41 مسيرة شعبية حاشدة في صعدة لدعم غزة    35عاما في مدرسة الإصلاح    تيار نهب أراضي الدولة في عدن يجرف الواقفين في وجهه    الزبيدي يفاجئ الجميع: قرارات تعيد ترتيب الجنوب وتفتح مرحلة جديدة    العليمي وشرعية الأعمى في بيت من لحم    انتشال جثتي مواطنين سقطا داخل بئر في تعز    فرنسا وألمانيا تعززان الدفاع الجوي لبولندا بعد اختراق مسيّرات أجواءها    تمرد بن حبريش.. خنجر في خاصرة التنمية بحضرموت    رئيس الجنوب الفعلي يعلن فض الشراكة وإنهاء شرعية العليمي    الجدار الحديدي... هل يبنيه العرب أم يُدفنون تحته؟..واليمن يهدم الجدار ويمزق الصمت العربي    إسرائيل تحقق في فشل عملية "قمة النار" بالدوحة    ارتفاع ضحايا الغارات الاسرائيلية على صنعاء والجوف    الإصلاح انبثق من عمق النضال اليمني    رئيس إصلاح الجوف: قدمنا ثمناً باهظاً من التضحيات في المعركة الوطنية (حوار)    التاريخ يعيد نفسه… هولاكو جديد    عقوبات أمريكية جديد على 32 فردًا وكيانًا وأربع سفن على صلة ب"أنصار الله"    شعب إب يلاقي شباب المعافر وأهلي تعز يواجه وحدة التربة في ربع نهائي بطولة بيسان    توقف مصنع سجائر محلية الصنع وسط انتشار انواع من السجائر المهربة    الإصلاح.. 35 عاماً من الحضور والعطاء    البيض: خطوة الزبيدي التصعيدية كشفت عمق الخلافات داخل مجلس القيادة ونجاحها مرهون بموقف التحالف    خبير مالي: ضغوط على البنك المركزي للسحب على المكشوف ومديونية الحكومة تجاوزت الحد المسموح به    "يويفا" يختار ملعب أتلتيكو مدريد لاستضافة نهائي دوري أبطال أوروبا 2027    سهم "أرامكو" يتراجع 17% ويسجل قاعا سنويا جديدا للمرة الثالثة هذا الأسبوع    المجرم "طارق عفاش" يقتل الآباء ويهدي أبناءهم الأيتام حقائب مدرسية    اختتام أعمال المؤتمر العلمي الخامس لأمراض القلب في إب    "عربدة "    تدشين توزيع مادتي الديزل والاسمنت لدعم المبادرات المجتمعية في مأرب    رابطة علماء اليمن تدعو للصلاة بنية الفرج والنصر لأهل غزة    اختتام بطولة الحباري لقفز الحواجز بمناسبة المولد النبوي    مركز الهدهد يدين العدوان الصهيوني على المتحف الوطني بصنعاء    "القسام" تدعو الأمة للتضرع إلى الله الليلة لاستمطار الفرج لأهل غزة    هل يستعيد العبادي المساحات المنهوبة تحت غطاء قوانين "النفوذ"    فريق التوجيه والرقابة الرئاسي يزور مستشفى الشيخ محمد بن زايد التعليمي بشبوة    الارياني: عودة 16 قطعة أثرية إلى اليمن تتويج لجهود حكومية ودبلوماسية    نائب وزير الأوقاف يناقش سبل تعزيز دور القطاع    هيومن رايتس: صحفيو اليمن يتعرضون لانتهاكات جسيمة وندعو للالتزام بحماية حرية الصحافة    6 نصائح للنوم سريعاً ومقاومة الأرق    الأخضر يكتب التاريخ باللقب الخليجي    عربية السلة.. سيدات العلا يكسبن القرين الكويتي    عدن .. أزمة السيولة بين قرارات البنك المركزي وعجز الحكومة عن صرف المرتبات    إصلاحيون على العهد    مواجهتان حاسمتان في ختام الدور ربع النهائي لبطولة بيسان الكروية    المنتخب الوطني للشباب وصيفا لكأس الخليج العربي وعادل عباس أفضل لاعب    هيئة الآثار توجه نداء عاجل لليونسكو بشأن الغارات على منطقة التحرير    فريق التوجيه والرقابة الرئاسي يزور مركز اللغة السقطرية للدراسات والبحوث    الصحة تغلق 4 صيدليات وتضبط 14 أخرى في عدن    جنيف: ندوة حقوقية تدعو الى ممارسة الضغط على المليشيات الحوثية لوقف الانتهاكات بحق التعليم    محافظ حضرموت يتفقد الأعمال الإنشائية في جسر المنورة    إغلاق صيدليات مخالفة بالمنصورة ونقل باعة القات بالمعلا    ميسي يحقق إنجازا غير مسبوق في مسيرته    العثور على مدفن عمره 5500 عام في ياقوتيا الروسية    ضبط 86 متهماً بإعانة العدوان و7 مطلوبين للعدالة في الضالع    مدير شركة مصافي عدن: الأسابيع القادمة ستدخل الوحدات الانتاجية للخدمة    الاطلاع على تنفيذ عدد من مشاريع هيئة الزكاة في مديريات البيضاء    62 تغريدة صنعائية في حب "التي حوت كل فن": من يبغض صنعاء فإن له معيشةً ضنكًا*    تعز.. حملة ميدانية لإغلاق شركات الأدوية المخالفة للتسعيرة الجديدة    مرض الفشل الكلوي (20)    للمعاندين: هل احتفل الصحابة بالمولد بعد موت النبي عليه الصلاة والسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين عدن وصنعاء.. الريال المنقسم ينهك اليمنيين
نشر في يمني سبورت يوم 20 - 07 - 2025

عدن- في إحدى أسواق مدينة عدن جنوبي اليمن، يجلس عدنان أحمد أمام محله الصغير، ينادي بصوت مبحوح على المارة، لعلّ أحدهم يُقبل على شراء شيء من بضاعته الكاسدة، التي عصفت بها تداعيات الانقسام النقدي بين شطري البلاد، مما ولد ما يُعرف ب"الاقتصاد المزدوج"، مُخلخلًا استقرار الأسواق ومُربكًا موازين التجارة رأسًا على عقب.
يروي عدنان، وهو بائع خضروات، لموقع الجزيرة نت جانبًا من معاناته، قائلًا: "أشتري سلة الطماطم من مناطق الحوثيين ب5 آلاف ريال (بالعملة القديمة)، لكنني أحتاج في عدن إلى 30 ألفًا بالعملة الجديدة لسداد ثمنها".
ويضيف أن محله بات خاليا من الزبائن وأن حركة السوق شبه متوقفة، وأن "البيع تراجع إلى أكثر من النصف؛ كل يوم نخسر أكثر مما نكسب... خسرت خلال الأشهر الماضية نحو مليوني ريال، ولا أرى أملًا في تحسن قريب".
معاناة عدنان لا تمثّل حالة فردية، بل تعكس واقعًا يوميًا متكررًا في مختلف الأسواق اليمنية، شمالًا وجنوبًا، حيث يتحمّل المواطنون والتجار على حد سواء تبعات الانقسام النقدي بين صنعاء وعدن. ويعود هذا الانقسام إلى وجود بنكين مركزيين ونظامين مصرفيين متوازيين، مما فاقم انهيار العملة وأدى إلى شلل شبه كامل في البيئة التجارية وتردٍّ كبير في الأوضاع المعيشية.
عملة واحدة وسعران يعصفان باليمنيين
ويظهر الأثر المباشر لهذا الانقسام في تفاصيل الحياة اليومية للمواطنين. محمد العتيبي، وهو عامل بأجر يومي في عدن، يتقاضى 10 آلاف ريال (بالعملة الجديدة)، لكنه حين يُرسل هذا المبلغ إلى أسرته التي تعيش في مناطق سيطرة الحوثيين، تنكمش قيمته بسبب فارق الصرف لتُعادل بالكاد ألف ريال في صنعاء.
يقول العتيبي للجزيرة نت: "أحيانًا أشعر أنني أعمل هنا لأخسر هناك"، ويضيف أنه يضطر إلى تحويل مدخراته إلى دولارات أو ريالات سعودية لتجنّب خسائر التحويل، خاصة أن العملة الجديدة ممنوعة في مناطق الحوثيين، وقد تُصادر أو تُمزق إذا ضُبطت بحوزة المسافرين.
بداية الأزمة النقدية
حسب تقارير اقتصادية محلية، فإن جذور الأزمة النقدية في اليمن تعود إلى عام 2014، حين سيطرت جماعة الحوثي على العاصمة صنعاء، مما دفع الحكومة المعترف بها دوليًا إلى نقل مقر البنك المركزي إلى مدينة عدن عام 2016.
وعام 2020، عمّق الحوثيون هذا الانقسام بمنع تداول الأوراق النقدية المطبوعة بعد عام 2016 في مناطقهم، مما أدى إلى انقسام رسمي في العملة، رغم بقائها بالشكل الاسمي نفسه.
ومنذ ذلك الوقت، تبادل الطرفان إجراءات نقدية متصاعدة عززت هذا الانقسام. فبينما واصل البنك المركزي في عدن إصدار عملات ورقية جديدة، رفض الحوثيون تداولها، بل لجؤوا في مارس/آذار 2024 إلى إصدار عملات معدنية من فئة 100 ريال بحجة معالجة الأوراق التالفة، ومؤخرًا، أعلنوا سك عملة معدنية جديدة من فئة 50 ريالًا، بالإضافة إلى إصدار عملات ورقية جديدة فئة 200 ريال وطرحها للتداول.
وقوبلت هذه الخطوة برفض قاطع من البنك المركزي في عدن، الذي أصدر بيانًا رسميًا وصف فيه هذه الإصدارات بأنها "عملات مزوّرة وفعل عبثي"، معتبرًا أنها تندرج ضمن ما وصفها ب"حرب اقتصادية ممنهجة ضد اليمنيين".
الريال يهوي
ويرى مراقبون اقتصاديون أن الانقسام النقدي انعكس بشكل مباشر على مؤشرات التضخم وانهيار الريال اليمني، لا سيما في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دوليًا.
وأدى التوسع الكبير في المعروض النقدي إلى تضخم غير مسبوق، تُرجم بانهيار تاريخي في سعر صرف العملة المحلية، حيث لامس سعر الدولار حاجز 2830 ريالًا خلال الأسبوع الجاري، مقارنة ب215 ريالًا فقط في مطلع الحرب عام 2015.
ويُحذّر اقتصاديون من أن استمرار هذا الانقسام سيُفضي إلى مزيد من تفتيت الاقتصاد اليمني، وتوسيع فجوة الفقر، وزيادة الانكشاف أمام السوق السوداء.
بين الاقتصاد والسياسة
يرى الباحث الاقتصادي وفيق صالح، في تصريح للجزيرة نت، أن الانقسام النقدي تسبب في تفكك بنية الاقتصاد الوطني، وأسهم مباشرة في تدهور قيمة الريال وتراجع الثقة بالنظام المصرفي الرسمي.
وأوضح أن تشتت الموارد وضياعها بين سلطتين متصارعتين أدى إلى تراجع ملحوظ في الخدمات العامة، وتدهور مستويات المعيشة، فضلا عن تنامي المضاربات واتساع نطاق السوق السوداء.
الريال اليمني العمله اليمنية
فارق سعر الصرف بين العملتين القديمة والجديدة أدى إلى تآكل القوة الشرائية لدى المواطنين (شترستوك)
وأشار صالح إلى أن التفاوت الكبير في أسعار الصرف بين مناطق السيطرة المختلفة خلّف فجوات سعرية واسعة في أسعار السلع الأساسية، الأمر الذي زاد من معاناة المواطنين وأثقل كاهل التجار وعرقل حركة التجارة، بفعل القيود المفروضة على تحويل الأموال ونقل البضائع بين المناطق.
السياسة تُفشل الاقتصاد
بحسب خبراء آخرين، فإن معالجة الانقسام النقدي لم تعد مسألة فنية أو مالية فقط، بل أصبحت قضية سياسية، لا يمكن تجاوزها دون توافق بين أطراف الصراع.
وفي هذا السياق، يؤكد مصطفى نصر، رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، أن الانقسام النقدي هو أحد أبرز تجليات الأزمة السياسية المستمرة في اليمن.
ويُرجع ذلك إلى سيطرة جماعة الحوثي على مؤسسات الدولة الإيرادية والسيادية، وفي مقدمتها البنك المركزي، الذي كان يحتوي على احتياطي نقدي قُدّر بنحو 5 مليارات دولار قبل اندلاع الحرب، ثم استُنفد بالكامل لاحقًا.
ويضيف نصر -في حديثه للجزيرة نت- أن الانقسام النقدي ألحق أضرارًا واسعة بالاقتصاد اليمني، إذ تسبب في صعوبات شديدة في فتح الاعتمادات المستندية الخاصة باستيراد السلع الأساسية، كما عقّد التحويلات المالية داخل البلاد وخارجها، وهو ما أثّر سلبًا على حياة ملايين المواطنين، خاصة الموظفين الذين يواجهون خسائر كبيرة عند تحويل رواتبهم بين مناطق السيطرة المختلفة.
وأوضح نصر أن مناطق الحوثيين تشهد حاليًا ارتفاعًا في الأسعار رغم تثبيت سعر الدولار بشكل قسري، في حين تعاني مناطق الحكومة من انهيار مستمر في قيمة الريال وتضخم مفرط، مما يزيد من معاناة المواطنين، لا سيما أولئك الذين يعتمدون على دخولهم بالعملة المحلية.
وقال إن "معالجة الانقسام النقدي في اليمن تتطلب حلًا سياسيًا شاملًا، إذ لا يمكن توحيد السياسة النقدية والمالية دون تقدم حقيقي في مسار السلام. المسألة لم تعد اقتصادية بحتة، بل سياسية في جوهرها".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.