عندما تسنح لك الفرصة للسفر خارج البلاد في زيارة عمل أو حضور فعالية أو حتى سياحة وترى الناس هناك كيف يديرون شئونهم يتبادر اليك سؤال يقول: إلى متى سنظل نحن بهكذا عشوائية؟! الأسبوع الماضي كنت أحد المشاركين في الدورة العربية للصحافة الرياضية المتخصصة التي احتضنتها العاصمة البحرينية المنامة بحضور عربي كبير، كما حضرت أيضا نهائي كأس ملك البحرين بين فريقي الرفاع الشرقي والبسيتين والذي كان موعده متزامنا مع إقامة هذه الدورة. وبالرغم من أن عدد المشاركين في الدورة كان كبيرا فاق ال 70 مشاركا منهم حوالي الثلث من خارج مملكة البحرين إلا أن الترتيب والتنظيم للدورة كان رائعا وسارت الأمور بسلاسة متناهية، وبالتأكيد فقد كان النجاح هو النهاية الطبيعية للعمل المنظم. هل تصدقون أن دورة بهذا الحجم والعدد الكبير من المشاركين كان المسئول عنها ومن نسق لها وأشرف عليها هي إدارة الإعلام والعلاقات بالاتحاد البحريني لكرة القدم، كما أنه لم يشكل لها لجان عريضة طويلة أو تصرف لها ميزانيات ضخمة، بل كان كل العمل محصورا بين مجموعة من الأشخاص من ذوي الاختصاص فقط. في افتتاح الدورة كان أكبر ضيف حضر هو عضو اتحاد كرة القدم رئيس اللجنة الإعلامية الذي اكتفى بإلقاء كلمة مختصرة تمنى فيها النجاح للدورة والفائدة للمشاركين، وفي الختام حضر القائم بأعمال أمين عام اللجنة الأولمبية لتكريم المشاركين والسلام، فالجماعة هناك لا يحبون الضجيج ولا يهمهم الصيت والبهرجة الإعلامية بقدر ما يهمهم النجاح وسمعة بلادهم. ماذا لو أننا استضفنا هذه الدورة في اليمن.. لا أستبعد أن تكون برعاية رئيس الوزراء ويرأس لجنتها المنظمة وزير الشباب ويحضر حفل الافتتاح والاختتام كبار المسئولين إلى جانب مئات "المحوشين" الذين ليس لهم علاقة بالمولد.. كما ستشكل لجان لا حصر لها وتصرف من أجلها ميزانيات خيالية، وفي الأخير يا ريت نصل الى النجاح المنشود وتكون الاستضافة خاليه من "بهارات العشوائية اليمنية" المعتادة. صحيح أن مشاكلنا كثيرة منها ما هو مفروض ومقدر علينا كالتي ترتبط بإمكانيات البلد وهي أشياء بالتأكيد لا إرادية، لكن بالمقابل يجب الاعتراف أن هناك فشلا من صنع أيدينا وناتج عن سوء إدارتنا للأمور ويجب علينا وضع حدٍّ له – إذا أردنا التقدم الى الأمام – لأن تصحيح المسار مرتبط بنا نحن والحلول لا يمكن أن تنزل علينا من السماء. كما أن الشيء المحزن أنه رغم إدراكنا جميعا أن المسافة التي تفصلنا عن اللحاق بركب التطور كبيرة جدا إلا أننا في نفس الوقت لا نبذل أي جهد لتغيير تلك الصورة البائسة، وكل ما نفلح فيه للأسف هو الكلام واختلاق الأعذار، وكأن ذلك يكفي لتغطية الخيبة التي نحن فيها. والمصيبة الكبرى أنه في ظل العشوائية التي من صنع أنفسنا والواقع المرير والمعكوس الذي نعيش فيه تجدنا دائما نتساءل بكل سذاجة: لماذا نحن فاشلون والعالم يتطور من حولنا..؟! خلال تواجدي في المنامة التقيت بالكابتن أيمن الهاجري المحترف في الدوري البحريني مع نادي الرفاع الغربي وحضرت له أحد التمارين مع الفريق.. وحقيقة سعدت كثيرا بما وصل إليه أيمن من عقلية احترافية والتي بالتأكيد سيكون لها مردود إيجابي على مستواه الفني في الفترة القادمة، وهو الأمر الذي يصب في مصلحة المنتخب الوطني الذي أصبح ابن الهاجري مهاجمه الأول، كما سرني ما سمعته هناك عن الأخلاق العالية والتعامل الراقي لسفيرنا الرياضي والصورة الرائعة التي ينقلها عن اللاعب والمواطن اليمني بشكل عام.. تحية من القلب لنجمنا الرائع ونتمنى له التوفيق دائما.