غريبة، يختفي رئيس الوزراء أسابيع وأشهراً ولا يسأل عنه أحد؟ الأخبار القليلة عن باسندوة صارت نوعية: غضب، احتد، حنق وغادر اجتماع الحكومة، وأصدر قراراً جديداً بتعيين مشرف على مشروع المياه في قرية نائية بشرعب، وأشياء من هذا القبيل! باسندوة، رئيس حكومة، لاعلاقة له بالكهرباء والأمن والمياه والصيد وتهامة والرياضة والتعليم العالي و..و..و، ولكنه لايتردد أن يصدر قرارات عليا لرؤساء أقسام في مكتب التربية بتعز ورؤساء شعب في مكتب الصحة ومشرف محلي لتانكي مياه في قرية لاتظهر على الخارطة؟!! الأسبوع الماضي ظهر دولته فجأة يفتتح معرضاً فنياً بلوحات تشكيلية عن وقائع تتعلق ب"شباب الثورة"، كما هو خبر وكالة سبأ. ليتساءل كاتب على الفيسبوك: وهل تطرق الرسام لواقعة "التزريق"؟!! خلال الأشهر الأولى على توليه المنصب الرئاسي أظهر باسندوة قدراً من النشاط. أرسل خطاب استدعاء إلى صانع نهضة ماليزيا، مهاتير محمد، الذي زار صنعاء واستمع إلى عرض فكاهي من رئيس الحكومة للعمل كمستشار خاص "دولي" لدى دولة باسندوة. الإعلام والصحافة سجلوها سابقة تاريخية مجيدة وأن حكومة الأستاذ محمد دخلت التاريخ وتنافس بقوة لاعتلاء قمته. الرجل المستبصر "مهاتير" غادر اليمن ولم يعد. ونسي الإعلام حكومة باسندوة عالقة هناك في "القمة"؟!!! من وقت مبكر كشفت حكومة (الأستاذ) عورتها أمام الداخل والخارج. وفي كل محافظة انتقلت إليها الحكومة للانعقاد كانت تخلف وراءها مصائب وكوارث. واسألوا عدنوتعز والحديدة(؟!). في تعز، تحديداً، مكث باسندوة مدة أطول من غيرها. لهذا تجتر تعز أزمات زائدة. وهناك لم ولن أنسى مشهد دولة الرئيس باسندوة في مناسبات مختلفة وهو يحمل مايكروفون قناة "سهيل" الفضائية. لم تكن مجرد صدفة عابرة. كانت إشارة مقصودة إلى مفتتح عهد، وإعلاناً دعائياً ليس للقناة بل لصاحبها وصاحب الرئيس باسندوة. لاخصومة أو عداوة شخصية لأحد مع باسندوة، لكنه كرئيس لحكومة تمثل اليمن، فشل بامتياز. وأحرق نفسه بعود ثقاب "أحمر" قدحه حميد. منذ قبل رئيس الوزراء على نفسه واستسهل الانصياع، حد التحول إلى حامل مايكروفونات شاشة الشيخ، فإنه بذلك الفعل قبل على نفسه، أيضاً، أن يكون الأضحية الجديدة للقوى القديمة نفسها التي احترفت انتقاء أضاحيها من خارج دائرتها، وخاضت الامتحانات بقيادات مستعارة، من طيب الذكر فيصل بن شملان، رحمه الله، إلى الأستاذ باسندوة، عافاه الله. أفضل خيار وقرار سيقدم عليه باسندوة، الآن، هو الترجل واستنقاذ نفسه من محرقة الإفناء اليومي لبقية صيت ورصيد أذهبتهما أشهر العام والنصف على رأس حكومة رئيسها مرؤوس! لم يكن موفقاً الرئيس هادي عندما خلع على باسندوة وحكومته حصانة زائدة في وجه الانتقاد والشكاوى من سوء الأداء والإدارة. وفي المقابل انصرف الرئيس كلية عن متابعة أداء الحكومة والمؤسسات العامة وانخرط في جدول أعمال عسكري استهلك أكثر من نصف الفترة الانتقالية. حتى سمعها هادي من المانحين والسفراء والمسئولين الأجانب والرعاة: حكومة باسندوة سيئة للغاية، الفساد المالي والإداري تضاعف، وعجزت عن استيعاب ملياري دولار (وفر) من ضمن تعهدات المانحين وتوجيهها في برامج تنموية وخدمية في الوقت الذي تطلب المزيد من القروض والمساعدات المالية(؟!) قبل انتصاف السنة المالية للعام الجاري (2013م) يعلن وزير المالية صخر الوجيه أن الميزانية العامة تعاني من عجز ويطلب مليار دولار وديعة في البنك المركزي!! الارتهان الحكومي المالي للخزنة القطرية الواهبة حوَّل الحكومة اليمنية إلى "متسول ببدلة أنيقة" قد لايمانع ارتهان السيادة واستقلال القرار مقابل حفنة من المال لم ولن يسألهم عنها أحد أين تختفي؟! زد على هذا أن الارتماء المبتذل في الأحضان القطرية كان سبباً مباشراً لاستدرار استياء الشقيقة الجارة. وبقيت السلطة والحكومة في اليمن عاجزة عن إرسال وفد حكومي إلى الرياض للبحث عن تسوية ما لملف المغتربين. وإذ تذرعت السلطة أو حكومتها بتأخر التأشيرات لوفد باسندوة، تطوع ناشط يمني في الفيسبوك بتقديم مقترح عملي: "يدخلوا تهريب"!! هذا، لأن شر البلية ما يضحك. ولكنه ضحك كالبكاء(..). أسوأ من كل هذا، هو أن هناك من يتستر على الحقيقة الكاشفة ببساطتها ووضوحها، بالهروب إلى الأمام واصطناع بطولات من خارج النص تماماً(!!). خلاصة الخلاصات، لم يحن الوقت، لإقالة باسندوة وحكومته بل لدفنها، بالأحرى، إكراماً للميت. * صحيفة المنتصف