عاد السفير الإسرائيلي في القاهرة إلى إسرائيل يوم السبت بعدما اقتحم مصريون المبنى الذي يضم السفارة الاسرائيلية في القاهرة لتدخل مصر بذلك في أصعب أزمة دبلوماسية منذ الإطاحة بالرئيس المصري السابق حسني مبارك. وحثت الولاياتالمتحدة مصر على حماية السفارة بعدما ألقى متظاهرون وثائق خاصة بالسفارة من نوافذ المبنى وأنزلوا العلم الإسرائيلي للمرة الثانية خلال شهور. وقدمت واشنطن مساعدات عسكرية لمصر بمليارات الدولارات منذ أن أبرمت القاهرة معاهدة سلام مع إسرائيل عام 1979. وقال محيي علاء وهو متظاهر يبلغ من العمر 24 عاما وكان في المظاهرة يوم الجمعة وتحدث بالقرب من الموقع الذي تناثرت فيه قطع إسمنتية وبقايا طلقات "استعدنا كرامتنا." وأضاف "لا نريد أموال الأمريكيين." وتعكس التصريحات استعدادا متناميا لدى الكثير من المصريين للتعبير عن الغضب والإحباط من إسرائيل بسبب تعاملها مع الفلسطينيين بعد عقود من العلاقات الرسمية بين مصر وإسرائيل. وأطلقت الشرطة المصرية أعيرة نارية في الهواء والغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين الذين أشعلوا النار في إطارات بالشارع وأضرموا النيران في سيارتين على الأقل بالقرب من السفارة التي تقع في أدوار عليا من مبنى سكني يطل على النيل. وأفادت مصادر طبية بأن متظاهرين اثنين قتلا ورأى مراسل رويترز جثة في مستشفى وتحدث تقرير طبي عن وجود ثقب في الصدر. ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية عن وزارة الصحة قولها إن 837 شخصا أصيبوا في الاحتجاجات أمام السفارة وعند مبنى مديرية أمن الجيزة المجاور ونقل أكثر من 200 إلى المستشفى. وأضافت أن شخصا توفي بعد إصابته بأزمة قلبية. ومع بزوغ الفجر ظل نحو 500 متظاهر موجودين بالمنطقة وألقى عدد قليل منهم الحجارة على سيارات وأفراد الجيش والشرطة لكن الشرطة دفعتهم بعيدا تدريجيا وأمنت المنطقة. وكان مصريون اعتصموا لأيام الشهر الماضي أمام السفارة بعد مقتل خمسة أفراد أمن مصريين على الحدود في عملية إسرائيلية ضد مسلحين قالت إسرائيل أنهم فلسطينيون ودفع الأمر مصر إلى التلويح لفترة قصيرة بسحب سفيرها في تل أبيب. وغادر السفير الإسرائيلي في القاهرة اسحق ليفانون وطاقم السفارة وأفراد عائلته القاهرة ووصلوا إلى إسرائيل يوم السبت لكن مسؤولا إسرائيليا قال ان دبلوماسيا إسرائيليا ظل في مصر لرعاية السفارة. وتعيش إسرائيل أزمة مع تركيا وذلك بعد الهجوم على سفينة تركية للمساعدات كانت في طريقها لغزة ومقتل تسعة أتراك في العملية الإسرائيلية. ودعا رئيس الوزراء المصري عصام شرف مجموعة الازمة الوزارية للانعقاد في وقت مبكر صباح يوم السبت لبحث الوضع. وقال المحلل السياسي المصري نبيل عبد الفتاح لرويترز ان ما حدث عند السفارة الإسرائيلية يعكس حالة الغضب والإحباط بين الشبان المصريين الذين شاركوا في الثورة ولديهم مشاعر عدائية تجاه إسرائيل خاصة بعد الاعتداء الإسرائيلي الأخير على الحدود المصرية ومقتل أفراد الأمن المصريين. وانتقد سياسيون ونشطا العنف على الرغم من تأييدهم للمظاهرة ضد إسرائيل. ودعا حمدين صباحي المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية الجيش المصري الى اتخاذ موقف جدي يتماشى مع الغضب الشعبي تجاه إسرائيل لكنه قال ان العنف يسيء الى صورة الثورة المصرية. وكان مصري تسلق المبنى السكني الذي توجد فيه السفارة الشهر الماضي وأنزل العلم الاسرائيلي من فوقها ووضع علما مصريا مكانه. واستمرت الاحتجاجات دون أعمال عنف حتى أحداث الجمعة. وردا على الاحتجاجات اليومية أمام السفارة أقامت السلطات المصرية جدارا أمام المبنى وسرعان ما كتب المتظاهرون عبارات منددة بإسرائيل على الجدار ورسموا العلم المصري عليه. وهدم متظاهرون يوم الجمعة الجدار بعد مظاهرة حاشدة في التحرير خرجت للمطالبة بإصلاحات أسرع في البلاد وتطهير أعمق للمسؤولين الذين عملوا مع مبارك الذي يواجه اتهامات من بينها الاشتراك في قتل المتظاهرين. ولم يكن المصريون يستطيعون أيام حكم مبارك إظهار هذا الحجم من العداء لإسرائيل دون أن يواجهوا ردا أمنيا قمعيا. وكانت العلاقات المصرية الإسرائيلية دعامة من دعائم السياسة الخارجية لمبارك وساعدته في الظهور بصورة الوسيط الإقليمي في المنطقة. ودعا الرئيس الأمريكي باراك أوباما مصر "لاحترام التزاماتها الدولية وحماية امن السفارة الإسرائيلية." وقال لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن واشنطن ستتخذ خطوات لحل الأزمة. وقال مسؤول إسرائيلي ان السفير وأفراد عائلته وطاقم السفارة غادروا القاهرة في طائرة واحدة وان طائرة ثانية أجلت ستة من أفراد الأمن الإسرائيلي كانوا ظلوا يحرسون السفارة مع احتشاد المتظاهرين أمام المبنى. وأرسلت قوات مصرية لنقل أفراد الأمن الإسرائيليين. وقال نتنياهو في بيان "إن تعامل السلطات المصرية في نهاية الأمر بحزم أمر جدير بالثناء. ولا يمكن لمصر أن تقف مكتوفة الأيدي أمام هذه الضربة القاسية لنسيج العلاقات مع اسرائيل وهذا الانتهاك الصارخ للأعراف الدولية." ووجه الشكر أيضا لواشنطن. وكان المتظاهرون نظموا مظاهرة حاشدة أمام السفارة بعد احتجاجات على مقتل أفراد الأمن الخمسة في سيناء. واستمرت احتجاجات على نطاق أصغر حتى اندلعت أعمال العنف الجمعة. وقتل المصريون الخمسة في عملية إسرائيلية على الحدود لملاحقة مسلحين قتلوا ثمانية إسرائيليين. وهددت مصر بسحب سفيرها من تل أبيب ولم تعتذر إسرائيل رسميا عن الواقعة وقالت أنها مازالت تحقق في الأمر. وقبل الانتقال إلى السفارة حاول المتظاهرون المصريون اقتحام مبنى مديرية أمن الجيزة وألقوا الشرطة بالحجارة وأضرموا النيران في أربع سيارات على الأقل. وأحرق المتظاهرون أيضا مبنى عام أخر قريب. وقالت مصادر أمنية ان 28 شخصا اعتقلوا. وقالت حركة 6 ابريل التي ساعدت في الإطاحة بمبارك ان العنف ضد سيارات الشرطة والممتلكات الأخرى مدبر ممن يحاولون تشويه صورة الثورة المصرية وألقت الحركة باللوم في الأمر على مؤيدي مبارك. كما أعلن البيت الأبيض في بيان يوم الجمعة إن الرئيس باراك اوباما يشعر بقلق بشأن اقتحام محتجين السفارة الإسرائيلية بالقاهرة وابلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن الولاياتالمتحدة تتخذ خطوات للمساعدة في حل الموقف دون وقوع مزيد من أعمال العنف. وقال البيان إن اوباما دعا أيضا الحكومة المصرية إلى "احترام التزاماتها الدولية وحماية امن السفارة الإسرائيلية." وقال مسئول كبير بوزارة الخارجية الأمريكية ان وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون اتصلت بوزير الخارجية المصري محمد كمال عمرو لحث مصر على الوفاء بالتزاماتها وفقا لاتفاقية فيينا لحماية الممتلكات الدبلوماسية.