الإرياني: استسلام المليشيا فرصة تاريخية يجب عدم تفويتها والمضي نحو الحسم الشامل    الكشف عن الخسائر في مطار صنعاء الدولي    النمسا.. اكتشاف مومياء محنطة بطريقة فريدة    دواء للسكري يظهر نتائج واعدة في علاج سرطان البروستات    مكون التغيير والتحرير يعمل على تفعيل لجانه في حضرموت    انفجار الوضع بين الهند وباكستان    57 عام من الشطحات الثورية.    إنتر ميلان يحبط "ريمونتادا" برشلونة    إقالة بن مبارك تستوجب دستوريا تشكيل حكومة جديدة    الحوثيين فرضوا أنفسهم كلاعب رئيسي يفاوض قوى كبرى    الإمارات تكتب سطر الحقيقة الأخير    صرف النصف الاول من معاش شهر فبراير 2021    تتويج فريق الأهلي ببطولة الدوري السعودي للمحترفين الإلكتروني eSPL    في الدوري السعودي:"كلاسيكو" مفترق طرق يجمع النصر والاتحاد .. والرائد "يتربص" بالهلال    إنتر ميلان إلى نهائى دورى ابطال اوروبا على حساب برشلونة    وزير التعليم العالي يدشّن التطبيق المهني للدورات التدريبية لمشروع التمكين المهني في ساحل حضرموت    تحطم مقاتلة F-18 جديدة في البحر الأحمر    لماذا ارتكب نتنياهو خطيئة العُمر بإرسالِ طائراته لقصف اليمن؟ وكيف سيكون الرّد اليمنيّ الوشيك؟    الخارجية الأمريكية: قواتنا ستواصل عملياتها في اليمن حتى يتوقفوا عن مهاجمة السفن    طالبات هندسة بجامعة صنعاء يبتكرن آلة انتاج مذهلة ..(صورة)    بين البصر والبصيرة… مأساة وطن..!!    التكتل الوطني: القصف الإسرائيلي على اليمن انتهاك للسيادة والحوثي شريك في الخراب    محمد عبدالسلام يكشف حقيقة الاتفاق مع أمريكا    الرئيس المشاط: هذا ما ابلغنا به الامريكي؟ ما سيحدث ب «زيارة ترامب»!    بامحيمود: نؤيد المطالب المشروعة لأبناء حضرموت ونرفض أي مشاريع خارجة عن الثوابت    اليمنية تعلق رحلاتها من وإلى مطار صنعاء والمئات يعلقون في الاردن    تواصل فعاليات أسبوع المرور العربي في المحافظات المحررة لليوم الثالث    الوزير الزعوري: الحرب تسببت في انهيار العملة وتدهور الخدمات.. والحل يبدأ بفك الارتباط الاقتصادي بين صنعاء وعدن    النفط يرتفع أكثر من 1 بالمائة رغم المخاوف بشأن فائض المعروض    الكهرباء أول اختبار لرئيس الوزراء الجديد وصيف عدن يصب الزيت على النار    سحب سوداء تغطي سماء صنعاء وغارات تستهدف محطات الكهرباء    إنتر ميلان يحشد جماهيره ونجومه السابقين بمواجهة برشلونة    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الثلاثاء 6 مايو/آيار2025    حكومة مودرن    أكاديميي جامعات جنوب يطالبون التحالف بالضغط لصرف رواتبهم وتحسين معيشتهم    تحديد موعد نهاية مدرب الريال    ماسك يعد المكفوفين باستعادة بصرهم خلال عام واحد!    ودافة يا بن بريك    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    انقطاع الكهرباء يتسبب بوفاة زوجين في عدن    برشلونة يواجه إنتر وسان جيرمان مع أرسنال والهدف نهائي أبطال أوروبا    رسالة من الظلام إلى رئيس الوزراء الجديد    الثقافة توقع اتفاقية تنفيذ مشروع ترميم مباني أثرية ومعالم تاريخية بصنعاء    من أسبرطة إلى صنعاء: درس لم نتعلمه بعد    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    مليون لكل لاعب.. مكافأة "خيالية" للأهلي السعودي بعد الفوز بأبطال آسيا    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    مرض الفشل الكلوي (3)    إلى متى سيظل العبر طريق الموت ؟!!    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الطريق إلى القدس يمر عبر صنعاء
نشر في يمن برس يوم 23 - 10 - 2014

طويل متعرج كأفعى، هذا هو الطريق الذي من المقرر أن يخرج من طهران لينتهي في المقدس. «الطريق إلى القدس يمر عبر صنعاء» هذه المرة. انحدر بعيداً جهة الجنوب، مخلفاً القدس وراءه.
بعد ثورته، عام 1979 رفع الراحل الخميني شعاره الشهير: «الطريق إلى القدس يمر عبر كربلاء»، لتندلع حرب السنوات الثمان بين العراق وإيران للوصول إلى كربلاء، التي وصلها الإيرانيون بمساعدة «الشيطان الأكبر»، بعد أكثر من ثلاثين سنة من رفعهم الشعار الذي كان هدفه حينها بغداد.
وقبل أيام صرح علي أكبر ولايتي مستشار خامنئي بأن الطريق إلى القدس يمر عبر اليمن. مثير هذا التصريح الذي تسمعه، فتشعر برغبة في الضحك، ليس على الإيرانيين، ولكن على بعض الإعلام العربي الذي لا يزال يهتف لحائك السجاد، الذي يحوك الشعارات بالطريقة نفسها، التي يحوك بها سجاده المليء بالزخارف التي تخلب الأبصار.
فقد عبر أكبر ولايتي مستشار المرشد الأعلى الإيراني عن فرحته وارتياحه بسبب الانتصارات الأخيرة لجماعة «أنصار الله» الحوثية في اليمن. وقال خامنئي في لقائه مع وفد من الحوثيين زار طهران مساء السبت الماضي، «نبارك ونهنئ لكم لأن جماعة الحوثي تمكنت من رفع علم الثورة الإسلامية في اليمن». مؤكداً إن « طريق تحرير فلسطين يمر عبر اليمن».
لم يفت ولايتي بالطبع – أن يشير إلى أوجه التشابه بين حزبه في لبنان «حزب الله»، وجماعته في اليمن، «أنصار الله». والمدهش أنه حسب الطريقة الإيرانية، تسمي إيران ما هو لها باسم «الله»، حتى لا يطمع فيه غيرها، ولكي تعطي لنفسها مكانة المقدس أيضاً، فحزبها في لبنان هو حزب «الله»، وجماعتها في اليمن هم أنصار «الله»، وثأرها اسمه ثأر «الله»، حتى رجال دينها، هم آيات «الله»، في محاولات من النظام إلى التماهي مع المقدس في أمور سياسية خالصة.
ما علينا.. دعونا نعود إلى حكاية «الطريق إلى القدس»، أو إلى حكاية «القدس» نفسها، إذ أعلن الخميني آخر جمعة من كل رمضان يوماً للقدس، وسماه «يوم القدس العالمي»، وقد حصد به دعماً جماهيريا عربياً حينها، إلى درجة أن بعض المتدينين جداً من «عرب إيران» رووا حكايات متواترة أنهم رأوا صورته على القمر، وروجت وسائل إعلام إيرانية، لهذه المعجزة التي لم يكن هدفها إلا توسيع هالة «الهلال الإيراني»، الذي وجد طريقه إلى السماء العربية بعد سنوات من رحيل الخميني، صاحب الصورة المعلقة على أشعة القمر الصافية. وما من شك أن الالتفاف الجماهيري حول إيران وليس القدس نفسها – كان هو الهدف من «يوم القدس العالمي». وبما أن الخميني رجل دين فإننا نستدل على مكانة القدس بالنسبة لأسلاف الخميني وله ذاته قياساً – بحديث من كتاب «بحار الأنوار» للشيخ محمّد باقر تقي المجلسي، وهو ممن يوقرهم آية الله الراحل من علماء مذهبه، حيث يورد ما نصه «عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته يومًا عن المساجد التي لها الفضل، فقال المسجد الحرام، ومسجد الرسول صلى الله عليه وعلى آله، قلت والمسجد الأقصى جعلت فداك؟ فقال ذلك في السماء، وإليه أسري برسول الله صلى الله عليه وآله، فقلت إن الناس يقولون إنه بيت المقدس؟ فقال مسجد الكوفة أفضل منه» (ج 22 ص 90).
ما علينا.. دعونا نعود إلى حكاية «طريق القدس»، التي سمى الإيرانيون باسمها فيلق النخبة في الحرس الثوري، والمعد أساساً لاختراق الأمن القومي العربي، أعني «فيلق القدس»، الذي تفاخر زعيمه قاسم سليماني يوماً بأنه المتحكم في الشأن الأمني في العراق.
هذا الفيلق هو المسؤول بالطبع عن دعم كل المليشيات المسلحة التي زرعتها إيران في نسيجنا الشعبي، وشقت بها سلمنا الاجتماعي، بشكل ينبئ بمحاولات ثأر تاريخي على شعوب المنطقة وتراثها الفكري والحضاري، وبصورة تؤكد أن الهدف من إطلاق اسم القدس على هذا الفيلق ليس لأن هدفه تحرير القدس الشريف، بقدر ما هو حيلة من حائك السجاد ليجعلنا نتلهى باسم القدس في مسمى «فيلق القدس»، بدون أن نرى حقيقة أفعاله في تقويض الأمن القومي العربي، لا الإسرائيلي بكل تأكيد.
ونعود مرة أخرى إلى حكاية «الطريق إلى القدس»، الذي يمر الآن عبر صنعاء، على الرغم من أن صنعاء في جنوب الجزيرة العربية، بينما القدس في شمالها، نعود إلى الحكاية، لنتذكر معها تصريحات أحد مندوبي طهران في البرلمان الإيراني رضا زاكاني في وقت سابق، حيث أكد أن صنعاء هي رابع عاصمة عربية تسقط في يد إيران، بعد بغداد وبيروت ودمشق، قبل أن يختتم بالقول إنه «بعد الانتصارات في اليمن بالتأكيد سيبدأ دور السعودية».
الأمور واضحة، على الرغم من محاولات كتائب إيران الإعلامية في الصحافة العربية القول بأن إيران إنما تفعل ذلك في سبيل القدس، ولسواد عيون الفلسطينيين المظلومين، وهو الأمر الذي فضحه زعيم المعارضة المغيب مير حسين موسوي الذي قطع بأن النظام في طهران يرفع شعارات القدس، ومعاداة أمريكا وإسرائيل ليجعلها مجرد وسائل لدعم مصالحه في الداخل والخارج.
وبعودة أخيرة لحكاية «الطريق إلى القدس»، يظهر لنا أن خامنئي يريد أن يطول هذا الطريق، ويسير في منعرجات مختلفة، جنوباً وشمالاً، وشرقاً وغرباً، في البلاد العربية، مروراً بالرياض والدوحة وأبوظبي والقاهرة وعواصم المغرب العربي والسودان والخليج إلى أن ينتهي على حدود القدس عند عمَّان التي لن يجرؤ على تجاوزها، لسبب بسيط جداً، لا، لأن كلفة عودة القدس كبيرة وحسب، بل لأن القدس ليست في حسابات من رسم هذا الطريق، ولا شأن له بها إلا بالمعنى الذي تكون فيه هذه المدينة المقدسة مجرد ورقة على طاولة لعب حائك السجاد مع راعي البقر، وكذلك للتحشيد الجماهيري في الداخل الإيراني الذي يعاني أوضاعاً اقتصادية مزرية، وغير مسبوقة، وفي خارج إيران حيث من لا يزال يصدق أن الطريق الإيراني إلى القدس سينتهي فيها.
القدس للأسف هي حصان طروادة الإيراني الذي مكن قوات فيلق القدس من الاختباء فيه، قبل أن نفتح للحصان أبواب مدننا العربية، مدينة بعد أخرى، ليخرج من الحصان الخشبي جنود الاغريق الجدد يشعلون الحرائق في كل شارع وحارة في هذه المدن المحترقة، لنسمع من تحت الركام، ومن وراء الدخان صوتاً يقول: «صنعاء رابع عاصمة عربية تسقط في يد طهران». ولا عزاء للمخدوعين.
٭ كاتب يمني
* صحيفة «القدس العربي»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.