على رقعة جغرافية متراصَّة من المهرة حتى صعدة يتوزع القتل بشكل يومي, يأخذ ما يمكن له أخذه من حياة القياديين العسكريين وضباط الأمن والشرطة.. وبعيداً عن هذا وذاك يظل المتهم مجهولاً, فيما تكون الجهات المسؤولة عاجزة من الدرجة الأولى عن كشف ملابسات القتل الذي يستهدف رجال الشرطة والأمن. وفيما يتابع الشارع اليمني نزق ومهاترات أرباب السياسة في مؤتمر الحوار الوطني، يقطف رجالَ الشرطة والأمن الموتُ المجهول، وتتصاعد وتيرة عمليات الاغتيال، في أطول سلسلة اغتيالات عسكرية وسياسية على مدى عقود مرت في عهد هذا البلد, في حين لم تعلن الأجهزة الأمنيّة حتى الآن نتائج التحقيق في أي من عمليات الاغتيال هذه. مؤخراً استيقظت العاصمة اليمنية صنعاء على حادثة قتل وسط الظهيرة استهدفت، العقيد في جهاز المخابرات عبد الرحمن الشامي وذلك بعد يومين من اغتيال مماثل استهدف ضابطاً في القوات الجوية العقيد عبد الوهاب عزام. وبوقوع حادثة الاغتيال هذه يستمر مسلسل الاغتيالات بحق ضباط وأفراد الجيش والأمن، وسط عجز الحكومة وفشل السلطات. لم تعد سلسلة الاغتيالات، هذه، عمليات تقليدية بدوافع أمنية فحسب بل صارت من المعتاد, يتلقاها الشارع اليمني بشكل شبه يومي. ويرى مراقبون أن تضاعف عمليات الاغتيالات في الآونة الأخيرة المصاحبة لعملية الانتقال السياسي التي تشهدها البلاد، لا تقتصر على العمليات الإرهابية، وإنما تصب في مصالح وتحولات سياسية, تنحو طابعاً إجرامياً وظيفياً في الوقت ذاته". وعلى مدى العامين الماضيين، ذهب العشرات بل المئات من كوادر الجيش والأمن في عمليات إرهابية لكن وزارتي الدفاع والداخلية لا تلقيان بالتهمة إلا إلى تنظيم القاعدة. عمليات مدروسة خبراء ومحللون سياسيون أشاروا إلى أن عمليات الاغتيال المتكررة لا تبدو طبيعية أو تقليدية بدافع أمني ولكنها كما يقولون عمليات مدروسة ومقصودة للتخلص من كمية المعلومة الهائلة التي يمتلكها المستهدَفون من الضباط والعسكريين والتي يرى الخبراء والمحللون أن وراءها قوى تقليدية مثقلة بالسواد فشلت في تمرير مشاريعها الصغيرة عبر ما يُسمى بالربيع العربي أو الثورات لتسلك طريق تصفية خصومها. وتظهر حوادث الاغتيال الاعتماد الكبير على الدراجات النارية وأسلحة كاتمة للصوت، بنسبة كبيرة من إجمالي عمليات الاغتيال، فيما تقل بقية العمليات بسيارات مفخخة وعبوات ناسفة. الجدير بالذكر أن النسبة الكبيرة من ضحايا هذه العمليات من الجنوبيين تثير مخاوف الكثير من المراقبين الدوليين والتي قد تدفع الجنوب إلى الإصرار على الانفصال عن الشمال تحت ضغط هذه المخاطر التي يتعرّض لها. ومع استمرار تساقط رؤوس ضباط وقادة الجيش واحداً تلو آخر، تشير إحصاءات رسمية إلى أن أكثر من 74 ضابطاً في الجيش تم اغتيالهم في حوادث متشابهة بذات الآلية والطريقة المعتادة خلال عام 2012م بواسطة دراجات نارية ومسدسات كاتمة للصوت. كما توضح إحصائيات غير رسمية أن معظم حوادث الاغتيالات من ضابط وقادة الجيش والأمن ب90 حادثة اغتيال أغلبها في حضرموت، وتتهم السلطات الأمنية تنظيم القاعدة بتنفيذ عمليات الاغتيالات بالمحافظة التي نزح إليها مسلحو القاعدة بمديريات وادي حضرموت، بعد هزيمتهم في أبين على يد قوات الجيش والأمن.