بعد أن أكد أن شعار سلمان «آسيا المتحدة» لم يكن حبرًا على الورق محمد قاسم: أحيانا كثيرة تفضح الكلمات التي تخرج على اللسان صاحبها، حتى وإن كان على الدرجة الأكبر من البراعة الدبلوماسية كما هو حال السيد جوزيف سيب بلاتر رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، الذي وجد نفسه في عالم آخر وبقعة أخرى من العالم، ليست هي القارة الاسيوية التي تابعها في سنوات طويلة متخنة بالصراعات والخلافات، وهو ما دفعه للحديث بتلك التلقائية التي ظهر عليها دون وجود تلك الحسابات الدقيقة التي كان يتحدث بها في مناسبات رسمية سابقة. المؤكد في حديث بلاتر الذي ظهر دون قيود مجموعة من المشاهد كان يتابعها في القاعة التي احتضنت حفل جوائز الاتحاد الاسيوي عندما ظهر أكثر الحاضرين سعادة بتوحد أقطاب القارة الاسيوية ورموزها على طاولة وهدف واحد، لكن الأهم والأبلغ من ذلك ما لمسه بنفسه من قيمة كبيرة للقائد الاسيوي الجديد، إن كان من خلال حرصه الكبير ورغبته في أن تقف آسيا تحت شعار واحد، أو حتى من واقع حجم التأثير الكبير والبليغ الذي أحدثه رئيس مملكة آسيا غضون أشهر قليلة على قلوب وعقول كل من اجتمعوا قبل خمسة أشهر في اتجاهين متعارضين، وانقسموا على أهداف مختلفة غير متفقة على هدف واحد أو شعار. وعندما لا يتمكن رجل الدبلوماسية الأول في المجتمع الكروي في تمالك نفسه ومشاعره، ويذهب الى ذلك الحديث التلقائي الذي كشف مقدار إعجابه وانبهاره مما قدمه الرئيس الآسيوي الجديد، فتأكد أن المشهد العام يمثل قيمة كبيرة، لم يتمكن بلاتر رغم جهوده الحثيثة في متابعتها سنوات طويلة فائته، وأن حجم التأثير والنجاح الذي خلفته الانتخابات الاسيوية في مايو الماضي فاق كل التوقعات والحسابات. قبل أن يتحرك القائد إن قناعة الانسان أو المسؤول بالشخصية القيادية التي تقف أمامه دائما وأبدا ما تعتمد على الانعكاسات التلقائية التي تصدر للوهلة الأولى، وهي ذاتها ما تجسد العلاقة في اي مرحلة أو قيمة يمكن أن تكون للتعاطي، وفي هذا الجانب ليس الضروري أن نعبر على القيمة الكبيرة للتأثير النفسي والقيادي الذي خلفته قيمة قيادية كبيرة في حجم شخصية الشيخ سلمان بن ابراهيم آل خليفة، ولا يمكن أن يتكرر الجواب حتى وأن تكرر السؤال في أكثر من زاوية ونص، فالخلاصة لن تبتعد عن التعبير عن الحكمة والرزانة والهدوء والعلاقة الفطرية مع القيادة التي يتميز بها حكيم آسيا الجديد، وهي ذاتها ما أوجد حلقة السلسلة الاسيوية المفقودة، وسهل أن يكون الجواب حاضرا غير متردد معبرا عن ضالة وجدتها آسيا مؤخرا. مثل تلك السمات والصفات التي تنوعت وتجسدت في شخصية الرئيس سهلت أن يتمكن وغضون فترة قياسية وجيزة من تحقيق الجزء الأكبر من المعادلة الصعبة وأن يتجاوز أقطاب ورموز آسيا ما كانوا عليه من اختلافات في الرأي وصراعات على المناصب، وهي ما تعني وتؤكد أن الشيخ سلمان بن ابراهيم آل خليفة لم يستغل كافة طاقاته وقدراته وإمكاناته في إظهار القارة الكروية بثوبها الجديد، بقدر ما هي الثقة التي تابعها الجميع وأحسنوا قراءتها بدقة بعيدا عن ذلك الضجيج الذي كانت عليه الانتخابات في مايو، أو حتى ما سبقها منذ العام 2009. ولم يتردد بلاتر ورغم قوة أمبراطوريتة الدولية، في الاشارة الى القوة التي يتوقع أن تكون عليها آسيا اذا ما سارت على نفس المسار والخطوات، ومنحت قائدها الجديد كافة الدعم والمساندة حتى يتمكن من تحقيق كل ما يتمناه ويحلم به كافة الاتحادات دون استثناء، وهي لغة بليغة تحدث بنبرتها بلاتر، وأراد من خلالها الى توجيه رسالة الى من يهمه الأمر مفادها أن آسيا تملك مقومات أن تكون رائدة ومؤثرة في العالم بشرط الا تعود الى خطواتها السابقة، وألا تصنع من الأوهام أهدافا لها.! قيمة قيادية واضحة لم يكن حديثا عابرا لبلاتر عندما يقوم بالتركيز في الاشادة والثناء على ما يتابعه من حكمة واسلوب قيادي فالرجل «السبعيني» لم يترك بقعه في العالم الا وزارها، ولم يبقى قائد أو مسؤول الا وقابله وتعرف على قدراته، ومع ذلك لم يتحدث بتلك التلقائية التي تابعها الجميع عليه عندما ذهب الى الاشارة الى ما تابعة من كاريزما استثنائية، وقيمة كبيرة لم يتبقى الا أن يقول أنها ضمن قائمة مصغرة من الصفوة على مستوى العالم الكروي. لقد اختصر رئيس الاتحاد الدولي الكثير من الجوانب التي تابعها في شخصية الرئيس الاسيوي الجديد في كلمات بسيطة، ليقول أن لآسيا أن تفتخر بقائدها الجديد، وهو تعبير اختزل فيه بلاتر الكثير من علامات وانطباعات الاعجاب بالقيمة القيادية للشيخ سلمان بن ابراهيم آل خليفة والتي تجلت في واحدة من صورها الكبرى عندما أتيحت له الفرصة لتزعم المنظمة الكروية لكبرى قارات العالم، ويقدم نموذجا مختصرا لما يقف عليه من قيمة قيادية وكاريزما استثنائية، يستحق أن تفخر بها آسيا وتتفاخر، وتظل حتى سنوات طويلة قادمة تنعم بما حباها الله من نعمة وفضل عظيم. إن حديث رئيس مملكة كرة القدم في العالم عن تلك المؤشرات وما ينتظر أن يكون بعدها واقع الحال في الاتحاد الاسيوي لكرة القدم، هي قراءة استباقية للمستقبل، مبنية على خبرات تراكمية عايشها القائد العجوز منذ انضمامه للفيفا في العام 1975، ورؤية ثاقبة مستمدة من مشاهد وسيناريوهات طويلة، مع مقارنه بسيطه بما كان عليه حال الاتحاد الاسيوي، وما أصبح عليه خلال فترة بسيطة بعد توحد أقطابه ورموزه على طاولة واحدة وبشعار واحد. القوة الآسيوية الجديدة ولأن بلاتر يدرك جيدا أن تراجع مستويات وقيمة اتحادات قارية أخرى كان بسبب عدم اتفاقهم وتفرقهم بين أكثر من هدف واتجاه، فلم يتردد في الاشارة والتأكيد على أن آسيا من شأنها أن تكون القوة العظمى الأولى في العالم اذا ما سارت على نفس الاتجاه التي هي عليه الان وزادت من خطواتها الحثيثة في الوقوف خلف قائدها الجديد، وهو يعي جيدا ما يقول ايمانا من ثقتة بحكمة ومقدرة الرئيس الاسيوي من ناحية، ومن جانب آخر ثقته في القيمة التي يمضي عليها الشيخ سلمان بن ابراهيم ومقدرته في التأثير الايجابي على الجميع وبناءه على المصداقية التي كان عليها في حملاته ومناسباته الماضية، وما تمكن في تحقيقه خلال المرحلة الأخيرة، فهنالك عدد من المؤشرات تابعها رئيس الاتحاد الدولي عن قرب، وأيقن أنها العلاج الشافي للكثير من الأزمات التي عصفت بالقيمة الاسيوية وأخرت بروزها سنوات طويلة. وقد أوجز بلاتر ذلك في حديثه عندما قال أنه لا يلمس اية خلافات حاضرة الان، وأن ما يتابعه ليس بعيدا عن الشعار الذي دافع عنه رئيس الاتحاد الاسيوي في حملته الانتخابية حتى تكون «آسيا المتحدة» وفي تلك الكلمات اشارة أيضا الى حجم الشفافية والمصداقية التي يتسلح بها رئيس الاتحاد الاسيوي وتمكن من ايصالها الى عقول صناع القرار قبل قلوبهم. حماية المسؤولية الاجتماعية من واقع أن الاتحاد الاسيوي من المفترض أن يكون صاحب مسؤولية اجتماعية شمولية متكاملة الجوانب فقد منح بلاتر لذلك الجانب الهام اعتبارا في كلمته عندما عبر عن سعادته ومفاجأته السارة بما تابعه من حرص للاتحاد الاسيوي أن يكون حفله السنوي ليس مقتصرا على الجوائز والالقاب، بقدر ما يفترض أن يكون مراعيا للجوانب الأخرى من المسؤولية الاجتماعية تجاه النشء والمستويات الأخرى، وهذا ما جسده في احتفاليته الأخيرة وشراكته الجديدة مع العديد من المنظمات الدولية المعنية بالعناية بالأطفال وتأمين القدر المناسب من الحماية الاجتماعية لهم وعلى جميع المستويات. وجاء اعجاب بلاتر بما تابعه من توجهات مستحدثه للاتحاد الاسيوي في احتفاليته الختامية، واعتبارها بأنها الرسالة البليغة أن الاتحاد الاسيوي ليس مسابقات في كرة القدم وفقط، بل وحتى اهتمام وحماية للمجتمع واستفادة من الشغف الكبير بكرة القدم في تنشئة أجيال أكثر قدرة على الانجاز والتفوق وعلى جميع المستويات. ولم يخف بلاتر اعجابه بما يتابعه يحدث للمرة الأولى في احتفالات الاتحاد الاسيوي، وايضا لم يتردد في التعبير عن وجود قيمة جديدة للكيان القاري من شأنها أن تعبر عن الكثير من الدعم والمساندة لمجموعة من الاتحادات التي كانت بحاجه ماسه الى مثل تلك البرامج والحملات التوعوية المشتركة. لقد جسد بلاتر في كلمته أكثر من قيمة ومعنى للكيان الاسيوي الجديد، واضعا في الاعتبار أن ما اصبحت عليه المنظمة الكروية الكبرى من الضروري التكاتف والبناء عليه، ليس لأن سلمان هو الرئيس وفقط، بل وحتى لأنه قائد استثنائي يملك مفاتيح المرحلة الطويلة القادمة.