هناك ازمة ثقة جماهير الشعب اليمني والسلطة التوافقية الحالية ممثلة بقادة الاحزاب السياسية المشاركة في حكومة الوفاق وفي مقدمتهم القيادات السياسية والعسكرية والقبلية والدينية النافذة الممسكة بمفاصل السلطة والثروة في حزبي المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للاصلاح على وجه الخصوص وهو الامر الذي يدفع الشعب اليمني وقواعد هذه الاحزاب يوما بعد يوم للخروج الى شوارع مدن الجمهورية مرة اخرى مطالبا برحيل كافة القيادات العسكرية والسياسية والقبلية والدينية النافذة وكل امراء الحروب الذين شاركوا في الحكم و السلطة خلال الثلا ثة والثلاثين عاما السابقة دون استثنا ءاحدا منهم ............. ما لم تُمارس الدولة القوة في التعامل مع الخارجين على القانون فسنبقى تحت رحمة أمزجة كلفوت ومن إليه. تم إعادة محطة مأرب للخدمة، إلا أن الحكومة لم تتخذ ما يلزم لملاحقة من فجروا البرج. منذ أكثر من عامين؛ ارتفعت عمليات الاعتداء على الكهرباء وأنبوب النفط، غير أن الحكومة لم تُبذل أي مجهود لملاحقة المخربين. الحكومة متراخية بطريقة تدفعنا إلى ما هو أبعد من الوقوع تحت رحمة المخربين: انهيار ما تبقى من جسد الدولة الهشة. ستتكر عمليات تخريب الكهرباء، وأنبوب النفط، في مأرب، وستصل إلى مرحلة ستعجز فيها الحكومة عن إعادة الخدمة. نحن نسير في طريق لا يفضي إلا إلى انهيار الدولة بشكل كامل. .......... لا أستطيع أن افهم حالة السلبية التي يُراوح فيها الرئيس هادي مكانه باعتبارها مجرد عجز لرئيس متقدم في السن، يفتقد للحيوية المطلوبة، والمشروع الوطني، لمواجهة مراكز القوى التقليدية التي دمرت البلاد خلال العقود الماضية. هو لا يتحرك، وليس لديه مشروع وطني حقيقي، لهذا لم نسمعه يشكو إعاقة مراكز القوى، أو عجزه عن مواجهتها. خلافاً لذلك؛ يظهر الرجل في حالة انسجام وتعايش تام مع مراكز القوى، التي منحها ما لم تكن تحلم به في زمن ما بعد ثورة الشباب: شراكة غير معلنة في ممارسة الحكم، شراكة كاملة تُعبر عن نفسها في إدارة البلاد وفقاً لعملية تقاسم ممنهجة ومكشوفة للوظائف والأجهزة الرسمية. ......... تم الهجوم على قيادة المنطقة العسكرية الثانية في المكلا ضمن محاولة تصفية الحسابات داخل الجيش من قبل طرف مازال يُحاول الهيمنة على القوات المسلحة. بحسب المعلومات؛ فقد كان الهدف الرئيسي للهجوم يتمثل في قتل محسن ناصر، قائد المنطقة، الذي عمل على إقالة قيادات دينية متشددة، وأخرى مرتبطة بمراكز قوى، كانت تعمل ضمن شبكة واسعة للتهريب. ينتمي محسن ناصر إلى الضالع، وكان قائد الصواريخ، بما فيها صورايخ اسكود، في حرب صيف 94، وهو معروف كقائد عسكري محنك وشجاع. غادر البلاد كلاجئ سياسي، بعد هزيمة الطرف الذي كان يحارب في صفوفه، ثم عاد قبل سنوات وتم إعادته إلى الجيش كقائد للواء السابع التابع لقوات الحرس الجمهوري المنحلة. بعد أن فشل الجماعة في قتل الرجل، يحاولون اليوم إقالته تحت مبرر انه من بقايا النظام!! البديل الذي يريدون تعينه في قيادة المنطقة العسكرية الثانية هو قائد أركانها، وهو رجل دين متشدد، محسوب على أحد طرفي الصراع العسكري. يفترض إحالة محسن ناصر إلى التحقيق بسبب فشله في تأمين قيادة المنطقة، لكن عندما يتم استخدام التقصير الوظيفي لتصفية الحسابات، وتعيين بديل متشدد، فهذا أمر يقتضي الوقوف أمامه. ......... ذكرت المعلومات أن الرئيس هادي قال، لدى لقاءه، هذا الأسبوع، عدد من رجال القبائل، أنه "رئيس بلا دولة". قال ذلك في معرض تبريره الغياب الحاصل للدولة في أبسط مقوماتها، بما في ذلك الانقطاع الطويل للكهرباء جراء تفجير أحد ابراج نقل الخدمة في مأرب. وفقاً لهذا؛ فالرئيس هادي يريد منا دولة كي يديرها (!)، مع أننا انتخبناه كي يعمل على تحقيق طموحنا الوطني في بناء الدولة. تتمثل مهمة الرجل الأول، اياً كان وفي أي بلاد كانت، في بناء الدولة، ويُقاس نجاحه أو فشله في اقترابه أو إبتعاده من تحقيق هذا الهدف. والحقيقة أني لم أسمع قط رئيس طلب من شعبه بناء دولة كي يتمكن هو من حكمها. ما يحدث هو العكس: الشعوب تُراهن على قادتها في بناء الدول والأوطان، عبر توظيف الإرادة والمجهود الوطني العام. لو أنه أعلن عجزه، وأشار إلى الأسباب لكان أفضل له ولنا، بيد أنه يطلب دولة قوية كي يحكمها، وكأنه حصل على موقع الرجل الأول في البلاد كبدل نهاية خدمة! ............