يحمل المدرب الإسباني خوان رامون لوبيز كارو الرقم 50 في تاريخ المدربين الذين أشرفوا على تدريب المنتخب السعودي لكرة القدم، منذ أن تولى المصري عبد الرحمن فوزي مهمة تدريب "الاخضر" للمرة الاولى في عام 1957. خمسون مدرباً خلال ستٍ وخمسين عاماً، هو بلا شك رقم كبير عرفته الكرة السعودية، كانت نتيجته الكثير من الإنجازات ومنها التأهل إلى نهائيات كاس العالم أربع مرات متتالية، لكن في المقابل دفعت ثمنه كثيراً وجنت خيبات لا تزال تعاني منها حتى الآن. وتمر الكرة السعودية بمرحلة من عدم الإستقرار على الساحة الدولية منذ خروج المنتخب من نهائيات كأس العالم 2006 في ألمانيا، على الرغم من أن الدوري السعودي ما يزال يعتبر الأقوى عربياً، إلا ان ذلك لم ينعكس على المنتخب الذي فشل في التأهل مرتين إلى مونديال 2010 و2014، وخرج من الدور نصف النهائي لبطولة أمم آسيا عام 2007 ومن الدور الاول عام 2011، وفشل في تذوق طعم كأس الخليج منذ نحو عشر سنوات. ولم تساهم الأسماء الكبيرة والرنانة التي إستعان بها الإتحاد السعودي لكرة القدم ومنها الهولندي فرانك ريكارد في إنتشال المنتخب من كبوته فبقي الإخفاق يجرّ غيره. وتختلف مبررات الإقالة من خسارة مباراة الى فقدان بطولة، واذا كانت بطولات الخليج تعتبر مقصلة المدربين الاولى، فإن تصفيات كأس العالم باتت تشكل الهاجس الاكبر للمسؤولين السعوديين، ويكفي القول ان 16 مدرباً أشرفوا على المنتخب السعودي منذ نهائيات كأس آسيا عام 2000 في لبنان. من الواضح أن الكرة السعودية باتت بشكل عام تفتقد للتخطيط إن على صعيد المنتخبات الوطنية أو الأندية، لأن ظاهرة إقالة المدربين لا تتوقف على المنتخب فحسب، إنما على الأندية أيضاَ التي تجد في إقالة المدربين "شماعة" تعلّق عليها إخفاقاتها وتمتص من خلالها ضغوط وسائل الإعلام والجماهير، وتحفظ من خلالها الإدارات "رأسها" من أي إنتقادات أو مطالبات برحيلها. فكيف يمكن التخيل على سبيل المثال لا الحصر أن تقوم ثلاثة أندية بإقالة مدربيها هذا الموسم على الرغم من أن الدوري لم يتخط مرحلته الخامسة، فكانت البداية مع مدرب النهضة الروماني إيلي بلاتشي وتبعه مدرب الشباب البلجيكي ميشال برودوم وأخيراً الالماني ثيو بوكير مدرب الإتفاق، لكن هذا العدد لن يتوقف هنا بالتأكيد، لأنه كما جرت العادة فإن نصف الأندية تقريباً تقوم بتغييرات فنية قبيل إنطلاق مرحلة الإياب. كل تلك الأمور أضرت بالكرة السعودية ومن غير المستبعد أن تتواصل إخفاقات المنتخبات على الصعيد الدولي والقاري طالما أن سياسة البناء مفقودة، والتخطيط غائب فيما النتائج السريعة هي التي تتحكم بمصير هذا المدرب او ذاك. ومنذ تطبيق نظام الإحتراف في عام 1991 مرّ على تدريب الأندية السعودية أكثر من 200 مدرب، تفاوتت أسباب إقالتهم لكن في بعض الأحيان قد لا تشفع نتائج متواضعة في موسم ما، في بقاء مدرب حقق لقباً أو اثنين للفريق عينه في الموسم الذي سبقه. ويبقى القول إن الإحتراف لا يجب أن يتوقف على اللاعبين داخل وخارج الملعب إنما يجب أن يتعداه لإدارات الأندية والقائمين على الكرة السعودية حتى تتمكن الاخيرة من إستعادة بريقها المفقود.