لقد دأب الرئيس السابق الزعيم / علي عبد الله صالح ، ومنذ انتخابه رئيسا للبلاد عام 1978م على بناء استراتيجية عسكرية صلبة تتكسر عليها كل المؤامرات والولاءات الضيقة ، وتتحقق معها كل المكاسب والمنجزات الوطنية ، وأن تكون قادرة على حماية الثورة ومشروعها التحرري الوطني التقدمي الحديث ،ومكاسبها الوطنية، وينظر اليها في نفس الوقت كجزء رئيسي من الثوابت العامة، وركن اساسي لمنهج حكم الدولة اليمنية الحديثة. وهو مايعني إيجاد أرضية صلبة وقواعد متينة، للاستراتيجية السياسية المتهالكة،والتي كان ينبغي على الرئيس صالح ملابسة أبعادها وفك طلاسمها ومحاكاة طقوسها ، وردم الفجوة السحيقة التي كانت بين الاستراتيجية السياسية والعسكرية،بسبب الصراع السياسي لتلك الفترة، ومن ثم إعادة تخطيط ملامحها السياسية بما يوجد العلاقة المتينة بينمها وبأساليب مختلفة عما كان سائداً في واقع المؤسسة العسكرية والامنية اليمنية ،وطبقا لحاجة اللحظة الآنية أولا، وبحسب المحور المستقبلي الذي ينظر الى تنظيمها على فلكه ، بقرار سيادي موحد ثانيا، وذلك لأن الأحكام الأساسية للمذهب العسكري ،تنبثق – في الاصل - من السياسة الداخليه والخارجية للدولة .وبالتالي نجد أن الاستراتيجية العسكرية التي سعى الزعيم صالح الى تأسيسها كانت تقف على قواعد متينة وتسير على خطوط في غاية الدقة تتجلى في الامورالأتية: الأول :ايجاد علاقة حميمة بين الاستراتيجية السياسية والعسكرية، بما يسهم في توحيد القرار الاداري والسيادي للدولة . الثاني : بناء جيش وطني قوي تقوم جميع دعائمة البشرية المادية والمعنوية، على أسس وطنية فاعلة ، تتميز بالحداثة العلمية والفنية والتقنية. الخط الثالث: تحديد المذهب العسكري أوالعقيدة العسكرية ، للجيش اليمني ، وفق رؤيا عسكرية سياسية دقيقة، وذلك لأن أحكام المذهب العسكري أو العقيدة العسكرية ، تصاغ من قبل القيادة السياسية والعسكرية للدولة استناداً إلي تحليل موضوعي للظروف والموقف السياسي والعسكري في المنطقة المحيطة بالدولة المعنية، وبالأعداء المحتملين أو مصادر التهديد بشن الحرب علي الدولة، وبإمكانيات ونوايا وأساليب عمل العدو المحتمل، وتحليل إمكانيات الدولة الاقتصادية والعسكرية ،التي على ضوءها تتحدد الأهداف السياسية التي تتوخاها الدولة من خوض الحرب. الخط الرابع: حصر الغاية الوطنية ، للمؤسسة العسكرية والامنية ، بتحديد واجباتها الوطنية ، ومهامها الدفاعية، عن سيادة الوطن ، وأمن الامة واستقرارها وتحييدها عن أية نزاعات أو تحالفات سياسية داخلية ، أواقليمة دولية ،وتعميق روح الولاء الوطني ، والسلام الاجتماعي ، كصفة أساسية مميزة لهويتها العسكرية ، ومبررة لدواعي تطويرها اجتماعيا وعسكريا وامنيا. وهذا الامرفي غاية الاهمية ، إذ لا بد من وجود مذهب عسكري خاص لكل دولة ، مهما بلغ شأنها، صغيرة كانت أم كبيرة، قوية كانت أم ضعيفة. ولتحقيق هذه القناعة الملازمة ، فقد انتهز الزعيم صالح تداعيات حرب 20/ فبراير 1979م حينها ليخطو نحو تحقيق انفتاح سياسي جديد في أفق العلاقات الخارجية للبلاد من جهة . ومحاولة جادة لتطويع الاستراتيجية السياسية ، وتسخيرها لخدمة الاستراتيجية العسكرية، من جهة ثانية، حيث نشطت الديبلوماسية اليمنية ، في الولاياتالمتحدةالامريكية ، وعقدة مباحثات لممثلي اليمن والسعودية والولاياتالمتحدةالامريكية، ناقشت فيها مسألة تحديث الجيش اليمني ،حيث تعهدت السعودية بتمويل صفقات التسليح اليمنية ، كما تكفلت الولاياتالمتحدةالامريكية ، بتسليح اليمن حيث وقع الرئيس الامريكي جيمي كارتر، على مذكرة الى وزارة الدفاع الامريكية ، بإرسال صفقة السلاح المتأخرة منذ مطلع عام 1978م . والتي كانت تشتمل على 13طائرة (إف /5) و(64) دبابة (إم/60)إلى جانب توقيع الاطراف الثلاثة على صفقة جديدة بقيمة اربع مائة مليون دولار.. إن أهمية هذا الحدث كان بالنسبة للزعيم صالح ، يمثل أول انطلاقة يمنية على المستوى الخارجي ، نحو المؤسسة العسكرية الحديثة ، التي ستضطلع بأدوار حيوية جدا في إعادة موازنة المعادلة الاقليمية وتقديم اليمن كدولة مؤسسية تحتل ثقلا سياسيا واجتماعيا وعسكريا ، يجب أخذه بعين الاعتبار، في الحسابات الدولية المستقبلية،