ما الذي كان يفعله "عبدالمجيد الزنداني" في آخر أيّامه    رفض قاطع لقرارات حيدان بإعادة الصراع إلى شبوة    قذارة الميراث الذي خلفه الزنداني هي هذه التعليقات التكفيرية (توثيق)    قوات دفاع شبوة تحبط عملية تهريب كمية من الاسلحة    أكاديمي سعودي يلعنهم ويعدد جرائم الاخوان المخترقين لمنظومة التعليم السعودي    قيادي إصلاحي يترحم على "علي عبدالله صالح" ويذكر موقف بينه و عبدالمجيد الزنداني وقصة المزحة التي أضحكت الجميع    عاجل: الحوثيون يعلنون قصف سفينة نفط بريطانية في البحر الأحمر وإسقاط طائرة أمريكية    دوري ابطال افريقيا: الاهلي المصري يجدد الفوز على مازيمبي ويتاهل للنهائي    ريال مدريد يقترب من التتويج بلقب الليغا    لا يجوز الذهاب إلى الحج في هذه الحالة.. بيان لهيئة كبار العلماء بالسعودية    عمره 111.. اكبر رجل في العالم على قيد الحياة "أنه مجرد حظ "..    آسيا تجدد الثقة بالبدر رئيساً للاتحاد الآسيوي للألعاب المائية    رصاص المليشيا يغتال فرحة أسرة في إب    وزارة الحج والعمرة السعودية تكشف عن اشتراطات الحج لهذا العام.. وتحذيرات مهمة (تعرف عليها)    سلام الغرفة يتغلب على التعاون بالعقاد في كاس حضرموت الثامنة    حسن الخاتمة.. وفاة شاب يمني بملابس الإحرام إثر حادث مروري في طريق مكة المكرمة (صور)    ميليشيا الحوثي الإرهابية تستهدف مواقع الجيش الوطني شرق مدينة تعز    فيضانات مفاجئة الأيام المقبلة في عدة محافظات يمنية.. تحذير من الأمم المتحدة    أول ظهور للبرلماني ''أحمد سيف حاشد'' عقب نجاته من جلطة قاتلة    الجريمة المركبة.. الإنجاز الوطني في لحظة فارقة    فرع العاب يجتمع برئاسة الاهدل    الإطاحة بشاب وفتاة يمارسان النصب والاحتيال بعملات مزيفة من فئة ''الدولار'' في عدن    أكاديمي سعودي يتذمّر من هيمنة الاخوان المسلمين على التعليم والجامعات في بلاده    مأرب: تتويج ورشة عمل اساسيات التخطيط الاستراتيجي بتشكيل "لجنة السلم المجتمعي"    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    لا يوجد علم اسمه الإعجاز العلمي في القرآن    حزب الإصلاح يسدد قيمة أسهم المواطنين المنكوبين في شركة الزنداني للأسماك    - عاجل شركة عجلان تنفي مايشاع حولها حول جرائم تهريب وبيع المبيدات الخطرة وتكشف انه تم ايقاف عملها منذ6 سنوات وتعاني من جور وظلم لصالح تجار جدد من العيار الثقيل وتسعد لرفع قضايا نشر    ناشط يفجّر فضيحة فساد في ضرائب القات للحوثيين!    المليشيات الحوثية تختطف قيادات نقابية بمحافظة الحديدة غربي اليمن (الأسماء)    خال يطعن ابنة أخته في جريمة مروعة تهزّ اليمن!    مغالطات غريبة في تصريحات اللواء الركن فرج البحسني بشأن تحرير ساحل حضرموت! (شاهد المفاجأة)    الدوري الانجليزي ... السيتي يكتسح برايتون برباعية    الزنداني.. مسيرة عطاء عاطرة    مأرب.. تتويج ورشة عمل اساسيات التخطيط الاستراتيجي بتشكيل "لجنة السلم المجتمعي"    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34305    إيفرتون يصعق ليفربول ويعيق فرص وصوله للقب    انخفاض الذهب إلى 2313.44 دولار للأوقية    المكلا.. قيادة الإصلاح تستقبل جموع المعزين في رحيل الشيخ الزنداني    ذهبوا لتجهيز قاعة أعراس فعادوا بأكفان بيضاء.. وما كتبه أحدهم قبل وفاته يُدمي القلب.. حادثة مؤلمة تهز دولة عربية    مفاوضات في مسقط لحصول الحوثي على الخمس تطبيقا لفتوى الزنداني    تحذير أممي من تأثيرات قاسية للمناخ على أطفال اليمن    الجهاز المركزي للإحصاء يختتم الدورة التدريبية "طرق قياس المؤشرات الاجتماعي والسكانية والحماية الاجتماعية لاهداف التنمية المستدامة"    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    نبذه عن شركة الزنداني للأسماك وكبار أعضائها (أسماء)    الإصلاحيين يسرقون جنازة الشيخ "حسن كيليش" التي حضرها أردوغان وينسبوها للزنداني    طلاق فنان شهير من زوجته بعد 12 عامًا على الزواج    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    دعاء الحر الشديد .. ردد 5 كلمات للوقاية من جهنم وتفتح أبواب الفرج    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    برشلونة يلجأ للقضاء بسبب "الهدف الشبح" في مرمى ريال مدريد    دعاء قضاء الحاجة في نفس اليوم.. ردده بيقين يقضي حوائجك ويفتح الأبواب المغلقة    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    كان يدرسهم قبل 40 سنة.. وفاء نادر من معلم مصري لطلابه اليمنيين حينما عرف أنهم يتواجدون في مصر (صور)    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    لحظة يازمن    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تخقيق مصور : يمنيون يواجهون الموت في البحار والصحارى بحثا عن الحياة

- الدبيسي: رأيت السماء حمراء والبحر أحمر وسمعت صراخ النساء والأطفال واستغاثات يا الله يا الله
- السفارة اليمنية في ليبيا: 7 مهاجرين يمنيين دخلوا ليبيا عبر السودان غرق بهم القارب الذي كان يحمل أكثر من 100 شخص وتم إنقاذ 3 منهم بينما فقد 4 يمنيين وحتى الان لم يتم العثور عليهم
- طلاب يمنيون مبتعثون للدراسة في المغرب يتراوح عددهم بين 65 - 70 طالباً بينهم طالبة واحدة تركوا مقاعد الدراسة وهاجروا إلى أوروبا


رأوا مستقبلهم يتهاوى أمام أعينهم، وأعمارهم تذوي في أوطان صارت مقابر فأصبح أقصى ما يتمناه الشباب اليمني والعربي بشكل عام هو الوصول إلى أوروبا.. الجنة الموعودة.

فارون من الموت إلى الموت، يمضون في طريق شاق وخطر بحثاً عن الحياة ووطن يتسع لأحلامهم وتلك الأشياء البسيطة (حرية وصحة وتعليم وأمن واستقرار وكرامة) التي فقدوها في أوطانهم علهم يجدونها في وطن بديل يستحق المغامرة من اجل الوصول إليه!

عبر قوارب متهالكة وصحراء مترامية الأطراف، ورحلة محفوفة بالمخاطر يغامرون للوصول إلى أرض الأحلام، هم يعتقدون أنها تستحق أي ثمن يدفع من أجل الوصول إليها حتى وإن كان هذا الثمن هو حياتهم.
يتسلل عدد كبير من اليمنيين إلى دول أفريقية بهدف الهجرة إلى أوروبا عبر البحر أو الصحراء، وبرغم ذلك لا توجد إحصائيات دقيقة بعدد الذين حاولوا الهجرة، لأن الشباب يدخلون بطرق غير شرعية وحسب مصدر في وزارة الخارجية اليمنية فإن ما يصل إلى الخارجية هو ما يصل إلى السفارات من معلومات عبر السلطات في تلك الدول في حال غرقوا أو ألقي القبض عليهم أو تم التواصل معهم.

يقول مصدر في السفارة اليمنية في ليبيا ل"المصدر أونلاين": السفارة رفعت تقريراً إلى الخارجية تفيد فيه بدخول عدد من المواطنين اليمنيين إلى ليبيا بطرق غير شرعية بهدف اللجوء إلى أوروبا، وحسب التقرير فإن الظاهرة زادت خلال الأعوام 2016، 2017، 2018 حيث بلغ عدد المهاجرين اليمنيين خلال تلك الأعوام أكثر من مائة مهاجر أعمارهم مابين 16 و30 عاماً تم إعادة 55 مواطناً يمنياً إلى اليمن عبر منظمة الهجرة الدولية، و6 أشخاص عادوا على حسابهم الخاص، و 19 مواطناً نقلوا إلى ايطاليا والنيجر عبر المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، و 9 أشخاص رفضوا العودة إلى اليمن مسجلين لدى المفوضية، وظلوا في مراكز الإيواء التابعة لجهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية بطرابلس وتاجوراء على أمل نقلهم لدولة أوروبية.

وأكد أن بين المهاجرين الذين دخلوا ليبيا عبر السودان 7 مهاجرين غرق بهم القارب الذي كان يحمل أكثر من 100 شخص بينهم هؤلاء اليمنيين وتم إنقاذ 3 منهم بينما فقد 4 يمنيين وحتى الان لم يتم العثور عليهم.
مشيراً إلى أن السفارة تواصلت مع سفاراتنا في مصر والسودان بهدف التوعية والتحذير من مخاطر الهجرة بطرق غير شرعية.

وقالت مصادر دبلوماسية ل "المصدر أونلاين" إن تسعة شباب يمنيين قبل عامين خططوا للهجرة إلى أوروبا عبر عصابة تهريب في مصر، ألقي القبض عليهم في الإسكندرية، تم ترحيل بعضهم إلى اليمن، ولا تعلم إن كانت هناك محاولات أخرى، كما تفيد المعلومات الواردة من جنوب أفريقيا بدخول عدد من اليمنيين بطرق غير شرعية إلى مدغشقر ومنها وعبر مهربين دخلوا إلى جنوب إفريقيا ليخططوا لرحلتهم القادمة إلى الغرب ولم يحدد أين كانت وجهتهم!
السفير علي اليزيدي كان قد أوضح أن السفارة اليمنية في الجزائر لا تعلم بالطرق التي يسلكها هؤلاء كون دخولهم غير شرعي، وكل ما يتعلق بهذه الحالات ووصلت إليهم تم رفعها إلى وزارة الخارجية اليمنية وطالبوا بتحرك إعلامي لتحذير المواطنين اليمنيين من خطورة هذه الهجرة على حياتهم وممتلكاتهم.

في المغرب تؤكد المصادر دخول عشرات اليمنيين بهدف الهجرة إلى أوروبا، كما أن عدداً من الطلاب اليمنيين المبتعثين للدراسة في المغرب يتراوح بين 65 - 70 طالباً بينهم طالبة واحدة تركوا مقاعد الدراسة وهاجروا إلى أوروبا.

محمد حكاية الوجع اليمني
"لقد مات غريباً كما يموت مئات اليمنيين في كل أنحاء الأرض يعيشون ويموتون غرباء دون أن يعرفوا أرضا صلبة يقفون عليها .. يا إلهي كم نحن غرباء، كم نحن غرباء!" محمد عبد الولي.

كانت قصص الأديب اليمني الراحل محمد عبدالولي في مضمونها تجسد معاناة الإنسان اليمني في بلدان الإغتراب، اليمني الذي هاجر بحثاً عن الرزق والحياة الكريمة وهرباً من بطش الأنظمة الحاكمة، لكن روايته (يموتون غرباء) كانت أكثر واقعية في تصوير الأحداث ومعاناة المهاجر في غربته، كيف أن حلماً يتحقق في القرية لبطل الرواية، يشار إلى بيته بالبنان له "أحسن بيت" وحين يقرر العودة إلى قريته وأسرته يموت غريباً ويدفن في ارضٍ غريبة ولا أحد يشير إلى قبره ويقول "أجمل قبر في الدنيا قبر عبده سعيد".

لو كان محمد عبدالولي على قيد الحياة لربما ألف أعظم عمل روائي يجسد واقع (التغريبة اليمنية) في القرن ال21، التغريبة الأشد مرارة ومأساوية، فاليمني اليوم لا يموت غريباً وغرقاً أو تبتلعه رمال الصحراء فقط، بل حتى تلك الأرض الغريبة ترابها غالباً لا يحتضن جسده ال (مفقود).
من موريتانيا إلى مالى ثم إلى الجزائر كانت رحلة الصحفي محمد الأهدل التي انتهت بموته غرقاً قبل ان تبدأ، شابٌ في الرابعة والعشرين ربيعا وصل جثمانه يوم 9 مارس الماضي إلى اليمن وووري الثرى قبل أكثر من أسبوعين في صنعاء، محمد فقد عمله في المملكة العربية السعودية، وبلاده تعيشا حالة حرب، أغلقت الأبواب في وجهه فكان قرار الهجرة.

أخبر أصدقاءه بأنه سيهاجر مهما كلفه الأمر، منتصف فبراير الماضي على بعد 20 كم من ساحل مدينة وهران الجزائرية غرق القارب الذي كان يقله ورفاقه، وجدوا جثث بعض من كانوا معه ولم يجدوا محمد، لأيام ظل أصدقاؤه وأسرته يبحثون عنه والأمل يحدوهم في أن يكون على قيد الحياة، رفعت السفارة اليمنية في الجزائر مذكرة إلى السلطات الجزائرية مطالبة بمعرفة مصيره وكانت الصدمة يوم 28 فبراير إذ أعلنت السفارة اليمنية في الجزائر عثور وزارة الخارجية الجزائرية على جثة الاهدل في ولاية الشلف على ساحل منس.
كان محمد ورفاق رحلته، يمنيون ومن جنسيات فلسطينية وعراقية وسورية، قد سجلوا مقطعاً مصوراً قبل رحلتهم في قارب الموت.

يظهر في المقطع شباب يفترشون الأرض ووجوههم تحكي ماعاشوه في أوطانهم وفي رحلتهم، غرفة صغيرة مليئة بالتراب وبالأوساخ، لا تعيش فيها القردة - حسب وصفهم - في الفيديو تحدثوا عن معاناتهم وأحلامهم كلمات مليئة بالأسى والإحباط من حاضرهم وأمل بالمستقبل حين يصلون إلى وجهتهم، التسجيل تم بعد خمسة أيام من الاحتجاز، قالوا إنهم لا يعلمون أين هم وما مصيرهم! وهم حتى لايعلمون من احتجزهم، كل ما يعرفوه أن مسلحين ملثمين اقتادوهم إلى هذه الغرفة، دون ماء ولا طعام ولا دواء، كما صادروا منهم هواتفهم النقالة وفقط بقي هاتف واحد.
يزعم فرسان نبيل الذي يحكي قصة رحلته ل"المصدر أونلاين" والذي حالفه الحظ ووصل إلى إسبانيا في رحلة منفصلة أنه يعرف مكان هذه الغرفة؛ وهي استراحة تقع على الحدود بين مالي والجزائر.

يقولون "تم تهريبهم من أجل الوصول إلى أوروبا ودول حقوق الإنسان, سيطلبون اللجوء حين يصلون وسيبحثون عن عمل، هم على استعداد للعمل في أي مجال".
ما نشر في الفيديو كانت تقارير للأمم المتحدة و شهادات وإفادات لمهاجرين في ليبيا والجزائر للمنظمات ووسائل إعلام مختلفة قد أكدته عن سوء المعاملة التي يتلقاها المهاجرون.
مطلع العام 2019م عبرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عن قلقها إزاء سلامة مهاجرين من سوريا واليمن وفلسطين رحَّلتهم الجزائر وتقطعت بهم السبل في الصحراء على الحدود الجزائرية – النيجيرية.

قالت المنظمة إن المجموعة التي تضم نحو 120 شخصاً سورياً وفلسطينياً ويمنياً، احتجزوا في مركز تمنراست جنوب الجزائر قبل نقلهم إلى منطقة قريبة من موقع غوزام الحدودي في 26 ديسمبر الماضي وطالبت بالكشف عن مصير 20 شخصاً من هذه المجموعة علقوا في الصحراء!
في ردها السلطات الجزائرية اتهمت المفوضية بالتحامل والمتاجرة بملف المهاجرين غير الشرعيين، ونفت أن تكون قد رحًّلت لاجئين وأن قرارها جاء بعد رصد وحدات الجيش الجزائري تسلل جنود من الجيش السوري الحر تحت غطاء إنساني وبدعم من جماعات متطرفة تنشط في منطقة الساحل.
(استراحة ومخبأ للمهربين بعيداً عن أعين السلطات)

وفي تصريحات إعلامية قال مدير الهجرة في وزارة الداخلية الجزائرية حسان قاسمي "إن الجزائر استقبلت عشرات الآلاف من السوريين خلال السنوات الماضية لكن لا يمكن استقبال أعضاء جماعات مسلحة فارين من سوريا وان الأمر يتعلق بأمن بلاده، مشيراً إلى أن نحو 100 شخص وصلوا إلى الحدود الجنوبية بمساعدة مرافقين مسلحين محليين خلال الأسابيع القليلة الماضية، لكن تم رصدهم وطردهم بعد تسللهم إلى الجزائر”.
السفير اليمني في الجزائر عبر عن أسفه لوفاة الصحفي محمد الأهدل غرقاً وقال : كان محمد ضمن 17 يمنياً تم الإفراج عنهم كأخر دفعه، ولكنه كان اليمني الوحيد في القارب الذي غرق.

وأكد السفير اليزيدي في حديثه ل"المصدر أونلاين" احتجاز دفعات من اليمنيين في مقر الهلال الأحمر الجزائري في ولاية تمنراست، عدد منهم اتصل بالسفارة طالبين تدخلها.
وأشار إلى تلقي السفارة اليمنية رسالة من وزارة الخارجية الجزائرية تطالبهم فيها بتحمل تكاليف ترحيلهم إلى اليمن.
مضيفاً: أخبرناهم أننا لا نستطيع إعادتهم لأن بلادنا في حالة حرب، ثم تواصلنا مع ولاية تمنراست ولم نتمكن من إخراجهم واضطررنا إلى إرسال ثلاثة من الدبلوماسيين في السفارة إلى هناك حيث تم الجلوس مع والي الولاية والجهات الأمنية، أطلعناهم على وضع البلاد ومبررات مجيء هؤلاء إلى الأراضي الجزائرية، ثم طلبنا منهم السماح لهم بدخول البلاد وإعطاءهم فرصه للبحث عن مخرج أو العودة بطريقتهم الخاصة من حيث أتوا.
(صورة نشرت على النت لمجموعة شباب يمنيين غرق بعضهم في البحر أثناء محاولتهم الهجرة إلى أوروبا)
وواصل: تكررت هذه الحالة في ولايات أخرى حيث وصل ما يقارب 70 شخصاً وتم التواصل مع المسئولين في تلك الولايات وطلبنا منهم أن يكون تعاملهم كما تعاملت معنا ولاية تمنراست وفعلاً تم إطلاقهم.
البعض منهم حصلوا على بطاقات مؤقتة من مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان للتحرك في الجزائر والبحث عن مخرج من البلاد، وبعد هذه الحالات لم نبلغ من قبل أي مواطن يمني يطلب منا التدخل في وضعه.
وعن ترحيل مهاجرين بينهم يمنيين عبر الصحراء يقول اليزيدي: سمعنا بعض الأخبار وليست رسميه إن الجزائريين بعد هذه الحالات المتكررة وهي لا تخص اليمنيين فقط بل مواطنين من عده دول أنه يتم ترحيلهم مباشرة إلى حدود النيجر مؤكداً في الوقت ذاته عدم إبلاغ السفارة بوجود مواطن يمني طلب تدخلهم.

وفيما يتعلق بعودتهم إلى اليمن قال السفير اليزيدي: نحن لم نرحل أحداً وإن كانوا عادوا برغبتهم فلا علم لنا كيف تمت العودة، وأردف: حسب علمنا لا يوجد أي مواطن مسجون في السجون الجزائرية أو في المعسكرات.
منوهاً إلى أن القضاء الجزائري يحكم على من دخل البلاد بطرق غير شرعية بعقوبة السجن لثلاثة أشهر غير نافذة.
وأشاد السفير بتعامل الجزائر الطيب مع المهاجرين اليمنيين وقيامها بواجبها الأخوي تجاههم حسب تعبيره.
وأوضح اليزيدي أن دخول الوافدين إلى الجزائر بدأ قبل أشهر من الآن حيث يأتون عن طريق الخرطوم إلى موريتانيا ومن ثم يدخلون الأراضي الجزائرية بطريقه غير مشروعة باعتبار أن موريتانيا لا تطلب تأشيرة مسبقة من اليمنيين للدخول إلى أراضيها.

"المتوسط" المعبر المميت
في أغسطس 2018م وصفت المفوضية طريق البحر المتوسط بأكثر الطرق البحرية فتكاً في العالم حيث لقي 850 شخصاً مصرعهم خلال شهري يونيو ويوليو فقط، بعد شهر واحد حذرت المفوضية في تقرير آخر من أن مقابل انخفاض عدد المهاجرين غير الشرعيين الواصلين إلى أوروبا يرتفع معدل الخسائر بالأرواح بشكل حاد، وخاصة في البحر المتوسط.

وحسب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين بلغ إجمالي من لقوا حتفهم في المتوسط خلال 2018م أثناء محاولتهم الوصول إلى أوروبا 2262 شخصاً، وفي بيان نشر على موقعها منتصف يناير الماضي عبرت عن شعورها بالحزن لمصرع أو فقدان 170 شخصا في حادثتين منفصلتين في البحر المتوسط خلال هذا العام.
في ليبيا وحدها وصل عدد المهاجرين الذين أوقفوا العام الماضي 29 ألف مهاجر حسب الأمم المتحدة، غير إن تصريحات المتحدث باسم خفر السواحل الليبي أيوب قاسم أشارت إلى أن عددهم 15 ألف مهاجر فقط!

شباب في مقتبل العمر غادروا اليابسة ووجهتهم إيطاليا محملين بآمال وأحلام كبيرة، لكنهم وخلال أقل من ساعتين فقط عادوا إلى اليابسة جثثاً هامدة ومنهم من لم تعد حتى جثته لإكرامها، ومن بقي على قيد الحياة لا يصدق أن عمراً جديداً كتب له، هكذا بغمضة عين ابتلعهم البحر.
إن الطريق إلى أوروبا ليس معبداً بالورود. لكنه معبد بالنسبة إلى هؤلاء الشباب بعزيمتهم وإصرارهم للوصول إليها وان كان الموت يتربص بهم.
مطلع يوليو من العام الماضي كانت الفاجعة، لقد غرق المركب على سواحل طرابلس الليبية وكان على متنه حسب وليد الدبيسي الشاب اليمني الناجي من الموت بأعجوبة (130) بينهم نساء وأطفال.

"رأيت السماء حمراء والبحر أحمر، سمعت صراخ النساء والأطفال، سكرات الموت، كنت أسمع أصوات يارب ويا الله يا الله، كانوا يحركون الماء والموج يسحبني، الأصوات تتناقص لم أعد أسمع سوى صوتين فقط لقد (غرقوا)، كاد يغمى علي، لقد تذكرت أمي، تذكرتكم"
هذا ما قاله وليد الدبيسي لصديقه في اتصال هاتفي، حسب الحكاية التي سردها صديق لهما للمصدر أونلاين. لم يتوقف صديقه عن البكاء وهو يسأله: أين أنت يا وليد أين أنت؟
قال الدبيسي: كتب لي عمر جديد، لا أصدق أنني لازلت على قيد الحياة.

ثم يروي: انطلقنا في الساعة الثانية منتصف الليل تقريباً، مشينا في البحر ما يقارب ال50 كيلو، الساعة الثالثة كانت المياه تتسرب إلى القارب، وظللنا نبحر، وفجأة انفجر المحرك، كنا مائة وثلاثين، احترق أناس وغرق آخرون.
وليد الدبيسي ورفاقه انطلقوا من مصر إلى ليبيا وهناك التقوا بالشاب السابع جوهر الحرازي، واتفقوا على الهجرة عبر البحر إلى إيطاليا كانت نقطة الإنطلاق سواحل طرابلس الليبية، يبدو أن المهرب خدع المهاجرين, ففي تصريحات صحفية قال "عمري صويلح" وهو احد اليمنيين الناجين "حين رأيت عدد الأشخاص على المركب رفضت الصعود لأنه قيل لنا إننا سنكون فقط عشرين شخصا؛ لكنه تعرض لاعتداء من الركاب الذين أجبروه على الصعود إلى القارب".
الذين أجبروه على الصعود الى القارب ماتوا غرقى ونجا هو وعدد قليل بأعجوبة.

حسب الدبيسي فإن الناجين فقط 25 شخصا بينهم ثلاثة يمنيين (هو وعمري صويلح وعبد القادر الحضرمي)، بينما غرق أكثر من مائة بينهم نساء وأطفال وأربعة شباب يمنيين (جمال حيدرة، محمد الظاهري، جوهر الحرازي، صالح البيضاني).

نورية الحرازي وهي إعلامية ومخرجة تلفزيونية يمنية معروفة، هي شقيقة جوهر تقول للمصدر أونلاين: "أمي تعيش على أمل عودة أخي وأنه لازال حياً، غادر جوهر صنعاء بعد ما ضاق به الحال، ذهب إلى السودان يبحث عن عمل، ظل هناك لمدة عام ثم سافر إلى منطقة تقع على الحدود السودانية- الليبية وجد هناك عملاً وكان وضعه جيداً، لكن فكرة الهجرة إلى أوروبا ظلت تراوده وعندما التقى بالشباب الذين أتوا من مصر لنفس الهدف انضم إليهم، كانوا معاً في نفس الرحلة، سبعة لم ينجُ منهم سوى ثلاثة بينما أربعة لايزالون مفقودين بينهم أخي.
(جوهر الحرازي شقيق الإعلامية نورية الحرازي هاجر تهريباً مفقو ضمن أربعة من الذين رافقوه في نفس الرحلة)
منتصف يوليو2018م في منشور لها على حسابها في فيس بوك كتبت الحرازي: لم يخرج جوهر في رحلة رفاهية أو سياحة خرج بحثاً عن وطن ومستقبل وحياة، حياة بعيدة عن شعارات الموت، خرج بعد أن ضاقت به سبل الحياة.

تعذيب وبيع واغتصاب
هربوا من الحروب ومن الفقر على أمل الحصول على حياة كريمة، لكن هؤلاء المهاجرين تلقفتهم أيادي العصابات من المهربين والجماعات المسلحة في دول العبور منها ليبيا يتعرضون فيها لانتهاكات بشعة!

تقارير صحفية وحقوقية وبعثات الأمم المتحدة أكدت جميعها تعرض المهاجرين خصوصاً الأفارقة لسوء المعاملة في ليبيا وأنهم يجبرون على العمل داخل مراكز الاحتجاز أو في مزارع ومواقع بناء ومن يرفض القيام بالعمل الموكل إليه يتعرض للضرب ومنهم من تعرض لانتهاكات جنسية في مركز احتجاز بطرابلس، إضافة إلى أن مراكز الاحتجاز المكتظة يعاني فيها المحتجزون من نقص التهوية والإضاءة وعدم كفاية المراحيض ومرافق الاغتسال، بل بعضهم بيعوا كعبيد في الأسواق، أو اخذوا كرهائن وطلبت فدية من ذويهم! ووصف تقرير أممي صادر عام 2018 ليبيا بمكان غير آمن للمهاجرين بعد إنقاذهم أو اعتراضهم في المتوسط لتعرضهم لانتهاكات جسيمة، والتقرير الذي جاء في 56 صفحة جمع فيه مئات من شهادات الضحايا الذين تعرضوا لمختلف أنواع الإنتهاكات التي مورست بحقهم من قبل الجماعات المسلحة والمهربين وحتى من موظفين في الدولة منها الرق والسخرة والتعذيب والقتل، والاغتصاب حسب إفادة النساء والمراهقات للبعثة الأممية.

وفي خطاب لجوان ليو الرئيسة الدولية لمنظمة أطباء بلاحدود نهاية ديسمبر الماضي قالت: بوصفي الرئيسة الدولية لمنظمة أطباء بلا حدود فقد رأيت مناظر مروعة، بعضها كان في مراكز الاحتجاز في ليبيا العام الماضي "أناس في أوضاع مزرية محشورون في غرف قذرة، عالقون بلا حول ولا قوة، فاقدون لأي أمل”.
وأضافت: "روى رجال ونساء عن عنف واستغلال بالغين تعرضوا لهما أثناء رحلاتهم. وروت نساءٌ عن تعرضهن للاغتصاب ثم الإجبار على الاتصال بعائلاتهن لطلب المال. أطفال قُصَّر ونساء حوامل محبوسون في أقبية بدون رعاية طبية، الدموع في أعينهم ويطلبون أن يتم تحريرهم”.

*تنويه: كنت قد تواصلت مع احد المسئولين في جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية في ليبيا وأرسل لي حسابه على الفيس بوك، أرسلت له الأسئلة لكنه حتى اللحظة لم يفتح الرسائل سواء على الفيس بوك أو الواتساب.

فرائس بعيداً عن أعين السلطات
في تلك السواحل وتلك الصحارى وعلى الحدود بعيداً عن أعين السلطات، لايزال المهربون وتجار الموت وسماسرته ينتظرون الشباب المهاجرين كوحش ينتظر فريسته، يدفع الشباب الثمن باهظاً للوصول إلى أوروبا، وهذا الثمن ليس فقط ألاف الدولارات بل حياتهم، تتقاذفهم تلك الأيادي المجرمة العابثة بحياة الأبرياء من صحراء إلى أخرى ومن شاطئ إلى آخر.
من خلال رواية فرسان نبيل ل"المصدر أونلاين" حول رحلته إلى أوروبا يتضح إن هذه الشبكات لاتعمل بشكل منفصل والمهربون لا يعملون بشكل فردي، فالمهاجرون غير الشرعيين يسلمون من مهرب إلى أخر، من موريتانيا والمغرب ومالي والجزائر وليبيا ومصر والسودان.

بداية العام الحالي أعلنت الشرطة المغربية في طنجة اعتقال شبكة إجرامية متخصصة في تنظيم عمليات الهجرة غيرالمشروعة إلى اسبانيا، ووجدت الشرطة في منزل أحد المشتبهين 17 مرشحاً للهجرة، وتم ضبط جوازات سفر وسندات هوية جزائرية ومبالغ مالية، وحسب المتحدث باسم الحكومة المغربية مصطفى الخلفي الذي أعلن في مؤتمر صحفي في الرباط عام 2018 أن الأجهزة الأمنية المغربية فككت 80 شبكة تنشط في الهجرة غير الشرعية والإتجار بالبشر.
(فرسان نبيل بصحبة أحد المهربين المويتانيين)

وصل فرسان نبيل إلى هولندا بعد رحلة شاقة دامت لأشهر من الصومال، إلى السودان ثم إلى القاهرة والجبل الأسود ثم أعيد إلى القاهرة مرة أخرى.

هذه المرة غادر إلى موريتانيا من المغرب، في المطار تواصل مع مهرب موريتاني أرسل له شخصاً إلى المطار أوصله إلى احد الفنادق في نواكشوط وظل لما يقارب الأسبوع حتى يتجمع مهاجرون آخرون ويتم نقلهم في رحلة واحدة، كل مهاجر يدفع 1200 دولار للتهريب من موريتانيا إلي تمنراست الجزائر، تجمع مهاجرون من اليمن وسوريا وفلسطين، تحركوا في حافلة إلى حدود مالي ثم استقبلهم مهرب آخر رتب لهم رحلة بسيارة من الحدود حتى وسط الصحراء في مالي، نزلوا واستقبلهم مهرب جديد واستمرت رحلتهم خمسة أيام في الصحراء حتى وصلوا حدود الجزائر وفي الحدود انتظروا الحافلة التي ستقلهم إلى الجزائر جاءت الحافلة ووصلوا السابعة ليلا إلى منطقة بين تمنراست والحدود , ثم انتقلوا إلى سيارة تحمل رقماً جزائرياً وعندما اقتربوا من نقطة تمنراست نزلوا وواصلوا مشياً على الأقدام لعشر دقائق تقريبا حتى لا يتم تفتيش السيارة، سيارات تاكسي كانت بانتظارهم بعد تجاوزهم النقطة العسكرية، ظلوا لمدة أسبوع في إحدى الشقق كل شخص يدفع 20 دولاراً كل يوم.

ولدخول وهران دفع كل شخص 180 دولار للمهرب، وإلى وهران انطلقوا بعيداً ووصلوا بعد رحلة دامت 48 ساعة.
استمر التنقل من أيدي مهرب إلى آخر ومن دولة ومدينة إلى أخرى، وحسب فرسان فقد دفع كل شخص 1100 دولار لنقلهم إلى الناظور ووصلوا ونزلوا في فندق الحبيب ظلوا فيه ثلاثة أيام قبل دخول مليلية، في الناظور اتصلوا بالمهرب الذي سرق منهم بعض المال وأغلق هاتفه عادوا إلى الفندق واتصلوا بمهرب وبعد أسبوع ونجح في الدخول إلى اسبانيا عبر بوابة مليلة.

الخاتمة
ليس أقسى من الغربة والبحث عن وطن إلا الموت هناك في البعيد لا أهل ولا وطن، وجثة ابتلعها البحر، وفي الوقت الذي يصبح هؤلاء مجرد عناوين في وسائل الإعلام و أرقام في تقارير المنظمات والسفارات، يظلون ندبة في قلوب أحبتهم خصوصا أولئك المفقودين الذين لم يعثرعلى جثثهم وتعيش أسرهم على أمل أنهم أحياء في مكان ما وسيعودون!
والأمر لم ولن يتوقف هنا، لكن الهجرة مستمرة والموت مستمر، ولا نسمع عن إجراءات حقيقية وجدية من قبل السلطات اليمنية للحد من ظاهرة هجرة الشباب اليمني وموتهم في البحار والصحارى.

نجاح أحدهم في الوصول إلى الغرب يجعل الفكرة باقية في رؤوس الشباب وهي فكرة لاتراود الذكور فقط حتى الفتيات يفكرن بالمغامرة بل منهن من غامرت!
قبل عامين قالت لي: سأغادر تهريب عبر البحر إلى أوروبا.
قلت لها: لكنك تخاطرين، و تغامرين بحياتك، ربما يلقى القبض عليك ويزج بك في السجن وربما تغرقين، ربما تتعرضين للأذى، ألم تسمعي قصص نساء حاولن أيضاً؟
قالت: في كل الأحوال نحن خسرانين، نعيش وضعاً يفرض علينا المغامرة، يكفيني شرف المحاولة، ألا تعتقدين أن الكلاب هناك تعيش أفضل منا؟ يتوفر لها كل شيء ونحن لا تتوفر لنا حتى لقمة تبقينا على قيد الحيا، لقد غامرت فتاة ووصلت وغامر شباب وغرقوا في وسط البحر، مالذي سأخسره أنا إن حاولت!
وأخيراً
هل لازالت الإتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين تفي بالغرض؟ ماذا عن المهاجرين غير الشرعيين الذين فروا من بلدانهم التي تعاني من الحروب والفقر والاضطهاد ويعاملون بوحشية في مراكز الإيواء؟ أو من قبل دول العبور، برأيي هذه الإتفاقية بحاجة إلى تطوير من أجل حماية المهاجرين غير الشرعيين، الإتكاء على القانون الإنساني الدولي أو اتفاقيات حقوق الإنسان لم يعد كافياً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.