محمد المخلافي بمناسبة الانتهاء من ترجمة كتاب (فضاء لا يتسع لطائر) للبرلماني اليمني أحمد سيف حاشد، إلى اللغة الانجليزية، أحب أن أشارك تجربتي الشخصية كمترجم لهذا العمل العميق والمتميز. عندما بدأت ترجمة الكتاب، اعتقدت أن الأمر سيقتصر على الوقت والجهد والتركيز، لكن مع الصفحات الأولى اكتشفت أنني أرافق شخصًا عاش قسوة الحياة وتعبها، يحاول أن يفتح لنا نافذة على روحه المرهقة داخل هذا العالم الضيق. الكتاب، الذي يمتد على 688 صفحة موزعة في 19 سلسلة، يحمل في كل صفحة تقريبًا قصة أو جرحًا أو لحظة عميقة لا يمكن تجاوزها. كمترجم، لم يكن التحدي فقط في اختيار الكلمات المناسبة وفق السياق، بل في محاولة فهم شعور الكاتب قبل أن أضع أي كلمة على الورق. أحمد سيف حاشد يكتب بأسلوب صادق جدًا، ويستخدم لغة رصينة ودقيقة، و شاعرية، مشحونة بالصدق والحنين، قادرة على نقل مشاعر الألم والفقد والحنين بكل وضوح. يكشف عن حياته كما هي بلا أي تزيين، يروي طفولته بكل ما حملته من فقر وحرمان وفقدان، ويصف شبابه بكل تفاصيله. خلال أشهر الترجمة الطويلة، حرصت على الحفاظ على روح السرد ونبرة الكاتب كما هي. لم يكن هدفي أن أضيف شيئًا من عندي أو أن أقلل من صدق النص، بل أن أنقل تجربته بكل تفاصيلها وأحاسيسها. كنت أراجع كل جملة بعناية، أوازن بين المعنى والدقة، وأتأكد أن كل كلمة تعكس ما أراد الكاتب قوله، دون تجميل أو مبالغة. العملية كانت أحيانًا مرهقة، لكنها ممتعة في الوقت نفسه، لأنني شعرت أنني شريك مؤقت في رحلة حياة لشخص كتب تجربته بأمانة وصدق. وعندما أنهيت الترجمة قبل أيام، شعرت أنني سافرت في رحلة كاملة مع أحمد سيف حاشد، عشت لحظات طفولته القاسية، وفهمت صراعاته، وشهدت تجاربه كما لو كنت قريبًا منه رغم المسافة والزمن.