بدا واضحا في الأيام الماضية عدم تجانس طاقم الجهاز الفني للمنتخب الوطني الأول لكرة القدم بعد بروز الخلافات بين مدير الجهاز الفني، المدرب البلجيكي توم ستاينت فيت، ومساعده المدرب الوطني سامي النعاش الذي كان يتولى القيادة قبل تعاقد اتحاد كرة القدم مع توم في أكتوبر الماضي لقيادة المنتخب في خليجي21 في البحرين خلال يناير المقبل. ورغم ما انفرد به ملحق "اليمن اليوم الرياضي" الخميس المنصرم بخبر جلسة مصالحة بين توم والنعاش خلال معسكر المنتخب الحالي في الدوحة، عادت بعدها العلاقات بين المدربَين إلى مجاريها، إلا أن ذلك لا يعني أن الخلاف بينهما انتهى .. فقيادة بعثة المنتخب جمعت المدربين للمصالحة كي لا يتأثر اللاعبون بخلافاتهما، بينما تبقى الآراء الفنية المتباينة للمدربين هي مربط الفرس. خلافات أعمق الخلاف بين توم والنعاش لازال عميقاً في ما يتعلق بالجوانب الفنية فكلٌ له رؤيته ونظريته، ومن خلال متابعة مجريات إعداد المنتخب وتصريحات المدربين، يتضح جلياً أن اتحاد القدم بقيادة أحمد العيسي وحميد شيباني، يعدُ لأمرٍ يستخدمه هرباً من تحمل المسؤولية في حال خروج منتخبنا بفضائح مجلجلة في خليجي21، وهذا متوقع عطفاً على مستوى المنتخب الذي يشي بأنه لن يتعدى دور الكومبارس أو (الكوبري) في تكرارٍ لمشاهد الدورات الماضية .. لكن قبل معرفة ماهية هذا الأمر، دعونا نعرج على ما صرح به توم ومساعده النعاش. توم ينسف ادعاءات العيسي خلافات توم والنعاش تفاقمت حتى وصلت منابر الإعلام المرئي والمقروء.. توم قالها بالفم المليان "لا أريد النعاش ضمن الجهاز الفني المعاون لي".. وكشف في حديث أجراه معه الزميل أحمد الظامري لأسبوعية "ما تش" الرياضية، قبيل مغادرة المنتخب لمعسكر الدوحة عن إرساله ما قال عنه: "100 أيميل للسيد حميد شيباني بأني لا أريد النعاش وقلت هذا لرئيس الاتحاد أحمد العيسي، لكن هناك شخص صديق للنعاش لديه القدرة دائماً على إقناع رئيس الاتحاد ببقائه كمساعد لي". بهذا المنطق تحدث توم شاكياً حاله وتدخلات قيادة الاتحاد في عمله رغم أن العيسي وشيباني لايملان من الحديث عن عدم تدخلهما في شؤون المدرب الفنية أياً كانت خياراته. لكن يتضح أن كلام توم الجريء جاء رداً على مساعده النعاش الذي أعرب في حديث لقناة سبأ عن تحفظه على اختيارات توم الفنية للاعبين وطريقته الدفاعية في المباريات.. ما يفسر غضب توم حين قال للظامري "هل شاهدت مدرباً مساعداً (النعاش) يجلس على الكرسي أثناء التمارين؟، وهل شاهدت مدرباً مساعداً يتحدث لوسائل الإعلام بشكل سلبي عن المدرب الأول؟". إصرار العيسي على بقاء النعاش كمساعد للبلجيكي توم رغم طلب الأخير تغيير مساعده، له دوافع تصب لخدمة ما تُعد له قيادة الاتحاد، قد يكشفه المشهد التالي… كيف وصل الصلوي للطائرة؟! لاعب المنتخب أكرم الصلوي يحضر إلى معسكر المنتخب في صنعاء قبيل المغادرة لمعسكر الدوحة، وعندما يشاهده المدرب توم يطرده من المعسكر لأنه لا يريده مع المنتخب فيغادر الصلوي المعسكر، لكن المفاجأة فوق الطائرة عندما وجد الجميع الصلوي جالساً على أحد المقاعد متوجهاً مع المنتخب إلى قطر، فكانت صعقة لتوم لم يستطع حيالها سوى التسليم بالأمر الواقع. لكن كيف وصل الصلوي لمقعد الطائرة؟!.. هذا ما يكشفه حديث توم للظامري قبل السفر لقطر، إذ أجاب على سؤال حول سبب استبعاده لتامر حنش والصلوي من قائمة المنتخب قائلاً "هذان كانا يتواجدان بشكل دائم في غرفة مساعدي سامي النعاش وهؤلاء من أصدقاء النعاش لذلك استبعدتهم لأني لا أريد المجاملات في المنتخب". النعاش قوة قد تكون إجابة توم غير مقنعة من الناحية الفنية، لكنها تكشف مدى ضعف شخصيته، ولسان حاله يقول "مشّي".. وفي المقابل، يكشف الأمر مدى قوة شخصية المدرب الوطني سامي النعاش، معتمداً في ذلك على دعم رئيس الاتحاد، والسؤال الذي يطرح نفسه هو: ما سر هذا الدعم، ولماذا يصر العيسي على بقاء النعاش كمساعد لتوم رغم أنفه؟!. من خلال تلك المعطيات، وبالعودة إلى تجربة سابقة، نستطيع الحصول على إجابة هذه التساؤلات. ما أشبه الليلة بالبارحة قبل الإجابة، نعود بالذاكرة إلى خليجي 19 في عُمان عام، فقد كان المدرب الوطني سامي النعاش والذي يُعد من أفضل الكوادر التدريبية اليمنية، مساعداً لمدرب منتخبنا آنذاك المصري محسن صالح، وبعد خسارة منتخبنا مباراته الأولى من نظيره الإماراتي بثلاثة أهداف مقابل هدف، ثم الخسارة الأكبر في تاريخ مشاركات منتخبنا في دورات كأس الخليج، وذلك من المنتخب السعودي بستة أهداف دون رد، قرر العيسي تحويل محسن صالح إلى كبش فداء فأقاله من قيادة المنتخب، وكلّف بذلك مساعده سامي النعاش في المباراة الأخيرة أمام قطر التي خسرها بهدفين مقابل هدف. بذلك يتضح أن اتحاد العيسي يعد العدة الآن لتكرار مشهد خليجي19، لكن لسان حاله هذه المرة يقول "إن صابت فمن العيسي، وإن خابت فمن الكبش توم". كبش بلجيكي الاتحاد يريد أن يجعل توم كبش فداء بلجيكي في حالة الفشل الذريع للمنتخب في خليجي21، ولذلك أعد البديل الذي رفضه توم، وهو الكوتش سامي النعاش.. أما توم فقد قال بصراحة بأنه يسعى لأن يجعل من منتخب اليمن محطة عبور (كوبري) إلى منتخبات المنطقة في حال نجاحه مع منتخبنا، غير أن ما نخشاه أن يظل منتخبنا (كوبري) للمنتخبات الأخرى كما عهدناه، ما يعني أيضاً أن يتحول توم لكبش فداء. فيا ترى.. هل يتحول توم لكبش فداء كما أعد لذلك اتحاد العيسي؟، أم أن توم سيحقق مراده ويعبر بمنتخبنا لما يريده هو لا لما تريده المنتخبات الأخرى؟. المعطيات تشير إلى أن الكبش جاهز، وعلى العيسي حد سكينه.