وحمَّل رأس الكنيسة الكاثوليكية في العالم جزءا من المسؤولية في الأزمة، التي قال إنه يشعر حيالها "بالعار الشديد"، إلى ما أسماه "انهيار القيم الأمريكية". "تطهير" الكنيسة وقال البابا، الذي يزور الولاياتالمتحدة للمرة الأولى منذ اعتلائه سدة البابوية قبل نحو 3 سنوات، إنه يأمل أن يساعد "زمن الامتحان" الذي تمر به أمريكا على البدء بعملية تطهير للكنيسة. البابا بنديكتوس السادس عشر جاءت تصريحات البابا أثناء قداس ترأسه في الكنيسة الوطنية في العاصمة واشنطن يوم أمس الأربعاء وشارك فيه المئات من القساوسة والمطارنة الكاثوليك في أمريكا. وقال البابا مخاطبا القساوسة: "ما الذي يعنيه حديثنا عن حماية الأطفال في الوقت الذي يمكن أن تشاهد فيه أفلام الجنس والعنف في العديد من المنازل عبر وسائل الإعلام المتوافرة على نطاق واسع اليوم؟" وأضاف قائلا: "إن الاستجابة للوضع لم تكن سهلة، وكما أشار رئيس مؤتمركم الأسقفي، كانت في بعض الأحيان سيئة للغاية." وكان البابا يشير في ملاحظاته إلى ما جاء في كلمة الكاردينال فرانسيس جورج، رئيس المؤتمر الأمريكي للأساقفة الكاثوليك. عواقب الفضيحة ومما جاء في كلمة الكاردينال جورج، وهو من شيكاجو، قوله إن عواقب الفضيحة ومعالجتها الضعيفة من قبل الإكليروس الكاثوليكي "يجعل العقيدة الشخصية لبعض الكاثوليك والحياة العامة للكنيسة ذاتها مسألة فيها نظر". كما أتى كلام البابا قُبيل ترؤسه اليوم الخميس لقداس جماهيري في ملعب لكرة البيسبول بواشنطن، ويُتوقع أن يحضره حوالي 45 ألف من أتباع الكنيسة الكاثوليكية في الولاياتالمتحدة. وكان البابا قد احتفل يوم الأربعاء بعيد ميلاده الحادي والثمانين في حفل استقبال جرى تنظيمه في البيت الأبيض وحضره الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش وآلاف المدعوين. "عيد ميلاد سعيد" وقد استُقبل البابا لدى وصوله إلى البيت الأبيض بأغنية "عيد ميلاد سعيد"، وأطلقت المدفعية 21 طلقة ترحيبا بضيف البلاد الذي يُعد أول رأس للكنيسة الكاثوليكية في العالم يزور أمريكا منذ 30 عاما. وقال بوش، الذي يقيم أيضا حفل عشاء كبير في القاعة الشرقية في البيت الأبيض احتفاءا بضيفه، إننا بأمس الحاجة إلى رسالة البابا القائلة إن "الله حب" لكي ننقذ الإنسان من السقوط فريسة لتعاليم التعصب والإرهاب." الصح والخطأ إنني واثق بأن الشعب الأمريكي سيجد في معتقداته الدينية مصدرا ثمينا للتبصر والإلهام من أجل الوصول إلى حوار عقلاني ومسؤول ومحترم في إطار الجهود الرامية لبناء مجتمع حر وأكثر إنسانية البابا بنديكتوس السادس عشر وأضاف بوش، الذي عقد اجتماعا رسميا مع البابا في البيت الأبيض، قائلا: "في عالم لم يعد فيه البعض يعتقد أنه يمكن بعد التفريق بين الصح والخطأ، إننا نحتاج إلى رسالتك من أجل رفض الدكتاتورية التي تستند على النسبية كمذهب لها." إلا أن البابا نفسه، الذي يقوم بزيارة للولايات المتحدة تستغرق 6 أيام، لن يتمكن من حضور حفل العشاء المذكور، وذلك بسبب انشغاله بترؤس قداس صلاة لرجال الدين في مكان آخر من العاصمة واشنطن. وقد رد البابا على كلام بوش قائلا إنه بات صديقا لأمريكا وامتدح الشعب الأمريكي بسبب "اهتمامه بالأسرة البشرية الكبيرة" وعبر عن أمله في أن يتواصل مثل هذا الاهتمام ليجد له تعبيرا من خلال دعم جهود الدبلوماسية الدولية لحل الصراعات في العالم." تبصر وإلهام وأضاف البابا قائلا: "إنني واثق من أن الشعب الأمريكي سيجد في معتقداته الدينية مصدرا ثمينا للتبصر والإلهام من أجل الوصول إلى حوار عقلاني ومسؤول ومحترم في إطار الجهود الرامية لبناء مجتمع حر وأكثر إنسانية." كان الرئيس بوش على رأس مستقبلي البابا لدى وصوله الى قاعدة أندروز الجوية قرب واشنطن ونقل مراسلنا عن البابا تنويهه بحقيقة أن أمريكا ليس فيها دين للدولة، قائلا إنها دولة علمانية ترحب بكافة الأديان والعقائد التي تتواءم في نموذج تعايش إيجابي يمكن لأوروبا أن تتعلم منه الكثير. ويلتقي كل من بوش والبابا حول العديد من القضايا مثل معارضة الإجهاض وزواج المثليين، غير أنهما يختلفان بشأن ملفي العراق والهجرة. تفكك أسري وقال البابا إنه سيناقش مع بوش قضية الهجرة، إذ أعرب عن مخاوفه من خطر التفكك الأسري الذي تسببه الهجرة الجماعية إلى أمريكا، وبشكل رئيسي هجرة المسيحيين الكاثوليك من أمريكا اللاتينية. ويقول مراسل بي بي سي في روما دافيد ويلي، والذي يرافق البابا في رحلته إلى الولاياتالمتحدة، إن البابا تعمد في تصريحاته تجنب الإشارة المباشرة إلى الدور الأمريكي في الحرب على العراق أو إلى الحملة الرئاسية الراهنة لاختيار خلف للرئيس بوش أواخر هذا العام. احتشد مئات الأمريكيين في قاعدة أندروز الجوية قرب واشنطن للترحيب برأس الكنيسة الكاثوليكية في العالم لكنه رأس الكنيسة الكاثوليكية أشار إلى التضحيات المؤلمة للإنسانية في الصراعات السابقة وإلى ضحايا الحرب الحالية في العراق. مسيحيو العراق وقد أكد البيت الأبيض أن البابا أثار مع الرئيس بوش في محادثاتهما الخاصة قضية الأوضاع في العراق وعبر له عن قلقه بشأن محنة الأقلية المسيحية في تلك البلاد. وجاء في بيان مشترك أصدره الجانبان لاحقا أن كلا الطرفين عبر عن أمله بإيجاد "حل فوري وشامل للأزمات التي تعصف بمنطقة الشرق الأوسط." وكان البابا قد حظي باستقبال رسمي وشعبي حار في بداية زيارته التي بدأت يوم أمس الثلاثاء. ففي خروج على البروتوكول المألوف، كان الرئيس بوش، ترافقه كل من زوجته لورا وابنته جينا، على رأس مستقبلي البابا عند سلم الطائرة بُعيد هبوطها في قاعدة أندروز الجوية القريبة من العاصمة واشنطن. كما احتشد مئات الأمريكيين في القاعدة المذكورة للترحيب بالبابا، حيث راحوا يطلقون الهتافات ويصفقون ترحيبا به. بي بي سي