د. عمر العودي في زمنٍ تكاثرت فيه الأصوات وتنوعت الأقنعة، أصبحت كلمة الحق هي المغامرة الأكثر خطورة، والسلعة الأكثر ندرة، التي قد تدفع ثمنها أوطانٌ وتضيع بسببها أجيال. فليست الأزمات كلها أزمات خبز أو ماء، بل هناك أزمة أعمق، أزمة ضمير، أزمة كلمة حقٍ يُراد لها أن تختنق في صمتٍ مطبق، أو أن تدفن في ركام من الترهات والترهيب. وفي خضم هذا الضباب الكثيف، تنبعث أمثلة مشرقة كالشموع في ظلام الليالي الطويل، تذكرنا بأن للروح ثمنها، وأن للوطن كرامة. البروفيسور حمود العودي لم يكن مجرد صوتٍ عابر، بل كان مثالاً صارخاً على شجاعة الكلمة التي لا تنحني. كان تجسيداً للحرص الأبوي على وطنٍ يترنح، وعلى مستقبل أجيالٍ قادمة لم يولدوا بعد، لكنه حمل همَّهم في قلبه وعقله. لم يكن رؤيته مجرد آراء أكاديمية تطرح في أبراجٍ عاجية، بل كانت صرخة وطنية نابعة من رؤية ثاقبة لواقعٍ مرير، وتدهورٍ يهدد الأسس التي قام عليها المجتمع. لم يتردد تلك اللحظة التي وقف فيها ليصرخ بما يراه حقاً، مع علمه المسبق بأن صوته هذا سيصل إلى آذان لا تريد أن تسمع سوى همسات المديح والطاعة. لقد آثر أن يكون ضميراً حياً، حتى وإن كان هذا الضمير مصدر إزعاجٍ للسلطات التي ارتضت لنفسها أن تغتصب إرادة شعب، وتصادر حقه في تقرير مصيره. لقد فضح بحكمته وبصيرته مساراً ضالاً، فكان مصيره أن تتحول الدولة، التي يفترض أن تكون حاميةً للحرية وحارسةً للعلم، إلى آلة قمعٍ ليلاً، تطرق بابه في جبروت، لتنقله من بيته الآمن إلى زنزانة مظلمة. هذه الصورة المأساوية، حيث يُقاد عالم جليل من بين أهله وكتبه، دون خجل أو وازع من ضمير، هي صورةٌ تختزل مأساة أمة بأكملها. إنها القطيعة الكاملة بين الحاكم والمحكوم، بين القوة والمعرفة، بين السلطة والأخلاق. اعتقاله لم يكن مجرد جريمةٍ بحق فرد، بل كان رسالةً قاسية لكل من تسول له نفسه أن يفكر، أو أن ينطق بكلمة حق. إنه محاولةٌ يائسة لقتل الضمير الجمعي، وإخافة المستقبل قبل أن يأتي. لكن التاريخ يعلمنا أن سجون الطغاة قد تهدم، وأن أنظمتهم قد تزول، لكن الكلمة الحق تبقى شاهدةً على عصرها، تتوارثها الأجيال كشعلة أملٍ ومشعل طريق. قصة البروفيسور العودي وأمثاله ليست سوى فصلٍ من فصول المعركة الأبدية بين قوة الباطل وصمود الحق. وإن ضاع وطنٌ اليوم بسبب كلمة حقٍ واحدة، فإن بذرة هذه الكلمة ستنمو في قلوب الأجيال القادمة، لتثمر يوماً ما وطناً جديداً، يليق بتضحيات الشرفاء الذين رفضوا أن يموتوا صامتين. ما كتب البروفيسور حمود العودي على صفحته *رسالة اليوم* *هندي يحكم نيويورك وباكستاني يحكم لندن!! بينما…* بالأمس غير البعيد كان يقف على كرسي البيت الأبيض رجل اسمه "أوباما" يقال ان أصل أسرته من حضرموت اليمنية، أما مولده ونشأته ففي كينيا الأفريقية، قد يكون مسلماً أو غير مسلم "لا يهم" المهم أن المكان والكرسي الذي تدار منه شؤون قرية عالم اليوم الكبيرة الصغيرة بمنطق العقل وقوة العلم وشرعية الديمقراطية، رضى من رضى وكره من كره. واليوم يقف على رأس أعلى كرسي في الإدارة الأمريكية بعد كرسي الرئيس في حكم العاصمة نيويورك شاب هندي مسلم منتخب ديمقراطياً بفضل تبنيه لقضية غزة، كما يقف على كرسي عمدة لندن رجل باكستاني منتخب من شعب الامبراطورية الاستعمارية التي لم تكن تغيب عنها الشمس في يوم من الأيام. فهل يتسع عقل وصدر شخصين في بلد واحد وربما من قرية أو أسرة واحدة أحدهما شيعي متطرف والآخر سني متعجرف ويقر كل منهما في أن يحكم أحدهما الآخر عبر صندوق الاقتراع؟ بالتأكيد "لا" بل ويستبيح دم وعرض كل منهما الآخر تقرباً بالله؟؟ إنها "شيطنة التشيع والتسنن السياسي" التي لم ينزل الله بها من سلطان، أما حكم الله ودينه الحق فهوى ما جعل أولئك حيث هم، ونحن ما نحن فيه من عقلية الكهف وخرافة المهدي المنتظر وشريعة الغاب، "ولن يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" والساكت عن الحق شيطان أخرس.