الجريمة شهدت احداثها قرية صغيرة كل افرادها يلهثون وراء لقمة العيش فهناك ولدت فاطمة وعاشت حياتها مدللة في منزل اسرة ميسورة الحال نوعاً ما فلم تشعر بسنوات العمر وهي تسرع بها من طور الطفولة الى سن الصبا.. في المرحلة الاعدادية كان الرسوب حليفها لذلك اوقفها والدها عن الدراسة وهو ما يفعله العديد من الأباء في القرى والأرياف مع بناتم حتى وان كن متفوقات لم تتذمر فاطمة من قرار والدها وكانت سعيدة بالجلوس في البيت وخاصة بعد أن تفجرت انوثتها وبدأت نظرات الشباب تلاحقها كلما ذهبت لجلب الماء من البئر أو خرجت لمساعدة والدها في العمل بالأرض. لم يكن من الصعب على سعيد ان يعرف الطريق الى قلبها بكلامه المعسول فكانت تجلس منبهرة بما يقول: وفي المساء تظل تستعيد ما همس به من كلمات، غرقت الفتاة في حب جارها وهي دون السابعة عشرة، نسيت كل شيء حولها ما عدا أن تذهب الى اطراف القرية وسط الحقول حتى لا يراها احد.. توهمت ان الحب عبارة عن كلمات عشق واشتياق ونظرات عتاب وغيره، لم تدرك ان الحب يحتاج الى مقومات اخرى ليستمر وينمو.. افاقت من الوهم عندما بدأ الخطاب يطرقون باب منزلها.. بحثت عن جارها وطلبت منه التقدم لخطبتها فتحجج لها بحالته المادية وانه لا يزال طالباً لا يملك من حطام الدنيا سوى بعض الكلمات وعليها انتظاره حتى يستكمل تعليمه ويحصل على وظيفة وعلى الرغم من عدم اقتناعها بعذره إلا انها حاولت رفض كل من يتقدم إليها.. لكنها في النهاية انهارت امام عاصفة الغضب التي اجتاحت والدها وبقية افراد الاسرة خاصة عندما تقدم لخطبتها (احمد) صديق شقيقها وهو شاب يمتلك كل مقومات الرجولة لذلك رحبت به الأسرة وتمت الخطبة.. ومنذ اليوم الأول للخطوبة رفضت فاطمة مقابلة سعيد وبدأت بتحضير لوازم العرس حتى تشغل نفسها من التفكير به.. إلا ان سعيد ما لبث ان ظهر في حياتها من جديد فجأة عندما تزوج خاله من شقيقتها وكان ظهوره مفاجأة غير سارة الا ان محاولاته تحطمت امام تمسكها بعفتها ورفضها التام لخيانة زوجها.. كانت فاطمة مشغولة بالتردد على المستوصف لمعرفة سبب تأخر الانجاب حيث اكدت التحاليل ان سبب ذلك وجود عيب لديها فذهبت لمستوصف أخر وكانت النتيجة ذاتها... ضاق صدر الزوج من تأخر الإنجاب وخشي انتهاء العمر دون ان يرى ذريته فنصحته أسرته بالزواج من فتاة أخرى تنجب له البنين والبنات.. تحملت فاطمة فوق طاقتها على أمل انتهاء تلك الازمة الا انها طالت فازداد احمد عصبية وضربها لأول مرة منذ تزوجها وعايرها بانها عاقر لا تنجب فكانت هذه هي النقطة الفاصلة في حياة فاطمة فقد نزلت الكلمة كالصاعقة على قلبها وجرحت انوثتها.. أما احمد فلم يكتف بهذا الحد بل هددها بالزواج من أخرى وتصادف بعدها أن تقابلت فاطمة مع جارها وحبيبها الأول سعيد الذي كان لا يزال يلح عليها في محاولة لاشعال نيران الحب من جديد واكد لها انه على استعداد لعمل كل شيء ليثبت لها حبه القديم والباقي لها حتى الآن.. لعب الشيطان برأسها فطلبت الطلاق من زوجها لكنه رفض بشدة وإمعاناً في اذلالها اخبرها أنه سيجعلها خادمة لأم اولاده التي سيتزوجها. لم تحتمل فاطمة المزيد فالتقت بحبيبها السابق سعيد وطلبت منه ان يخلصها من زوجها فوعدها بعمل المستحيل من اجلها واتفقا على الخطة ليخلو لها الجو وتنال حصتها من ممتلكاته والحرية في آن واحد.. كانت فاطمة تريد الانتقام لكرامتها وسعيد يسعى لإعادة حبه المسلوب فوضع الاثنان خطة تنفيذ الجريمة بطريقة تبعد الشبهات عنهما ولم يتبق سوى تحديد موعد التنفيذ والذي جاء اسرع مما توقعا فقد وضعت شقيقة فاطمة مولوداً وسافرت لزيارتها في المدينة واعطت اشارة التنفيذ لسعيد وتركت له مفتاح البيت حيث تسلل إليه واختبأ داخله في انتظار عودة الزوج احمد ولم يطل انتظاره وحانت اللحظة الحاسمة التي ارتجف لها قلب سعيد ومرت لحظات كأنها الدهر قبل ان يغمد سكينة في وجه احمد وتحديداً في عينه التي انفجرت منها الدماء وقبل ان يحاول اطلاق صرخه آلامه انقض عليه سعيد وشل حركته وراح يخنقه بوحشية من غير رحمة حتى استل روحه من جسده فسقط جثة هامدة لينتفض هو ويفر هارباً... بين ارتكاب الجريمة وتنفس صباح يوم جديد لم تمر سوى ساعات ولأن مجتمع القرية متقارب فقد اكتشفت الجثة وامتلأت جدران المنزل بالصراخ والعويل وحضرت الشرطة التي اتضح لها من خلال المعاينة ان الجريمة لم تكن لغرض السرقة او الثأر لذلك بدأت المباحث بعمل تحريات لمعرفة المترددين على المنزل إلا ان احد المجاورين له اكد انه لمح سعيد وهو يخرج من المنزل مذعوراً يتلفت هنا وهناك وهو يركض مترنحاً.. التحريات الدقيقة ايضاً اثبتت وجود علاقة بين زوجة المجني عليه والشاب سعيد الذي تم القبض عليه وبمواجهته وتوجيه تهمة قتل المجني عليه اليه انهار معترفاً بقتل احمد بتحريض من حبيبته فاطمة فتم القبض عليها وعند التحقيق معها انكرت اتهامات سعيد ونفت علاقتها به.. لكن العاشق القاتل اخرج دليل ادانتها من جيبه وهو مفتاح البيت الذي اخذه منها.. لحظتها لم تتمالك نفسها وانهارت منتحبة واعترفت بأنها حرضت سعيد على قتل زوجها بعد أن اهانها وعايرها وجرحها بعدم الإنجاب وبإعترافاتهما رفعت القضية للقضاء ليقول فيهما كلمته..