نقلت وكالة إخبارية خارجية، أمس، أن السعودية دقت ناقوس الخطر في حدودها الجنوبية مع اليمن، بعد انسحاب القوات الحكومية الرسمية، وسيطرة الحوثي على المناطق المجاورة معها. وحسب يومية "الأولى" قالت وكالة "رويترز" في تقرير على موقعها الإنجليزي (نقله موقع الخليج الإنجليزي): دقت المكاسب المتتالية لجماعة الحوثي في اليمن؛ أجراس الخطر في المملكة العربية السعودية، بما يعنيه الأمر لحدودها الجنوبية الضعيفة، والتي تعتبر ممراً للتدفق المستمر للنشاطات غير المشروعة. وطبقا للصحيفة، يسيطر الحوثيون على الكثير من الأراضي الممتدة على طول 1700 كم من الحدود، وتتخللها جبال عالية ومساحات شاسعة من التلال الصحراوية، وكانوا قد خاضوا قبل 5 سنوات حرباً حدودية قصيرة مع الدولة التي تعتبر أكبر مصدر للنفط في العالم. ومع غياب دوريات الحدود ونقاط الحراسة في الجنوب، وهي العقبات الوحيدة التي تقف أمام المهربين والمهاجرين الباحثين عن الشغل، والجماعات التي تقلق السعوديين بشكل أكبر مثل تنظيم القاعدة. وقال الكولونيل حميد الأسمري من حرس الحدود في حيزان، وهي واحدة من أكبر المناطق نشاطاً من الحدود: نحن نعمل من جانب واحد. وعلى بضعة مئات الأمتار فقط من ثكنة رملية لحرس الحدود السعودي في منطقة جازان يقع سوق الأسلحة في منطقة المشناق، وهي قرية طينية صغيرة يمر إليها عبر واد واسع. وعندما يقف الحرس السعودي لصلاة الجمعة، فإنهم يسمعون خطبة الحوثيين التي تسمع في أرجاء الوادي، وعندما ينظرون من مناظيرهم العسكرية يرون شعارات الجماعة المكتوبة بالطلاء على الجدران: "الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل". ففي أثناء الحرب التي اندلعت في 2009-2010، وقع القتال في هذه المنطقة بالذات، وتم إجلاء سكان العديد من القرى وإخلائها، والآن أصبحت مقفرة، حيث الفراشات الراقصة تغطي الجدران المتداعية، والمنازل التي دمرتها القذائف. وقتل نحو 200 جندي سعودي في الصراع، والناجم عن خلاف بين الرياض والحوثيين عبر الشريط الحدودي، وسيطر الحوثيون على مساحات شاسعة في شمال اليمن، بعد أن أوجدوا أتباعاً لهم بين القبائل في المنطقة بفعل حملة من أجل استعادة حقوقهم كشيعة زيدية. وبعد 6 جولات من القتال غير المحسوم مع الحكومة المركزية، سيطروا على العاصمة صنعاء في سبتمبر الماضي، ويعتبرون اليوم قوة رئيسة في المشهد السياسي اليمني. وتشعر السعودية بالقلق من أن الحوثيين قد تكون لهم صلات بإيران، منافستها على النفوذ في الشرق الأوسط، وهناك مخاوف من أن تسعى الجماعة إلى محاكاة دور حزب الله في لبنان. ويتخوف السعوديون من تهديد استراتيجي آخر منبثق من اليمن: فالبلد موطن لتنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب، والتي أعلنت الحرب على الأسرة الحاكمة في المملكة في يوليو، ونفذوا هجمة على الحدود الشرقية للمملكة. والآن، وبعد العداء القائم بين الحوثيين والقاعدة في جزيرة العرب، يجعل من وجود الأخيرة في منطقة جازان على الحدود وارداً، وكانت القاعدة قد أعلنت أن الحوثيين شيعة "وزنادقة"، واستهدفوهم بهجمات انتحارية، في حين تعهدت جماعة الحوثي بالقضاء عليهم في اليمن. وبالنسبة لدوريات الحرس الحدودي السعودي، فإن أكثر ما يثير قلقهم هو أن حدودهم تقع في أيدي رجال قبليين محليين، والذين يعيشون على التهريب. ويقول الأسمري إن السعودية اعتقلت في العام الماضي في إمارة جازان وحدها 235 ألف شخص حاولوا عبر الحدود بطريقة غير مشروعة، وتم مصادرة 2800 سلاح هجومي وقنابل يدوية وصواريخ صغيرة، و16 طناً من الحشيش. وتعمل المملكة على طريق حدودي جديد، بسياج فيه كاميرات ومعدات رادار سيسمح للحراس البقاء في حالة مراقبة على طول الحدود. لكن المشروع سوف يستغرق سنوات لإكماله، وعلى الرغم من عملها عليه لسنوات، فقد تباطأ العمل فيه بسبب التضاريس، وخلافات قانونية حول ملكية الأراضي، وبسبب الحرب. وفي الوقت نفسه ستظل المنطقة من أخطر المناطق في السعودية، ففي العام الماضي قتل اثنان من رجال حرس الحدود في جازان على أيدي مهربين. وقال رجال حرس الحدود في موقع المراقبة وفي موقع آخر أشد ارتفاعاً في الجبال إن طلقات تصوب عليهم من مسافة بعيدة في بعض الأحيان. وينطلق المقدم حميد ودوريته على امتداد طريق مترب على الحدود تكثر فيه الشجيرات وأشجار الأكاسيا التي تغطي مساحات واسعة من الأرض ثم تتوقف الدورية لمتابعة مجموعة من الرجال يهرولون للاختفاء من أمامها. وحين يدخلون مسافة 50 متراً في الأحراش -وهو ما يجعلهم فعلياً داخل الأراضي اليمنية- يتوقفون انتظارا لرحيل الدورية السعودية، وفي موقع آخر تقف مجموعة أخرى في الأحراش تنظر للحرس السعودي ثم يرفع أحد أفرادها لفترة وجيزة ما يبدو أنه سلاح، ويتناقض هذا التوتر تناقضاً صارخاً مع الطبيعة الخلابة والهدوء الذي يسود المنطقة. وبصفة يومية تعبر قطعان الإبل والماعز والأبقار من الجانب اليمني للرعي في الوديان الخصبة قبل أن تعود أدراجها في هدوء وسلام. من جانبها، قالت وكالة "سكاي نيوز"، أمس، في تقرير لها إن السعودية رفعت حالة التأهب على حدودها مع اليمن، منذ أن سيطر الحوثيون على مناطق حدودية مع المملكة، ومع غياب أي دوريات حدودية ومواقع لحرس الحدود في الجانب اليمني. وأضاف التقرير أن قوات حرس الحدود السعودية شددت من دورياتها لمنع تسلل المهربين والخارجين عن القانون إلى الأراضي السعودية. وقال التقرير الذي رافقه آخر مسجل: إن حالة من التأهب تشهدها الحدود اليمنية السعودية على امتداد 1700 متر، تترقب قوات الحرس السعودية، تحركات على بعد الشريط الحدودي، بين البلدين، إذ بات الحوثيون يسيطرون على جانب كبير من الحدود المشتركة مع المملكة. وتابع التقرير: هنا في منطقة جازان، تعمل القوات السعودية وحدها، على مراقبة الحدود. وفي السياق قال أحد الحرس السعودي والمتواجد في منطقة جبلية على الحدود بجازان: إن المنطقة التي يسيطر عليها الجانب الحوثي أمامنا، هم مسيطرون على المناطق المقابلة لنا على الجبال، القريبة من هنا. كل هذه المناطق يسيطر عليها تنظيم الحوثيين ولا وجود للقوات اليمنية هنا. واعتبر التقرير أن الطبيعة الجبلية في المنطقة والأشجار تجعل ذلك منطقة خصبة للمتسللين وعمليات التهريب. وأضاف الجندي السعودي: نحن الآن في منطقة متقدمة على الحدود اليمنية السعودية، وكما يظهر معنا الآن الحدود اليمنية هناك في الاتجاه المقابل، وتعتبر هذه المنطقة من أكبر المناطق التي يحدث فيها التهريب والتسلل. بحكم تقارب الحدود وبحكم كثافة الأشجار الموجودة على الحدود. وأوضح التقرير أن السعودية تعمل على رفع حالة التأهب الأمني على الحدود مع اليمن، وقامت بنشر كاميرات ومعدات تسمح لقواتها لمراقبة الحدود على امتدادها بالكامل، كما تتحسب المملكة لأي خطر استراتيجي ينبع من اليمن، ليس فقط من جانب الحوثيين، وإنما أيضاً، عناصر من تنظيم القاعدة التي تنتشر عناصره في اليمن.