الرئيس أعطى الشيخ عبد الله الأحمر وأولاده فرصاً ومزاياً لم تكن في حسبانهم، ومع ذلك ها هم اليوم يحرضون الشارع الذي يكرههم وكره النظام بسببهم، على العنف والفوضى ويسلحون القبائل والموتورين للانقضاض على السلطة الزنداني يتقلب مع الريح ويتلاعب بالدين كما يلعب بهلوانات السيرك بالبيضة والحجر من الجرم ان يترك الشارع اليمني نهباً للمشترك والقبائل والمرتزقة والإرهابيين القادمين إلى الساحات فتحي وحمود وأمثالهم كثيرون وراء اتهام الدولة بالفساد، ولولاهم لما خرج الشباب إلى الساحات مطالبين بإسقاط النظام لو كان في "القاضي" خير لما قضى على شركة الأدوية ناهيك عن والده الذي أعلن انضمامه للثوار وهو يحتاج إلى ثورة تجتثه بمفرده كشفت الأزمة الراهنة في اليمن وجوهاً كانت أمام الرئيس تكسوها الوداعة "والملق"، فظهرت فجأة كالضباع والنمور ولونت جلودها كالحرباوات وصار أصحابها ينتقدون ويذمون من كانوا يقبلون يديه ورجليه بالأمس من حق اليمنيين أن يحلموا بغدٍ أفضل ومستقبل مشرق، ولهم كل الحق – أيضاً – أن يقفوا ضد كل من يعترض طريقهم، أو يستخف بطموحاتهم، ويسعى إلى إذلالهم واستعبادهم، أو يستخدمهم مطايا يصعد فوق أكتافهم لتحقيق مآربه وأحلامه الشخصية والأسرية. ولقد كشفت الأزمة الراهنة التي تمر بها اليمن حقائق كثيرة كانت غائبة، وعرّت وجوهاً كانت أمام الرئيس تكسوها الوداعة والبراءة و"الملق"، فظهرت وهي تكشر عن أنيابها - فجأة - كالضباع والنمور، ولوَّنت جلودها كالحرباوات، وصار أصحابها ينتقدون ويذمون من كانوا يُقَبِّلون يديه ورجليه بالأمس، ويدَّعون بطولات متوهمة لا تليق بهم، وحسنات ليست موجودة إلا في مخيلاتهم المريضة. وفي الحقيقة، العيب ليس فيهم، وإنما في النظام الذي تنكروا له، وصاروا يطالبون اليوم بإسقاطه، لعلهم بذلك يحجبون عن الناس روائحهم النتنة والأقنعة التي كانوا يرتدونها أمام النظام الذي اختارهم، وقربهم، وولاهم على من هم أفضل وأجدر منهم، بل وأعطاهم ما لا يستحقونه، ومنحهم أكثر من فرصة لعلهم يرتدعون عن فسادهم وعبثهم بالمال العام، ظناً منه أنهم ممن لهم شأن عند الناس وبمقدوره إصلاحهم والاستفادة منهم، غير أن الطبع يغلب التطبع، فقد تجلت وجوههم وبانوا على حقائقهم المشينة، التي تؤكد أنهم ليسوا أكثر من ديدان تنخر جسد من يرعاها حتى تقضي عليه.. لا مبادىء لهم ولا قيم ولا دين أو ضمير. ولكم صرخنا حتى بحَّت أصواتنا من أولئك ومنهم الزنداني، الذي يتقلب مع الريح، ويلعب بالدين كما يلعب بهلوانات السيرك بالبيضة والحجر.. يزعم - هو وأصحابه- أنه "بروفيسور" حاصل على الدكتوراه أو الشهادة العالمية، فيما هو طالب فاشل لم يكمل تعليمه الجامعي، ومع ذلك منحوه أرضاً شاسعة، وسمحوا له بفتح جامعة، فََرَّخت آلاف المتطرفين والإرهابيين، وصار شيخاً للإسلام وكبيراً لعلماء المرجعية، وطبيباً "نطاسياً" يشفي كل علة ويعالج كل داء، وهو نفسه الزنداني الذي حرَّض في منتصف التسعينات على إلغاء دستور دولة الوحدة، بزعم أن اليمن يحكمه خمسة رؤوس، في مخالفة لصريح الدين الحنيف.. وكنت أتمنى أن يردعه المعتصمون أمام جامعة صنعاء عندما منحهم براءة اختراع، وسماهم "مجاهدين"، كما فعل بعض المعتصمين في تعز بإغلاق سماعة الهاتف في وجهه!. أما أعضاء مجلس النواب وعلى رأسهم (القاضي) الذي كان مسؤولاً عن شركة الأدوية، فلو كان فيه خير لما قضى على الشركة وأدخلها في غيبوبة مستدامة، ناهيك عن والده الذي أعلن – ويا للعجب- انضمامه للثوار، وهو يحتاج إلى ثورة تجتثه بمفرده!. ولا يختلف عنهم الشيخ فتحي (!!) والشيخ حمود.. كل هؤلاء - وأمثالهم كثيرون- كانوا وراء اتهام الدولة بالفساد، ولولاهم لما خرج الشباب في تعزوصنعاء وعدن إلى الساحات مطالبين بالتغيير وإسقاط النظام. إن الرئيس علي عبدالله صالح مطالب اليوم بإسقاط الحصانة عمن فاحت روائح فسادهم، وتحوم حولهم التهم، ومطالب -أيضاً- بإقالتهم قبل أن يستقيلوا بدافع من خوف، أو دفع من مال، مدعين أنهم شرفاء انحازوا للجماهير.. كما يتوجب إزالة كل ما يعتقد أنه من مظاهر التوريث، مع العلم أن أعضاء مجلس النواب الذين استقالوا من عضوية المؤتمر يقومون –هذه الأيام- بحملة تحريض ممولة تهدف إلى شراء من تبقى من أشباههم، ليتمكنوا فيما بعد من تغيير هيئة رئاسة مجلس النواب وتنصيب شيخهم الصغير رئيساًَ للبرلمان، والمفترض أن يتم الإسراع في تشكيل لجنة لصياغة دستور جديد يتمثل مبادرة الرئيس ويقدم للبرلمان خلال أسابيع.. لمناقشته وإقراره ومن ثم الاستفتاء عليه تمهيداً لإجراء انتخابات وفقاً له في غضون أشهر. إن الشباب الذين خرجوا مطلع فبراير الماضي إلى الساحات، كانوا في البدء يرفعون حقوقاً مطلبية لا تتعدى إقالة بعض مديري العموم، أو توفير وظائف، ومحاسبة من يرونهم فاسدين، لكن مطالبهم كبرت يوماً تلو آخر، لينتهي الأمر برفض كافة المبادرات التي قدمها رئيس الجمهورية، حتى التي تضمنت كافة مطالب المشترك خلال السنوات الخمس الماضية. ليس ذنب علي عبدالله صالح أنه حاول احتواء وتقريب الجميع، ولم يكن مخطئاً عندما قرب الشيخ عبدالله الأحمر الذي كان منزوياً بقريته في خمر، أو ضيفاً ثقيلاً في قصور الرياض بعد أن منعه الرئيس إبراهيم الحمدي ومن بعده قاتله الغشمي من دخول صنعاء، لقد أعطى الرئيس علي عبدالله صالح الشيخ عبدالله الأحمر وأولاده فرصاً ومزايا لم تكن في حسبانهم، ومع ذلك ها هم اليوم يحتشدون ويحرضون الشارع - الذي كان يكرههم، وربما كره النظام بسبب تقريبه لهم– على العنف والفوضى، ويوزعون الأسلحة على القبائل والموتورين للانقضاض على السلطة. إن الشارع اليمني في معظم المحافظات يغلي كالمرجل، ومن الخطأ أن نتجاهل ذلك أو نتغاضى عن مطالبه، كما من الجرم أن يتم تركه نهباً لأحزاب المشترك وللقبائل التي خرجت بالزوامل ورقصات البرع، وللمرتزقة والإرهابيين القادمين إلى الساحات من كل حدب وصوب، ولا ينبغي تجاهل التحشيد والتسليح، مما قد يؤدي بالبلد إلى حرب أهلية تقضي على الأخضر واليابس. (*) رئيس مجلس إدارة مؤسسة الجمهورية للصحافة