك التجارية أو شركات الصرافة إلا بموافقة رسمية." ومن خلال النص القانوني يتضح أن المشرّع اليمني حرص على تركيز كل الموارد العامة في خزانة واحدة تحت إدارة البنك المركزي، لضمان وحدة السياسة المالية والنقدية للدولة، ومنع تحويل النظام المالي إلى شبكة موازية خارجة عن سيطرة وزارة المالية والبنك المركزي. وبالتأمل في الجهات التي وردت أسماؤها في المرفقات بإرسالية هيئة مكافحة الفساد، يتضح أن البنك المركزي بعدن فشل في ضبط إيرادات المؤسسات الكبرى، ما انعكس سلباً على قدرته في إدارة المعروض النقدي بفعالية، وأدى إلى الانهيارات المتتالية لقيمة العملة الوطنية أمام سلة العملات الأجنبية، منذ نقل البنك إلى عدن في سبتمبر/أيلول 2016. ويتضح من ذلك أن البنك المركزي بعدن كان يمتلك بدائل لتوفير السيولة النقدية، بدلاً من التوجّه نحو طباعة مزيد من النقود لتغطية العجز. جرائم ما كشفته الوثائق يمثل جرائم بحق المال العام، تتمثل في غسل أموال، ومخالفة القوانين النافذة، وعرقلة سير النظام العام، إلى جانب جرائم فساد أهدرت المال العام، ما يستدعي تدخلاً قضائياً جاداً لإعادة الأمور إلى نصابها.