اتجهت أزمة سد النهضة نحو التصعيد بعد أن أعلنت أثيوبيا تصميمها على بناء السد على النيل الأزرق وقامت باستدعاء السفير المصري لتوضيح التعليقات التي وصفتها ب"العدائية" من ساسة يقترحون هجوم مصر أو تدمير السد . وقال جيتاشيف ريدا، الناطق باسم رئيس الوزراء الأثيوبي هايلي مريم ديسالين في تصريحات صحفية :" سنواصل مشروعنا، معتبرا أن بناء السد لا يتوقف على "إرادة السياسيين" المصريين. وأوضح الناطق أن أثيوبيا دعت الرئيس المصري محمد مرسي، لبحث موضوع السد، لكن "التفاوض" بشأن وقف المشروع غير وارد. وبدأت أثيوبيا نهاية مايو تحويل مجرى مياه النيل الأزرق الذي يلتقي بالنيل الأبيض في الخرطوم لتشكيل نهر النيل، وبعد السودان، يمر النهر في مصر ثم يصب في المتوسط. والتحويل الذي بدأ في نهاية مايو يتناول 500 متر وسيسمح بالبدء بأشغال السد، الذي تقدر كلفته ب3.2 مليار يورو. وأثار المشروع غضب مصر التي تؤكد أن "حقوقها التاريخية" في نهر النيل تكفلها معاهدتان تعودان إلى 1929 و1959 وتمنحاها حق الفيتو على أي مشروع تراه القاهرة مضرا بمصالحها. إلا أن هاتين المعاهدتين تلقيا معارضة غالبية دول حوض النيل، ومن بينها أثيوبيا، التي أبرمت معاهدة مختلفة في 2010 تتيح لها تطوير مشاريع على النهر من دون طلب موافقة القاهرة. وطلبت وزارة الخارجية الإثيوبية تفسيرا رسميا من مصر بعد تعليقات من ساسة يقترحون هجوم مصر أو تدمير السد الذي تبنيه إثيوبيا في منبع نهر النيل. وكان أيمن علي مستشار الرئيس المصري محمد مرسي قال ان "كل الخيارات مفتوحة" في التعامل مع قضية سد النهضة. وأكد علي في تصريحات نقلتها وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية أن "جميع الخيارات مفتوحة أمام مصر في التعامل مع قضية السد الإثيوبي"، مضيفا "لابد لمصر أن تضمن مصالحها المائية وتدافع عنها". وقال وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو إن الحوار مع إثيوبيا حول سد النهضة كفيل بتحقيق "أهدافها التنموية" ومصالح دولتي مصب نهر النيل وهما مصر والسودان. من جهتها أعلنت مستشارة الرئيس المصري للشئون السياسية باكينام الشرقاوي بحسب ما نقلت وكالة انباء الشرق الاوسط المصرية الرسمية أن القاهرة ستطلب من إثيوبيا وقف مشروعها. وفي إطار الجهود المصرية لاحتواء الآثار السلبية لسد النهضة الإثيوبي, يعقد وزراء المياه الأفارقة, وتسعة من وزراء المياه في دول حوض النيل, اجتماعا مهما في القاهرة اليوم برئاسة مصر . وسوف تعرض مصر خلال الاجتماع تداعيات بناء السد, وسيتم الإعلان رسميا عن بدء فعاليات العمل بمشروع الخط الملاحي بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط عبر نهر النيل. ووصل بالفعل إلي القاهرة أمس وزراء المياه في كل من نيجيريا, وتشاد, وكينيا, ويصل باقي الوزراء خلال الساعات المقبلة. وكشفت مصادر دبلوماسية في العاصمة الكينية نيروبي عن أن دول حوض النيل الموقعة علي اتفاقية عنتيبي الإطارية الرامية لإعادة تقسيم مياه النيل, سوف تعقد خلال الشهر الحالي اجتماعا طارئا لدراسة الوضع بناء علي طلب إثيوبيا. وقالت المصادر: إن أديس أبابا تسعي من وراء الاجتماع إلي الحصول علي دعم دول اتفاقية عنتيبي وتأييدها لمشروع سد النهضة, وحثها علي إقامة مشاريع مائية مماثلة لتحقيق استفادة أكبر من مياه النيل. من ناحية أخري, أكد مسئول سوداني التزام بلاده باتفاقية مياه النيل الموقعة مع مصر, وقال في تصريحات لصحيفة الصحافة السودانية أمس إن حل أي خلاف بين مصر وإثيوبيا والسودان لا يكون إلا من خلال المزيد من التعاون. وكان تقرير اللجنة الثلاثية لسد النهضة الإثيوبي، والتي تضم عشرة أعضاء بواقع اثنين من كل من مصر والسودان وإثيوبيا، إلى جانب أربعة خبراء دوليين في مجال هندسة السدود والموارد المائية, قد أشار إلى أن هناك قصوراً شديداً في الدراسات والتصميمات المتعلقة بالسد، بالرغم من إعلان إثيوبيا أن للسد منافع كثيرة وليست له آثار على دولتي المصب السودان ومصر. وذكر التقرير، الذي نشرته وسائل إعلام مصرية، أن الخبراء الدوليين يقولون إن هذه الدراسات تحتاج إلى تحديث حيث إن بعض الدراسات قديمة، ويجب أن يتم تحديثها في ضوء ما هو موجود على الأرض. وأشار التقرير إلى أن السد سيسبب بعض التأثيرات البيئية والمائية، ويؤثر على الثروة السمكية مع تدهور خصوبة الأراضي الزراعية خاصة في السودان. وأوصى بضرورة وجود احتياطات إنشائية تسمح بتوفير الحد الأدنى من احتياجات المياه لدولتي المصب، وهو ما لم توضحه الدراسات المقدمة من اللجنة، موضحاً أنه "في حالة ملء الخزان في فترات الجفاف ستكون له آثار سيئة وأكثر خطرا لأنه سيقل منسوب المياه في السد العالي أقصى جنوب مصر".