هي كذلك.. حكاية حب وغرام نظنها بدأت بنظرات إعجاب خاطفة لتنتهي بالهروب والاختطاف تماماً على طريقة أفلام السينما البوليوودية.. ومنطلق سيناريو الأحداث من نقطة المفتتح في حارة الجحملية بالمدينة الحالمة تعز حيث اشتعلت شرارة الحب الأولى بقلب عاشق (الزبج) والنكتة المعروف (علي حنش) فراح مصوراً مشاهد الفيلم المثير على طريقته الخاصة.. وبالتأكيد يبدو لنا هنا بطل الفيلم الهندي المغامر علي حنش بالفعل (حنش) يلدغ ويرقي كما يقول المثل خصوصاً حين تعمد التغرير بعقل بنت الجحملية وطالبة المدرسة المراهقة والبريئة ليقنعها بفكرة الهروب بمعيته إلى قريته الواقعة في نطاق محافظة ذمار مجسداً شخصية شاروخان البلدي المستعد لدفع فاتورة حساب العواقب مهما بلغ الثمن.. وبالطبع عندما نقول الهروب فإننا نعني قليل من العقل وكثير من الجنون، ذلك جل ما في الأمر ولكنه على كل حال جنون لذيذ وممتع يلجأ إليه قلة ممن يحبون بجنون ويجدون العراقيل تقف في طريق حبهم المجنون فيفقدون مساحة فرق التمييز بين الشجاعة والتهور في ضيق وقت الغرام الضائع ويختارون لواقعهم المعاكس للأحلام شعار (الانتصار أو الموت) وذلك بالضبط الشعار الذي رفعته فتاة الجحملية وعاشقها علي حنش معاً وهما يقفان عند مبتدى رحلة الهروب في جولة حوض الأشراف. صفوان القباطي - [email protected] بضغطة سبابة على زر تشغيل شاشة عرض الحكاية البوليوودية نطير بخيالنا من حي الجحملية بتعز حيث وقعت عيني شاروخان الذماري (علي حنش) على حلا طلعة ظبية الحي الفاتنة وهي خارجة متأنقة في طريق ذهابها إلى المدرسة وسنرى تاليها كيف صاغ خطابه لها من وحي خاطر قلبه الذائب بين جنة طرفها الناعس وجهنم قامتها الرشيقة وفاتحها بإعجابه الجنوني مباشرة وعلى الطائر موضحاً كم أن حسنها يسبي ويعمي الصواب.. ويا هل لعلمنا ماذا لقي علي حنش؟ لقيت في الجحملية ظبي للطَّرف ناعس..غاني بعز الشباب قامة رشيقة حلا ظنَّيتها غصن مايس.. والحسن يعمي الصواب فقلت يا غصن للأوراق والزهر لابس.. ما بش عليَّا عتاب بالله خذني معك يا خل حامي وحارس.. بيني وبينك حساب (بيني وبينك حساب).. هكذا قالها ملحونة بوجهها ولكأني أسمعها هنا ترد عليه باستغراب (يا الله رضاك.. حساب أيش من صباح الصبح)فيبادرها موضحاً القصد بمنتهى الصراحة منذ البداية ولتصفية حساب المستحيل معها يمتطي صهوة (يا ليت).. يا ليت وانا زميلك في صفوف المدارس.. يغلِّقوا كل باب أو ليت من سايرك ساعة يقتل وخالص.. ولو يبيع الثياب وفي أول لقاء يجمعهما يغتنم الاثنان فرصة خلو الجو لأجل التعارف ويسأل كل منها الآخر عن أصله وفصله ومكان إقامته والمبتدا من عند علي حنش الذي عزم ألا تفوته فرصة هذا اللقاء العابر هباء دون أن يستفيد لأنها إن فاتت فربما لن تتكرر ثانية، لكن ولأن للجمال سطوته وسلطانه كان البوح بسر الإعجاب (عيني عينك) بوجه المحبوب في الماضي مهمة صعبة، ناهيك عن كون الوقوف أمامه بحد ذاته موقف عصي ويتطلب الكثير من الشجاعة والجرأة.. كل هذا وأكثر في عهد ما قبل الجوال والفيس والواتس وثورة تكنولوجيا المعلومات زمان الخجل والعفة أيام ما كان العاشق يدوخ السبع دوخات فقط ليعرف منزل الفتاة أو يحصل منها على جواب خطي بعد (مراشاة ولي منعكم ولا حد يبصرنا).. إنما لاحظوا كيف سيتصرف عمكم علي مع قاصر الطرف يا جيل الجوال: يا قاصر الطرف وين البيت وين انت جالس.. لي منعكم ما الجواب قال ساكن الجحملية والبيت على سقف خامس.. والأصل وادي الضباب أجابت اينيه بلادك؟ قلت من وسط آنس.. جنوب وادي حَبَاب وعقب هذا اللقاء التعارفي الأول يأخذ العاشقان حديثاً العهد ليال وأيام وهما يرويا غصون غصون إعجابهما المتنامي بسيل المشاعر الدافقة وتفقد الفتاة صوابها في خاتمة المطاف بفعل تحريض علي حنش وتشجيعه لها في مشاركته لذة الحب المجنون ومطاوعته في تهوره الخارق لحدود العقل والمنطق فقد بدا لها (يابس الرأس) رغم ما أبدته له من مخاوف وأكد لها مراراً أن السبيل الوحيد أمامها والحل الممكن والمتاح هو الاختطاف الاختياري والهروب معه تحت ستار الظلام وعدم التهاون في تلبية طلبه (هيا نشد الركاب): يا سُعد من روَّحك يا عطر كل المجالس.. هَيَّا نشد الرِّكاب ما أجمل اليوم ذي قد فيه نصبح عرايس.. محوَّطين بالشذاب فقال لي أهل واجد وكل إنسان فارس.. يتمخطروا كالذئاب فقلت وانا يماني وعندي الراس يابس.. أطلِّعِك للسحاب هَيَّا معي شخطفك يا خل في ليل دامس.. لا يمكن انِّي أهاب وبعد موافقة صبية الجحملية على خطة شاروخان حنش لاختطافها والجاهزة للتنفيذ ذهب المغامران يجهزان أمورهما على عجل في السر استعداداً للحظة الصفر.. جهزت هي شنطة ملابسها وأغراضها ورمت شنطة الكتب والدفاتر في ركن الغرفة وكان هو في انتظارها بعد منتصف ليل الهروب في جولة حوض الاشراف.. خرجت وتسللت تحت جنح الليل الحالك متشحة بالسواد حتى وصلت إلى المكان المتفق عليه حيث كان ينتظرها على ظهر سيارة المرسيدس وهو بين الشك واليأس بأنها قد تتراجع وتعدل موقفها ولكنها كانت مجنونة بالفعل وأكثر مما توقع.. وعلى الفور تلتهم إطارات مرسيدس الهروب مسافة الطريق باتجاه ذمار، وفي سمارة كان سنا فجر الغد الآتي يداعب صفحة الأفق المظلم من جهة الشرق ليبسط تلوها نوره على درب حنش وغزالته في مدخل منطقة كتاب، وعند شروق شمس الصباح كانا قد بلغا غايتهما ووصلا بلاط ملك الغرام في بلاد آنس المتأرجحة وجداً بحضن زلزال الحب المجنون.. إلى التفاصيل: وافق وروَّح بيجمع شنطته والملابس.. والوعد في إقتراب وقفت في حوض الاشراف بين شَكِّي ويائس.. وان قد بدا كالغراب جَرَّيت صيدي وسافرنا وَسَط ليل دامس.. والخل في إحتجاب ساهر كما الطير ماشي بالمرسديس كنت داعس..ما خفت من إنقلاب وفي سمارة لقانا الفجر والخل جالس.. ضوَّى وانا في كتاب ما طلعت الشمس إلا واننا وسط آنس.. هارب ومرصود غياب وفي بلاد آنس يجد علي حنش نفسه (هارب ومرصود غياب) بلحظة تأمل في النهاية.. ورغم ذلك لا يساوره أدنى شعور بالندم أو المسؤولية تجاه ما أقدم على فعله، بل على العكس يمضي به إصراره إلى الأمام في درب الهوى الممنوع.. إلى الأمام بعد المليح ولو اضطر لملاحقته ملاحقة (جرادة وغُرَّاب).. حبَّيت والحب لا فاني بدولة وغلاب.. في حانتك يا الحبيب قد هنت في باب الابواب حلفت ما بافرقك لوما نشوف ويش الاسباب.. ما بافرقك لو تلاحقنا جرادة وغُرَّاب ختاماً وضمن جملة ما يمكن استعادته من ذكريات ومواقف وأمنيات الغوى والحب المجنون يعود الحنش للإرتماء مجدداً بحضن عيلة الجحملية مرحباً بالمنون في سبيل الفوز بجمالها الساحر ومقدماً روحه قربان وفاء لقُدَّاس غرامها الأسطوري.. حسنك وفنَّك شدفني.. خلاني مجنون اغنِّي كلامك اللي سحرني.. يا قهر قلبي وغبني ما أجمل الإحترام.. والضحكة والإبتسام وارجوك تفك اللثام.. مش عيب ولا هو حرام با نوم بحضنك شوية.. يا قمري الجحملية واموت واقتل ضحية.. وانت السبب في القضية