قيل أن تنظيم القاعدة قد اخترق الأمن السياسي اليمني فيما الأمن القومي ما زالت علاقته بالجهاديين محكومة باعتبارهم أما مصادر أو مستشارين دون أن يتم استيعابهم داخل الجهاز وهذا يعني أنه في طريقه للاختراق. وقيل أن نتائج محاكمات عديدة لجهاديي القاعدة والتي أفضت في مجملها إلى أحكام مخففة وهذا يشير إلى أن السلطة القضائية مخترقة أيضاً من تنظيم القاعدة. كذلك أشار مركز الدراسات الأمريكية أن انفجار جامعة سلمان في صعدة مؤخراً لم يكن من فعل الحوثيين وإنما قامت به مجموعة تابعة للقاعدة وهذا يلمح أن الجيش مخترق من القاعدة. تقرير الخارجية الأمريكية أبدى تبرمه من علاقة الرئيس بالزنداني رغم أهمية مثل هذه العلاقة بالنسبة للرئيس. الأمريكان لا يجهلون حقيقة الزنداني فقد سبق لهم استقباله وتسخير معاملهم العلمية وعلمائهم له وهو الذي ربطته علاقة بعلماء أمريكان مثل «جورج نيجر» الذي أصدر كتابا مشتركا مع الزنداني في علم الأجنة وكذلك له علاقة بالمستر هاي عالم البحار الأمريكي وأصدرا كتاباً مشتركاً، كان هذا زمان أيام الجهاد في أفغانستان. ولم يعد اليوم سراً أن الجهاد في أفغانستان كان من أجل سيطرة الأمريكان على منطقة قزوين ونفطها التي كانت ساحة أساسية لصراع دولي عنيف بين القطبين الأمريكي والروسي حيث من المتوقع أن تصبح منطقة قزوين أحد المصادر الرئيسية للطاقة في العالم فالنفط الاحتياطي المكتشف فيها قدر حتى الآن بحوالي 32 مليار برميل من النفط الممتاز. أمريكا ترى في بلاد المسلمين كثيراً من الخيرات التي ترغب في السيطرة عليها ولكن دعمها لدولة إسرائيل سبب عدم قبولها من المواطن العربي والمسلم، فيما حليفتها السعودية أصبح أمرها مكشوفاً على مستوى المنطقة العربية والدولية ولهذا وجدت أمريكا ضالتها في الفكر السلفي الوهابي التي أنبتته في المنطقة الإسلامية الشرق المسلم والذي يعمل معها جنباً إلى جنب في ضرب كل الجهات والأفكار التي تعادي السياسة الأمريكية تحت مسمى الدفاع عن الإسلام والسنة النبوية التي دائماً تلتقي مع المصالح الأمريكية والصهيونية ابتداءً من أفغانستان والتحريض على إيران وتكفير حزب الله والتفجيرات الانتحارية في العراق والمشكلة أنها تعود عليهم بالتكسير والتحطيم باسم الديمقراطية وحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب. أمريكا يلزمها ما يبرر وجودها في مياه الخليج والبحر العربي والبحر الأحمر من أجل حماية المصالح الدولية العالمية ولهذا من ضرورات هذا اللزوم أن تكون إحدى الدول الجزيرة العربية فيها منابع إرهابية تهدد أمن العالم وعلى أمريكا مواجهة تلك التهديدات.. اليمن هي الدولة التي وقع عليها الاختيار من أجل تحمل تبعات فكر دولة الجوار وأصبحت ملاذاً لكل أصحاب الأفكار المتطرفة الذين هاجروا إليها من أجل التزود بالعلم الوهابي في جامعة الإيمان وفروعها الأخرى وعند الشيخ مقبل الوادعي في صعدة وخليفته الآن وعند محمد الإمام في معبر وعند المصري في مأرب، كل هذه المراكز التي توفر للطالب السكن والمأكل والمشرب والمصروف تعمل من أجل تدريس مذهب ديني لا علاقة ولا أصل له في اليمن. ولتكن اليمن مسخاً مشوهاً للحكم الديمقراطي الذي ينفر شعوب المنطقة لمثل هذه التجربة لم يكن اختيار اليمن لتكون ساحة لتبرير التواجد الأمريكي جاء من منطلق حب أو كره أمريكي، فمثل هذه المقاييس لا يعمل بها في العمل السياسي ولكن كانت اليمن هي الدولة المؤهلة لذلك بسبب الفساد الحكومي المستشري في مفاصل الدولة ولم يكن أمام اليمن غير خيارين: إما تفتيت الدولة إلى عدة دويلات يكون للسعودية السيطرة عليها أو دولة موحدة هشة مهددة بنضوب نفطها ومياه ومهددة بجيل القاعدة الثالث وحراك جنوبي عاصف ودولة ديمقراطية تنهب وتقتل وتتحالف طائفياً وتحارب طائفيا وتدعو إلى القومية والوحدة والتماسك.. تنظيم القاعدة في اليمن ليس قوياً والفكر الوهابي في اليمن ليس أصيلاً والقدرة على القضاء عليهما سهلة لكن هذا الأمر سيهدد كرسي الرئيس الذي لم يعد يملك أي شعبية غير هتافات من جماهير ستهتف أكثر فرحة إن غادر كرسي الحكم، ومغادرته سيهدد الكثير من الشخصيات من أصحاب النفوذ المستفيدة من تواجده في كرسي الحكم وهو يدرك ذلك. الثقة التي تكونت بين صنعاء وواشنطن خلال سنوات والتي تعززت في السماح بقتل أبو علي الحارثي بطائرة أمريكية وقتل العديد من المطلوبين من بينهم فواز الربيعي والديلمي، انهارت عند ظهور البدوي والبنا طليقين. أمريكا تدرك أن عناصر القاعدة يكنون لها العداء بعد أن كانت تعول عليهم بالكسر والتحطيم وتعلم أن القاعدة دائماً تستقطب عناصرها من الأفراد الأميين والفقراء وباسم الدين وجنة الخلد وحياة النعيم بعد التفجير والعمل الانتحاري. وترغب - أمريكا - أن تكون اليمن دولة بمعنى الدولة الديمقراطية التي لا تؤثر عليها متغيرات المتعاقبين على كرسي الحكم من خلال دستور يسير البلاد. وترى أمريكا من خلال إغلاق ملف الإرهاب في إنزال العقوبات الرادعة في من ثبت عليهم القيام بعمليات إرهابية بينما الحكومة اليمنية ترى احتوائهم يمثل الوسيلة المثلى لتحييدهم واتقاء شرهم، وهي بهذا تضرب حساباتها في كسب ودهم من أجل استخدامهم في تصفية خصومها السياسيين باسم الدين. ولهذا نجد الرئيس يتمسك بالزنداني من أجل استغلاله لخلق توازن داخل حزب الإصلاح وتحجيم نشاطه خاصة وأن ثمة جناح داخل حزب الإصلاح يقوده الزنداني يتبع الرئيس.