كشفت مصادر سياسية عن نشوب مشادات بين وزير المالية صخر الوجيه والأمين العام للحزب الأشتراكي اليمني المستشار السياسي لرئيس الجمهورية الدكتور ياسين سعيد نعمان على خلفية موقف الحزب الإشتراكي من أحداث العنف المتصاعدة في بعض المحافظات الجنوبية. وأوضحت المصادر أن لقاء جمع رئيس حكومة الوفاق الوطني محمد سالم باسندوة ووزراء في الحكومة مع قيادات أحزاب اللقاء المشترك، يوم السبت، لمناقشة تطورات الأوضاع في البلاد. ووفقا للمصادر فقد وجه وزير المالية صخر الوجيه انتقادات لياسين سعيد نعمان على خلفية موقف الحزب الإشتراكي من أحداث العنف التي تشهدها محافظات جنوبية، حيث انتقد الوجيه تحول الإشتراكي إلى "مظلة للعنف والجماعات المسلحة"، وانتقد الوجيه صمت الإشتراكي عن عمليات العنف المسلح وإحراق المقرات الحزبية، الأمر الذي أثار غضب أمين الإشتراكي وتوجيهه عبارات حادة وانسحابه من اللقاء –بحسب المصادر.
من جهة أخرى ، انتهت، أمس، على مايبدو؛ حالة المواربة السياسية في الخطاب، التي انتهجها حزب الإصلاح منذ تشكيل اللقاء المشترك، إلى حالة من مهاجمة الحزب الاشتراكي اليمني بشكل واضح في وسائل إعلام الإصلاح، مع تصاعد أعمال العنف في الجنوب والاتهامات الموجهة للأخير بتأجيجها والوقوف في وجه "الحراك الجنوبي" كخصم.
وأخذت تصريحات الجانبين "الاشتراكي والإصلاح" أمس تصاعداً، في وسائل إعلام الجانبين، وسبقتها حالة من الامتعاض في "إعلام الإصلاح"؛ فيما يبدو ردا على افتتاحية صحيفة "الثوري" الناطقة باسم الحزب الاشتراكي، التي دافعت عن الرئيس السابق "البيض" ضداً على بيان مجلس الأمن بشأن معرقلي العملية الانتقالية.
وقالت افتتاحية "الثوري" والتي حملت عنوان "قسمة ضيزى" إن بيان مجلس الأمن "جرى "فيه" حشر اسم البيض بصورة لا توحي بشيء أكثر من أن المجلس كان في حاجة إلى رشفة شاي أو جرعة عصير لتمرير اللقمة الجافة".
واعتبر البيان أنه "من داخل حقبة من التاريخ المفتوح للهواء والريح والتزييف أُسْتحضر اسم علي البيض, بدون مقدمات, بهدف إعادة أرشفته إلى جانب الرجل الذي غدر به وبمشروع الوحدة بعد مدة قليلة من قرارهما التاريخي بتوحيد اليمن".
وتساءلت الصحيفة: "لا ندري من هي"الوجوه الكريهة", أهي التي صمدت في وجه الطغيان والقهر لتقاومه وتقضي عليه؟ أم هي التي تسكعت عند أبوابه ؟ والباقي يعرفه الجميع".
وأمس، نشر موقع "الصحوة نت" تقريراً عما سماه "الاشتراكي وفقدان البوصلة"، وأعده مركز يدعى "أبعاد" ويقوم هذا المركز بتدعيم وجهة نظر حزب "الإصلاح" حول قضايا ينتهجها الحزب ويرى فيها مشروعه المستقبلي.
وقال التقرير "إن الحزب الاشتراكي "في مرحلة التحول السياسي بعد الثورة الشبابية فقد الاشتراكي البوصلة تماماً بشأن القضية الجنوبية، بل فقد السيطرة حتى على مؤسساته التنظيمية بعد أن فقد السيطرة على أعضائه".
وأضاف: "أن وصول الإسلاميين إلى السلطة في بلدان الربيع العربي، واختيار عبد ربه منصور هادي لقيادة المرحلة الانتقالية وهو أحد أهم القيادات العسكرية الجنوبية التي ساهمت في انتصارات قوى الوحدة على قوى الانفصال في 1994، وكان ضمن قيادات أحد الفصائل التي تناحرت في 1986، زاد من حالة اللاسيطرة لقيادة الحزب على مؤسساته وأعضائه، التي تعيش أيضاً حالة من الاستقطابات الداخلية المدعومة من جهات خارجية".
أما عن اللجنة المركزية للاشتراكي فقال تقرير "أبعاد": إن "أعضاء اللجنة المركزية يدعمون علناً موقف الأمانة العامة إلا أن غالبية أعضائها يتجنبون أي انتقاد لأخطاء الحراك الجنوبي بما فيه الحراك المسلح شعوراً منهم أن الجنوب سيذهب للانفصال"، مشيرة إلى "أن ذلك سيساعدهم في حجز مكان في النظام الجنوبي القادم"، حسب قولهم.
وأفصح التقرير عن الغرض وراء مهاجمة الحزب الاشتراكي على هذه الشاكلة، حين قال "إن البعض من أعضاء مركزية الاشتراكي يستغل الأحداث لتشويه الشريك الحالي والخصم المتوقع حزب الإصلاح وأعضاءه في المؤسسات الحكومية بالذات في المحافظات الجنوبية دفعاً لإقالتهم والإحلال بدلهم لدعم المشروع الانفصالي".
وهاجم التقرير أيضاً، القطاع الطلابي للاشتراكي، وقال "إن غالبية قيادات فروع الحزب الاشتراكي تدعم الخيار الانفصالي ميدانياً وتورط البعض منهم في دعم العنف المسلح". اعتبر "أن القطاع الطلابي لم يعد للحزب سيطرة عليه".
واستطرد أن "قطاع طلاب الاشتراكي اخترق من قبل شخصيات ذات علاقة بتيارات مسلحة في الشمال والجنوب وممولة من إيران وهو ما تظهره بياناته البعيدة في رؤاها عن رؤى الحزب الذي يعبر بها من خلال بيانات الأمانة العامة أو اللجنة المركزية".
وأمس، أيضاً اجتمعت الأمانة العامة للحزب الاشتراكي، في صنعاء، للتعليق على الأحداث التي شهدتها محافظة عدن، وأدانت (بشدة) في بيان لها ما سمته "هذه الأعمال وما ارتبط بها من تصرفات متطرفة كانت وستظل سبباً في توليد المزيد من الاحتقانات والمواجهات الدامية والخطيرة والانقسام الوطني".
وقال البيان إن "أسلوب الشحن السياسي الذي سبق هذه الفعالية ظل ينذر بمواجهات كان بالإمكان تجنبها من قبل السلطة لو أنها تصرفت بمسؤولية إزاء أرواح الناس، وفي ظروف الاحتقانات الكبيرة التي شهدها الجنوب خلال الفترة الماضية، وعملاً بالقاعدة الشرعية التي تقول درء المفاسد مقدم على جلب المصالح".
وتابع البيان: "للأسف فإن المشهد اليوم يتكرر من جديد، ففي الوقت الذي كان فيه الشعب في الجنوب ينتظر حلولاً لمشاكله، وللظلم الذي تعرض له إذا به أمام خطاب تحريضي للسلطة ليستخدم أيضاً مظلة الوحدة ويدفع بها إلى الصدارة في مواجهة الاحتقان المتزايد دون أدنى شعور أو إحساس بجسامة المسؤولية في محاصرة الاحتقانات والبحث عن الحلول المناسبة لمشاكل الناس".
وحمل البيان "السلطة مسؤولية ما حدث باعتبارها المسؤول الأول على سلامة وأمن الناس والراعي لحقهم في التعبير السلمي وحمايته، مستنكراً "أعمال العنف التي تمارسها الأطراف الأخرى بما في ذلك الاعتداء على مقرات حزب الإصلاح أو الممتلكات الأخرى، وكذا الاعتداء على المواطنين بتلك الصورة التي تعكس تطرفاً منفلتاً يعكس بدوره حقيقة أن مرتكبيه لا يحملون أي قضية سوى الفوضى والتخريب".
واقترح بيان الأمانة العامة للاشتراكي "إقالة القيادات الإدارية والأمنية والعسكرية المسؤولة عن الأحداث التي جرت بعدن وغيرها من محافظات الجنوب". وكذلك "إجراء تحقيق شفاف من قبل لجنة محايدة ومستقلة بشأن ما جرى وإعلانه على الشعب وتحويل من تسببوا في هذه الجرائم إلى القضاء".
كما اقترح "إعلان موقف وطني شامل من العنف وأطرافه والمتسببين فيه والداعين إليه، واتخاذ إجراءات حاسمة بشأن معالجة المظالم في الجنوب وذلك من خلال التعامل الجاد مع النقاط العشرين التي تقدمت بها لجنة الحوار الوطني".
وطالب البيان السلطات "احترام حق الحراك السلمي في التعبير عن احتجاجاته وامتناع أجهزة الأمن عن اعتراضه أو التعدي عليه بل وحمايته ومحاسبة أي تعد عليه".
وترافق، ظهور البيان مع تصريحات إعلامية بين قياديين بارزين في كلا الطرفين، تطرق فيها إلى مواقف صريحة تضمنت انتقاداً لاذعاً للطرف الآخر، حيث قال عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي اليمني والمستشار السياسي لرئيس الوزراء علي الصراري إن الوضع المتفجر في عدن قابل للتفاقم والاتساع.
وقال الصراري في اتصال ل"الاشتراكي نت": "لا أظن أن التوجه الرسمي لإجراء تحقيق في ما جرى يوم 21 فبراير سيصل إلى أي شيء، هكذا تعلمنا من التجربة".واعتبر الصراري: "أن المسؤولين عن إشعال هذه الفتنة هم قيادة محافظة عدن وأخص بالذكر ثلاثة منهم المهندس وحيد رشيد محافظ المحافظة وناصر منصور مسؤول الأمن السياسي وعبد الحافظ السقاف قائد الأمن المركزي في المحافظة".
ودعا الصراري"إلى مواجهة هذا الوضع من خلال المشاركة الواسعة في حملة وطنية لإقالة الثلاثة المسؤولين على أقل تقدير".
في الجهة المقابلة، رد محمد عشال عضو مجلس الشورى المحسوب على حزب "الإصلاح" على تصريحات "علي الصراري" في موقع "الأهالي نت" التابع لحزب "الإصلاح"، وقال إنها "تحمل بصمات الفصيل الانتهازي الذي رقص على جراحات الجنوب في العقود الماضية"، مضيفاً "فتاح يعيد نفسه في مثل هذه الأشكال الانتهازية"، حد قوله.
وقال محمد عشال "إن هذا الفصيل يعيد نفس الدور الحاقد من خلال المزايدة على الدم المسال في عدن مشيراً إلى أن تصريح الصراري موجه إلى رئيس الجمهورية أكثر منه لمحافظ عدن"، حد تعبيره. وأضاف "نحن وحدويون بكل تأكيد ولكننا نحترم قناعات الآخرين مهما خالفتنا".