في ظل انقسام واضح في موقف المكونات السياسية، من تشكيل مجلس رئاسي، يواصل حشد من المناصرين لجماعة الحوثي، انعقاده في صنعاء، لتدارس ما قالوا إنها الخيارات السياسية للمرحلة القادمة، وبما يشبه حالة من السباق السياسي بينه وبين المكونات السياسية، لحسم مصير الفراغ الدستوري القائم في البلاد. وتلوح جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) بفرض خيارات سياسية عن طريق "المؤتمر الموسع" المنعقد في صنعاء، فيما إذا فشلت القوى السياسية في فندق "موفنبيك"، في الخروج برؤية موحدة لشغل الفراغ الحاصل بالسلطة، والمتمثل باستقالة الرئيس وحكومة "الشراكة الوطنية". وانسحب، أمس، ممثلو حزب المؤتمر الشعبي العام و"أحزاب التحالف الوطني"، وفريق "الحراك الجنوبي المشارك في الحوار الوطني"، من اجتماع موفنبيك. وقالت مصادر مطلعة مقربة من حزب المؤتمر، إن ممثلي المؤتمر انسحبوا من الاجتماع، رفضا للخروج عن الدستور، فيما واصل الاجتماع ممثلو أحزاب اللقاء المشترك وجماعة "أنصار الله". ويتمسك حزب المؤتمر والأحزاب المتحالفة معه، بالخيار الدستوري، واللجوء للبرلمان لحسم مسألتي استقالتي الرئيس والحكومة، وهو ما تفرضه أحزاب اللقاء المشترك. وأوضحت هذه المصادر لموقع "براقش نت" أن تكتل أحزاب المشترك وجماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، قدموا رؤية متطابقة بتشكيل مجلس رئاسي، في حين يتمسك المؤتمر الشعبي العام وأحزاب التحالف الوطني، وحزب العدالة والبناء والتجمع الوحدوي، وممثل الحراك، بالحل في إطار المؤسسات الدستورية. وفي السياق، انسحب، أمس الأول، مكون الحراك الجنوبي المشارك في مؤتمر الحوار الوطني، من جلسة المباحثات التي يرعاها المبعوث الأممي جال بن عمر. وقال المكون، في بيان له، وجهه إلى "شعبنا اليمني في الجنوب والشمال، إلى كل القوى الخيرة في هذا الوطن، إلى المجتمع الإقليمي والدولي والدول الراعية"، إنه "نظرا للمستجدات الحالية والتي لا تخفي تداعياتها على أحد، وما سيترتب على ما يدور في الاجتماع الذي ينعقد حاليا في فندق موفنبيك برعاية ممثل الأمين العام للأمم المتحدة، من أجل الحفاظ على المصالح الوطنية لشعبنا، فقد أعلنا أمس (الأول) 29 يناير، انسحابنا الكامل من الاستمرار في هذا الحوار العبثي الذي سيقود اليمن إلى المجهول". وأشار المكون إلى أن هذا الحوار "يجري تحت التهديد والحصار لقيادات الدولة الشرعية والسياسية، والذي جعل كل اليمنيين مرهونين بقوة التسلط والهيمنة". وأعلن مكون الحراك أن خيارهم "لا يتفق بالمطلق مع أي تشكيل لمجالس حاكمة أو ما شابه ذلك، يتجاوز ما ننشده من استمرار الشرعية وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني والشراكة بين الشمال والجنوب". ووضع المكون 4 نقاط كشرط لعودته للمفاوضات، وهي: إزالة أسباب استقالتي رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء، وإنهاء كل أشكال الحصار والتوتر والتهديد، والعودة إلى أوضاع ما قبل 21 سبتمبر 2014، ونقل انعقاد مجلس النواب إلى منطقة آمنة ليتمكن من اتخاذ القرار الصائب ومشاركة جميع الكتل البرلمانية، ووضع الضمانات الكفيلة لاستعادة الشرعية من خلال إدارة الدولة من خارج صنعاء، ونقلها إلى مدينة تعز، حتى تستقر الأوضاع. وقال البيان: "نؤكد لشعبنا أننا لن نكون طرفا في أي اتفاق أو محاولة لشرعنة الانقلاب". وبالتوازي مع هذه التطورات الرسمية، ينعقد في صالة "22 مايو" بالعاصمة صنعاء، مؤتمر موسع دعا إليه زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي، الأسبوع المنصرم، وقال منفذوه إنه سيخرج خلال 3 أيام من الانعقاد، ب"مقررات هامة". وفي افتتاحية فعاليات المؤتمر، تحدث صالح الصماد، رئيس المجلس السياسي لجماعة "أنصار الله"، وقال: أبلغت قيادة الثورة بأن شراكة الثوار غير مرحب بها من قبل قوى دولية، مضيفاً أن اليمن اليوم أمام فرصة تاريخية لاستعادة حضارته، وأن القوى التي تسلطت على البلاد حولت مصالح ثورتي سبتمبر وأكتوبر إلى مصالحهم. وأشار الصماد إلى أن من سماهم الثوار مصرون على الشراكة في إدارة البلاد رغم كل التجاوزات، فالشعب ليس ألعوبة في أيدي القوى السياسية، فإما السير مع الشعب أو يلفظها. وتحدث الصماد عن أن الحكومة كابرت ولم تقبل باستلام حديقة 21 سبتمبر، لاستغفال دور الثورة، معتبراً "أن ما بعد هذا اللقاء ليس كما قبله، كما أن المؤتمر سيستمر 3 أيام للخروج بمقررات هامة". من جانبه، ألقى عبدالناصر الجنيد، رئيس الملتقى الإسلامي الصوفي، كلمة قال فيها: "نرفض تمزيق اليمن تحت أي مسمى -أقاليم أو غيره- ولسنا قصراً أو جهالاً حتى تأتي الوصاية الخارجية لتحكمنا". وعن رجال الأعمال تحدث توفيق الخامري، وقال "إن السلطة كانت عبارة عن شركة خاصة، ولم تكن يوماً للشعب، وإن الأحزاب لم تعمل في يوم ما ببرامج حقيقية لمصلحة اليمن"، مضيفاً: "نريد جيشاً لكل اليمنيين، وليس جيشاً مذهبياً أو طائفياً"، مضيفاً بالقول إنه يجب ألا ننسى المغتربين ودورهم في بناء الاقتصاد اليمني. أما النائب عبده بشر، رئيس كتلة الأحرار في مجلس النواب اليمني، فقال "إن الدولة اليمنية يجب أن تكون دولة القانون، وليس دولة القبيلة أو الأسرة، وإن النظام السابق كان يعتمد على أهل الولاء والطاعة، وليس الكفاءة والنزاهة"، مؤكداً أنه في حال العجز عن الحل السياسي، فإننا ماضون في الخيار الثوري". كما تحدث في المؤتمر محمد القيرعي، رئيس منظمة الدفاع عن الأحرار السود، بكلمة قال فيها: "إن معرفتنا بحجم المؤامرة تتطلب وعيا لمواجهة كل الصعوبات، كما أن النضال في سبيل تنفيذ اتفاق السلم والشراكة لم يعد محصوراً بفئة محددة". واختتم بالقول: "جئتكم باسم مليون مهمش لنكون إلى جانبكم في هذا النضال". وقال موقع "أنصار الله" على الإنترنت، إن المؤتمر سيواصل انعقاده على مدى 3 أيام، حيث سيعقد جلسة مداولات اليوم من الساعة ال9 صباحا إلى الساعة ال12 عشر ظهراً، وسيخرج بمقررات هامة في الجلسة الختامية غداً الأحد. وتخشى جماعة "أنصار الله" من فشل المفاوضات السياسية بين القوى المنعقدة في فندق "موفنبيك"، ويقول مراقبون إن انعقاد المؤتمر الموسع بصنعاء هو للضغط على القوى السياسية لإنجاز مرحلة انتقالية جديدة، وللخروج من حالة الفراغ الدستوري القائم، كما يتخوفون من انهيار الوضع الأمني والعسكري، وخاصة في المناطق التي تقع خارج سيطرتها، ويعمق من هذا الشعور لدى الجماعة الاقتصاد الوطني المتدهور، وعدم قدرة الدولة على الإيفاء بالتزاماتها المالية إزاء آلاف من موظفيها. وفي أول ردود الأفعال الخارجية، على أنباء الاتفاق على مجلس رئاسي، رفض مجلس التعاون الخليجي ما سماها محاولات تشكيل "مجلس رئاسي" في اليمن. وقال الأمين العام للمجلس عبداللطيف الزياني، في مقابلة مع صحيفة "الحياة" المقربة من النظام السعودي، إن "الشرعية الدستورية هي لرئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي، ومثل هذا التوجه (السعي إلى تشكيل مجلس رئاسي) يتعارض مع الدستور اليمني، بحسب فهمي". وكان الزياني يرد على سؤال "الحياة" عن رؤيته إلى ما يجري تداوله من السعي لتشكيل مجلس رئاسي في اليمن، برئاسة هادي، وقال: "أؤكد أن دول مجلس التعاون تدعم الشرعية الدستورية في الجمهورية اليمنية، ممثلة في الرئيس هادي الذي تولى مقاليد الحكم بعد انتخابات وفق ما نصت عليه المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية". وأضاف: "أنصح بعدم المساس بشرعية الرئيس. من أجل المصلحة العليا لليمن وشعبه، ولضمان أمنه واستقراره، يقتضي أن يترك لرئيس الجمهورية المنتخب من الشعب ولرئيس الحكومة الحرية التامة في ممارسة مهامهم ومسؤولياتهم التي حددها الدستور اليمني، من دون ضغط أو إكراه، ودعمهما من الأطراف كافة والقوى السياسية والجهات المحبة لليمن، لتمكينهما من قيادة دفة السفينة في هذه المرحلة الحرجة التي يمر بها الشعب اليمني الشقيق". وتابع: "أثق في حكمة الشعب اليمني، وقدرته على تجاوز الظروف الصعبة، بما عهدناه فيه من وعي وحكمة، وتمسك بعروبته ودينه"، وشدد الزياني على أن "الشرعية الدستورية هي لرئيس الجمهورية، ودول المجلس تدعم الشرعية ممثلة في الرئيس عبد ربه منصور هادي، وتدعو إلى تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني التي وافقت عليها كل القوى السياسية والمكونات اليمنية، ونالت ترحيب ودعم المجتمع الإقليمي والدولي".