تعرضت العاصمة السورية دمشق وحلب ثاني أكبر مدن البلاد للقصف اليوم الخميس مع تصعيد قوات الرئيس بشار الأسد عملياتها لسحق المعارضة المسلحة التي تهدد مركزي السلطة الرئيسيين للحكومة. وقال العميد مناف طلاس أحد ابرز المنشقين عن نظام الأسد إنه سيساعد على توحيد المعارضة الهشة داخل وخارج البلاد للاتفاق على خارطة طريق لانتقال السلطة. وأثار تفجير قتل فيه أربعة من اكبر قادة الأسد الأمنيين الأسبوع الماضي تكهنات بين خصومه بأن عمره في السلطة يقترب من نهايته. لكن الأيام التي تلت هذا الهجوم شهدت شن قوات الأسد لهجوم مضاد قوي على المعارضة المسلحة شوهدت خلاله طائرات حربية تعمل فوق حلب وقالت مصادر بالمعارضة ان مقاتلين مسلحين اعدموا دون محاكمة في شوارع دمشق. وذكر سكان في دمشق أن قذيفة كانت تسقط على أحياء جنوبية كل دقيقة صباح الخميس. وقال ناشطون معارضون ان طائرات هليكوبتر حربية تهاجم حي الحجر الأسود وهو احد آخر معاقل المعارضة المسلحة في المدينة بعد ايام من القتال بالشوارع. وبعد هجوم كبير على المعارضين في دمشق الأسبوع الماضي تحول الجيش السوري إلى حلب وعزز قواته فيها بطابور من المدرعات التي سحبت من محافظة شمالية في مؤشر واضح على ان الحكومة تريد الا تفقد السيطرة على العاصمة التجارية للبلاد والتي يعيش فيها 2.5 مليون نسمة. واندلعت اشتباكات عنيفة في الساعات الاولى من الصباح في حلب وقال نشط إن مقاتلي المعارضة يسيطرون الان على نصف المدينة وهو زعم لم يتسن التحقق منه بشكل مستقل. وقال ناشط في حلب يدعى أبو هشام "حدث قصف هذا الصباح على حيي صلاح الدين والمشهد .. والان توقف القصف لكن طائرات الهليكوبتر ما زالت تحلق في الأجواء." وذكر نشطاء أن 24 شخصا قتلوا في اشتباكات في حلب ومحيطها يوم الأربعاء. وبلغ عدد القتلى منذ بدء الانتفاضة ضد الأسد قبل أكثر من 16 شهرا نحو 18 ألفا. وقالت ساكنة في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في دمشق ان قصفا عنيفا وقع في العاصمة خاصة بالقرب من حي الحجر الأسود في جنوبالمدينة. وقالت إن الجيش كان يستهدف فيما يبدو مواقع على أطراف المخيم ويطلق قذيفة كل دقيقة. وبدأ القصف حوالي الساعة السابعة صباحا (0400 بتوقيت جرينتش) واستمر ثلاث ساعات. وبعدما اشتد القتال في الشمال وفي حلب ومحيطها أغلقت تركيا مواقعها الحدودية أمام حركة التجارة يوم الأربعاء لكنها تسمح بمرور اللاجئين الفارين من سوريا. وفي بلدة اعزاز السورية الواقعة على بعد كيلومترات جنوبي الحدود مع تركيا بدا ان مقاتلي المعارضة يسيطرون بعد اشتباكات عنيفة طوال الشهر المنصرم نجحوا خلالها في طرد القوات الحكومية من البلدة التي أصبحت مدينة أشباح. ويقول خبراء عسكريون ان الجيش السوري الذي يتحمل أكثر من طاقته يسحب قواته للتركيز على حلب ودمشق بينما يترك المناطق النائية في ايدي المعارضة المسلحة. وفي أحدث تعليق على القتال قال التلفزيون الرسمي السوري يوم الأربعاء إن القوات الحكومية تفرض الأمن والاستقرار في حلب ومحيطها. وقال التلفزيون ان "الإرهابيين" يتكبدون خسائر فادحة وان مجموعات منهم يلقون السلاح ويسلمون أنفسهم. وأضاف ان آخرين يفرون صوب الحدود التركية. ولم يتحدث الأسد علنا منذ الهجوم الذي شهدته دمشق واستهدف كبار مسؤوليه الأمنيين ويظهر فقط في احداث رسمية ينقلها التلفزيون. وقال العميد طلاس وهو صديق سابق للاسد ويمكنه القيام بدور في اي انتقال للسلطة انه لم يخرج من سوريا لكي يقود المرحلة الانتقالية. وقال في مقابلته مع صحيفة الشرق الأوسط في عددها المنشور يوم الخميس "سأتواصل مع كل شريف يريد بناء سوريا سواء كان المجلس الوطني أو الجيش الحر أو إن كان في الداخل أو الشرفاء وإن كانوا في داخل النظام سأتواصل مع الجميع لنجد خارطة طريق للخروج من الأزمة." وقال طلاس في المقابلة الصحفية التي أجريت معه في مدينة جدة السعودية إنه يتطلع لدعم من المملكة العربية السعودية وقوى اخرى. وانشق طلاس وهو سني كان ضمن الدائرة المقربة من الاسد وضابطا بارزا في الحرس الجمهوري في وقت سابق من الشهر. ودعت قوى غربية الأسد إلى التنحي منذ شهور لكنها تخشى أن يقاتل حتى النهاية مما يثير خطر انتشار الاقتتال الطائفي في منطقة من أكثر مناطق العالم اضطرابا. وقال الامين العام للأمم المتحدة بان جي مون في كلمة أمام البرلمان البوسني في سراييفو إن العالم يجب أن يتحد لإنهاء "المذابح" في سوريا وأعاد إلى الأذهان عجز الأممالمتحدة عام 1995 وقت وقوع مذبحة سربرنيتشا في البوسنة. وتبادل أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يوم الأربعاء الاتهام بالمسؤولية عن تزايد العنف في سوريا وتعهدت الدول الغربية بالعمل على وضع نهاية للصراع خارج إطار المنظمة الدولية في حين حذرت روسيا من أن مثل هذا السلوك ستكون له على الارجح "عواقب كارثية". وعرقلت روسيا والصين بشكل متكرر محاولات لمجلس الامن تساندها دول غربية لزيادة الضغط على الاسد لوضع حد للعنف.