الرواية التالية تخص احد الأصدقاء – و الذي طلب عدم ذكر اسمه مثل المصادر المسئولة في أخبار هذه الأيام- "قبل عدة أيام جمعت على المقيل "التخزينة" عدد من الزملاء من خليط متنوع و ساده – كغيره هذه الأيام- نقاش سياسي واسع و مطول و متشعب. ...في اليوم التالي ابلغني احد من حضروا ذلك المقيل استغرابه من "الكوكتيل" في انتماءات من حضروا جلسة اليوم السابق، حيث كان فيهم من يعتبرون أنفسهم غلاة في "مناصرة الرئيس/ النظام" كما كان فيهم من ينتسبون لساحات التغيير و يعدون أنفسهم من الفاعلين فيها..و اختتم ملاحظته بالإشارة إلى "أصحاب الشريحتين".. و في البداية أخذت الملاحظة ببساطة.. و لكن و بمراجعة "أسلوب" من طرحها... تملكني سؤال " هل أنا فعلا ابو شريحتين"، حاولت ان أدافع "لنفسي عن نفسي" منكرا ذلك... قلت لها باني لم أتملق احد و انا لم ادعي ما لست عليه و انا لم "أجاري" احد في خطأه ... و انا... قاطعتني نفسي : و لكنك تعاملت مع كل طرف ب"اريحية" و كأنك تنتمي إليه...و قبلت بعض ما طرحه كل طرف و رفضت بعضه... و بالتالي فمن الواضح انك قد أصبحت – ربما دون ان تدري- من أصحاب الشريحتين... صرخت.. يا للكارثة .. كيف يكون لي في هذه الأيام الهامة ان اسقط إلى مستنقع "النفاق"...و ما العمل لأتدارك الوضع؟؟ و كيف اكفر عن هذا الذنب العظيم.. خلوت "إلى نفسي" باحثا عن الإجابات لهذه التساؤلات فالوقت لا يحتمل "اللون الرمادي" و لا بد لي من حسم انتمائي فورا و قبل ان يداهمني الموت و انا "على الأعراف"... و كما علمونا في "التخطيط" فالبداية تكون بتحليل الذات... و لم تكن هذه المهمة عسيرة فقد سبق لي ان شخصت حالي كما يلي: انتمي "لليمن" بدون انتماءات حزبية، أحب التعبير عن رأيي و ليس نقل رأي الآخرين، أناصر التغيير للأفضل، فضولي أسعى للتحقق و "الفلسفة" في كل ما يعرض علي و لا اقبل بأي أمر على علاته، أحب مشاهدة قنوات وثائقية و اكره القنوات الموجهة... التزم بصلاة الجمعة في جامع صغير بجانب منزلي... لي شبكة واسعة من علاقات الصداقة الشخصية و التي لا أضع لها خلفيات سياسية او اقتصادية او عرقية او طائفية او حزبية و لست مستعدا للتضحية بها لأسباب من هذا النوع. ثم انتقلت للمرحلة التالية و شمرت عن "فكري" و أطلقت عقلي من عقاله و شرعت في حصر و تحليل الخيارات المتاحة و التي كانت نتيجتها خيارين لا ثالث لهما: - ان أعلن انتمائي "الكامل" للنظام و بالتالي ان اضطر الى الدفاع عن سيرته خلال سنوات عمري الماضية و أنكر سوء الوضع في البلاد و أؤكد طهارة النظام من كل شائبة و استحقاقه للبقاء و اشرع في اختراع قائمة بانجازاته الأصيلة و ان التزم بمشاهدة قناة "سبأ".. و ان التزم بصلاة الجمعة في ميدان السبعين.. و الأسوأ ان "اكره و اتهم" كل من في ساحات التغيير.. - او ان أعلن انضمامي "المطلق" الى ساحات التغيير و بالتالي ان اقبل بحميد الأحمر و علي محسن و ان أعطي الثقة – و لو مؤقتا- لأحزاب اللقاء المشترك، و ان ابدأ في البحث في القاموس عن اشد عبارات الشتم و أطلق خيالي لاختراع "تهم سابقة او مؤامرات مستقبلية" و نسبها للنظام، و ان لا أفوت أخبار و برامج قناة "سهيل" ... و ان التزم بصلاة الجمعة في ميدان الستين... و الأسوأ مرة أخرى.. و هو ان "اكره و اتهم" كل من لا يؤيد ثورة التغيير... ويح نفسي... أهذه كل خياراتي؟؟ ..و لكنني لا أطيق و لا اتفق مع أي منها؟؟؟ فما العمل... الوقت يداهمني و أنا لا زلت "ابو شريحتين"... فكرت... ربما المشكلة "نقص في المعلومات" فبدأت في الاستفسار عن بعض "المتطلبات أعلاه" علني أجد لنفسي مخرجا – و بالأصح مدخلا- اقدر عليه... و كانت النتيجة أن حصلت على إجابات قاطعة لأسئلتي و إليكم بعضا منها : - السؤال: هل يمكنني ان احتفظ ببعض الأصدقاء من الطرف الآخر.. و ماذا عن الأقارب؟؟ الإجابة : لا مجال.. من لم يكن معنا فهو ضدنا.. - السؤال: هل يسمح ب "الانتقائية" فيما تبثه القناة المختارة و بحيث استطيع عدم تصديق ما أراه كذبا بواحا؟؟ الإجابة: بالتأكيد لا... فكل أخبارنا حقيقية و صادقة .. - السؤال: هل يمكن ان أتجنب مسالة "الاختراعات" و بالتالي يتم إعفاءي من "اختراع" الانجازات او الاتهامات.. الإجابة: لا يمكن... فانضمامك يعني التزامك ب"المساهمة الفاعلة"... - السؤال: هل يمكن لي ان أعارض/ اختلف مع موقف ما مما يصدر عن هذا الطرف.. الإجابة: لا .. لا.. لا نريد شق الصف... "شله كله او اطرحه كله" - السؤال: ليس لي "خبرة" في الصراخ بالشعارات بعد الصلوات و لا قبلها.. فهل يمكن ان استمر بعادتي هذه؟؟ الإجابة: هممممممم....يبدو انك عميل مع الطرف الأخر.. "ضاعت فلوسك يا صابر" .. ضاع أملي في الالتحاق بأي طرف، و في غمرة انفعالي "سألت الجمهور " فسمعت احد الأطباء يتكلم عن حالة مشابهة لحالتي و اعتقد بان اسمها "حالة صامتة"... بقليل من البحث اتضح بان اسمها "الفئة/ الأغلبية/ الأقلية الصامتة" .. و اتضح أيضا بأنها لن تكون "ملاذ امن" لي و لأمثالي.. فقد تبين أنها تخص "الصامتين" و للأسف فان ابعد صفة تناسبني هي صفة "الصمت".. كما تبين ان المقصود بهؤلاء من لا يزال "يفكر" و لم يحسم قراره بشان الانضمام إلى احد الطرفين.. و بالتالي فهي "مرحلة مؤقتة" لا تصلح "للانتماء إليها".. و أنا قد انتهيت من عملية التفكير و التي وصلت بي إلى قرار " عدم الانتماء" إلى أي طرف..... و تبين ان هذه الفئة يشار أليها بأنها "سلبية" بمعنى لا ترغب في اتخاذ المواقف خوفا او طمعا... أما أنا فليس لي سبب للخوف و لا دافع للطمع... و سقط حل "الصامتة" من خياراتي..... كآخر محاولة.. استعنت بصديق - و احمد الله أن بقي لي إلى الآن صديق- فكان في رده : - من "ينتمون" إلى الطرفين يشتركون في كونهم يمنيين... فاستكفي بانتمائك "لليمن" - من ينتمون للساحتين "ينادون" بحرية الفكر و الرأي و التعبير.... فاستمر في "ممارستها". - من ينتمون للساحتين يشجبون "الإعلام المضلل"... فاستمر في "تطنيش" الإعلام الموجه - الكل يطالب ب"الحرية" و رفض الوصاية... فاستمر في إتباعك ل"مذهبك" الخاص - كل طرف يدعي بان معه "أغلبية اليمنيين" ... فكن مع "كل اليمنيين" - كل طرف يعلن بأنه مع الوحدة الوطنية... فلا تفرط في صداقتك و علاقتك مع كل يمني - هم يرون نصف الصورة التي ينتمون إليها... فاستمتع بالصورة كاملة - هم "يتحدثون و يتمنون" التغيير... فبادر دون تسويف إلى ممارسته - هم يفتشون في نقاط الاختلاف ... فانظر إلى النقاط المشتركة - هم اخذوا مواقعهم على "الأطراف".... فابقى أنت في موقعك الوسط .. كثيرون حرٌفوا الحقائق وفقا لانتمائهم و أهوائهم ... فاحرص على طلب الحقيقة و التمسك بها .. كثيرون اضطروا لقبول عيوب و مظاهر النقص في الطرف الذي انتموا إليه حتى يقبلوهم ..... فاثبت على مبادئك - هم خسروا الطرف الآخر... و أنت ربحت الجميع .. و في الأخير ..؛ - هم سجناء الماضي... فاذهب أنت إلى المستقبل ..أثلج الرد صدري عندما وجدت في صفاتي بعضا منه..، و لكن ..؛ هل ينفي هذا عني صفة "الشريحتين"؟؟" * نقلا عن مشاركة للكاتب على صفحة التغيير القادم-اليمن في الفيس بوك