شن المرشد الإيراني علي خامنئي أمس حملة شديدة على الضربات الجوية التي يقوم بها التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ضد المتمردين الحوثيين في اليمن، ما يعكس حالة من التوتر بسبب العجز عن فعل أيّ شيء لوقف الغارات اليومية على الميليشيا المرتبطة بإيران. وقال خامنئي حسبما نقل موقعه الرسمي على الإنترنت، في إشارة إلى الدور السعودي في هذه الضربات “إن هذا العمل في المنطقة غير مقبول”.
وأضاف أن “عدوان السعودية على اليمن وشعبه البريء خطأ ،هذه جريمة وإبادة جماعية يمكن أن تنظرها المحاكم الدولية”.
واعتبر مراقبون أن خامنئي خرج عن وقاره المعتاد والاتزان في الحديث عن القضايا السياسية وتكلم بلغة حادة، لافتين إلى أن إيران وجدت نفسها لأول مرة في ورطة وعجز عن إنقاذ حلفائها الذين عودتهم بالدعم المالي والعسكري وإرسال خبراء، لكن لم يسبق لها أن خاضت حربا مع دولة أخرى دفاعا عنهم.
وتعود الورطة الإيرانية إلى كونها لم تحسب حسابا للهجوم الذي يقوده التحالف العربي على الحوثيين في اليمن، وإلا لكانت حددت خطوات الميليشيا المرتبطة بها، ولم تشجّعها على اجتياح صنعاء.
وأكد خامنئي أنّ السعودية التي تقود ضربات جوية على الحوثيين منذ أسبوعين بعد أن بدأوا حملة للسيطرة على مدينة عدنجنوباليمن لن تنتصر في هذا الصراع.
وجاءت تصریحات خامنئي خلال استقباله الخميس حشدا من الشعراء وقراء المراثي وذاكري مناقب أهل البیت بمناسبة ذكرى میلاد فاطمة بنت الرسول. إلى ذلك ذكرت وكالة الأنباء الإيرانية أمس أن إيران استدعت القائم بالأعمال السعودي في طهران بعد أن قال المتحدث باسم التحالف الذي تقوده السعودية ضد جماعة الحوثي في اليمن إن إيران تدرب مقاتلين حوثيين.
ونقلت الوكالة عن وزارة الخارجية قولها إن المبعوث استدعي بسبب “اتهامات لا أساس لها من الصحة” ذكرها العميد أحمد العسيري خلال إفادة صحفية الليلة قبل الماضية.
وتكشف هذه الخطوة، وفق المراقبين، عن وجه آخر لأزمة إيران في إدارة ورطتها في اليمن ولم تنجح السلطات الإيرانية في جهودها لإقناع السعودية عبر وسطاء بوقف الضربات الجوية التي تجري طيلة أربع وعشرين ساعة في اليوم.
ولم ترد المملكة على المبادرة التي أعلن عنها مرتضى سرمدي نائب وزير الخارجية الإيراني، والتي تدعو إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية في اليمن تشارك فيها جميع الأحزاب.
وهو اقتراح يفتح الباب أمام فرضية انسحاب الحوثيين من كل الأراضي التي سيطروا عليها بقوة السلاح، والاحتكام إلى الحوار وعودة مؤسسات الدولة وعلى رأسها عودة الرئيس عبدربه منصور هادي إلى صنعاء ورعايته الحوار مثلما تطالب بذلك السعودية ودول التحالف العربي.
وترفض الرياض رفضا مطلقا أيّ حوار في الشأن اليمني لا ينتهي بعودة الحوثيين عن انقلابهم والتخلي عن سلاحهم لفائدة الدولة اليمنية وسلطتها الشرعية ممثلة بالرئيس اليمني عبدربه منصور هادي. وتفاجأ الإيرانيون بالموقف الأميركي الذي انحاز إلى جانب السعودية، ودعّم تدخلها في اليمن، وتعهد بتوفير الأسلحة الكافية للتحالف العربي ليواصل مهامه في اليمن.
وكانت طهران تتوقع أن يكون من نتائج إمضائها على الاتفاق النووي إطلاق يدها في الملفات الإقليمية، لكن الموقف الأميركي من الحوثيين في اليمن، ومن ميليشيا الحشد الشعبي في العراق سيجعل الإيرانيين يعيدون حساباتهم في الرهان على الدعم الغربي.