يجد الدكتور عادل ناشد مقصده (نجيب محفوظ) فجأة في مدينة الإسكندرية, في نهاية شهر سبتمبر من العام 1962. عادل ناشد في مقدمة كتابه ((نجيب محفوظ ،ثرثرة على البحر)) يقول : (( لقد ظل نجيب محفوظ مجهولاً بالنسبة لي حتى عام 1959 عندما بدأ نشر روايته أولاد حارتنا ( صدرت عام 1957) مسلسلة في الأهرام وما أن أتممت قراءتها حتى أنتابتني حالة من الذهول (...) وأعتبرتها قمة من قمم الأعمال الأدبية الشامخة ...)). قرأ الدكتور عادل ناشد بعد هذا التاريخ المذكور مسبقاً أعمال نجيب محفوظ الذي لا أظن أن أحداً لا يعرفه، ولكن من الواجب أن نتحدث عن شخصية هذا الأديب الكبير وعن إنجازاته التي قدمها للأدب العربي وسيكون ذلك من خلال قرأتنا لكتاب الدكتور عادل ناشد المذكور مسبقاُ والذي يحوي حواراته الصحفية مع نجيب محفوظ. صدر الكتاب في طبعته الأولى عام 1993 عن دار ومطابع المستقبل في القاهرة ولهذا سنضيف معلومات من مصادر ومراجع أخرى. أوراق من الذاكرة الشخصية سأل عادل ناشد نجيب محفوظ ذات يوم، متى تكتب سيرتك الذاتية ؟ فأجابه: النية موجودة وفي مسائل الفن والإبداع، مادامت النية متوافرة، فلابد أن العمل وراءها. ((نجيب محفوظ )) عبدالعزيز إبراهيم أحمد باشا، خرج حسب قوله سليماً إلى الحياة رغم أن ولادته كانت قاسية ، 11ديسمبر 1911 اليوم الذي ولد فيه ويعده من أهم التواريخ المحفورة في ذاكرته ويسرد أديبنا بقية التواريخ التي حفرت أيضاً في ذاكرته وذاكرة الإنسان ومنها سنة تخرجه من كلية الآداب قسم الفلسفة جامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة حالياً) مايو 1934 وتاريخ أول نشر له في الصحف 1928، أول عمل له (همس الجنون) 1939، وتاريخ زواجه 27 سبتمبر 1954 أي أنه تزوج وهو في الثالثة والأربعين من عمره، و 1988 سنة حصوله على جائزة نوبل للآداب، و30 أغسطس 2006 تاريخ وفاة نجيب محفوظ الذي حفر في ذاكرتنا. نجيب محفوظ لم يعشق السفر والترحال وقد ندم على هذا الشيء ويقول: ((أندم لأني لم أعشق السفر والترحال (...) مرة سافرت إلى يوغسلافيا لمدة أسبوعين بناء على دعوة رسمية، ومرة أخرى سافرت إلى اليمن بعد الثورة (المقصود هنا ثورة 26 سبتمبر 1962). بداية المشوار الأدبي لكل كاتب بداية وله مع المشقة بدايات نجيب محفوظ يروي لعدنان ناشد بداية مشواره الأدبي ونحن نلخصها هنا علنا نوصل الفائدة لقرائنا الكرام. يقول عدنان ناشد: الكتابة عند نجيب محفوظ كالتنفس، كنبضات القلب، منذ بدأ الكتابة في العشرينيات من عمره وحتى اللحظة (يقصد عام 1993) وبعد حصوله على جائزة نوبل. نجيب محفوظ يشعر بالأسف لآنه لم يتخصص في الأدب وجعل الفلسفة ضمن الثقافة العامة، الأدب متعة سامية - كما يسرد في رواية قصر الشوق - ولكنه لم يملأ عينيه فمطلبه الأول كان الحقيقة. ما الله ؟ ما الإنسان ؟ ما الروح؟. الجامعة كانت مرحلة التشبع بالقراءة الفلسفية عند نجيب وحتى بعد أن تخرج، ظل نحو سنتين مقبلاً على القراءة ذاتها مع ميله بعض الشيء للقراءة الأدبية. كان يعتقد نجيب محفوظ - خلال دراسته - أن القصة والرواية مجرد هواية أو شيء هامشي في حياته ولم يكن يحسب أنه سيستمر معها بعد التخرج. يسأل عدنان ناشد: من كان له الفضل في تشجيعك على النشر في بداية حياتك الأدبية؟ يجيب نجيب محفوظ : أنا بطبيعتي إنطوائي، فأنا مثلاً لم ألتقِ بالدكتور طه حسين أو عباس العقاد، أما بالنسبة لسلامة موسى فعندما أنشأ المجلة الجديدة بعثت له بمقالات ونشرها، ثم أرسل لي خطاباً اعتبرني فيه صديق المجلة، ودعاني لمقابلته والتعرف عليه (...) وهو الذي نشر لي كتاب مصر القديمة وعبث الأقدار وبناءً على طلبه وتشجيعه قرأ لي كل رواياتي التي لم تر النور.. الحديث عن الأدباء شيق ويثير أسئلة كثيرة ويعطي تصورات عديدة ولكن يحتاج منا طرحها لتأليف كتاب، البحث عن كتاب ((نجيب محفوظ، ثرثرة على البحر)) صعب، قد تجده مصادفة ذات يوم في أحد الأرصفة يباع بأرخص الأثمان، لا تتردد وخذه، هو ثروة معلوماتية نادراً ما نجدها في المجلات وملفاتها التي تخصص للحديث عن نجيب محفوظ.